ترتيب الحضانة في الإسلام

الحضانة هي مصدر الاسم حَضَنَ، والمراد بها رعاية الطفل وتربيته وحمايته والولاية عليه، يُقال: حضنت الأم طفلها، أي: ضمّته إليها وجعلته في ناحيتها، واحتضن الطفل، أي: تولّى حمايته ورعايته وتدبير أموره، وهي واجبةٌ شرعًا، لأنّ المحضون يهلك إن لم يقم بها أحدٌ، ويتساءل الكثير من المسلمين عن ترتيب الحضانة في الإسلام وحكمها وشروط استحقاقها.

ترتيب الحضانة في الإسلام

ترتيب الحضانة في الإسلاماتفق جمهور العلماء على أن الحضانة بالدرجة الأولى من حق الأم، وقد اختلفوا في ترتيب انتقال الحضانة بعد الأم في حال وفاتها، أو زواجها، أو رفضها حضانة الطفل، أو عجزها عن رعايته، على أن تكون الحضانة حقًا لقريباته من النساء أولاً، ثم تنتقل بعد ذلك إلى الرجال.

ويرجع السبب وراء تقديم الأم في الحضانة على الأب؛ لأن الأم اختصت بأمور ليست موجودة في الأب فهي أعرف بولدها، وأشد شفقة وحنوًا، وأكثر قدرة على تربيته والصبر عليه، وتفرغ وقتها لرعايته وتلبية احتياجاته، ولأن الطفل في بداية عمره يكون أكثر حاجة لأمه، خاصة إذا كان لا يزال رضيعاً؛ كذلك لأنها زادت على الأب بولادة الطفل.

وجاءت أقوال أئمة المذاهب الفقهية الأربعة في ترتيب الحضانة في الإسلام على النحو التالي:

  • المذهب الحنفي: فالقول في مذهب الإمام أبي حنيفة؛ أن الحضانة تنتقل بعد الأم إلى جدة الولد لأمه، ثم جدة الولد لأبيه، ثم أخته من الأم والأب، ثم أخته لأمه، ثم الخالة، ثم أخته لأبيه، ثم العمة.
  • المذهب المالكي: فالقول في مذهب الإمام مالك؛ أن الحضانة تنتقل بعد الأم إلى جدة الولد لأمه، ثم جدة الأم، ثم خالة الولد، ثم خالة الأم، ثم عمة الأم، ثم جدة الولد لأبيه، ثم جدة الوالد، ثم الأب ثم الأخت.
  • المذهب الشافعي: فالقول في مذهب الإمام الشافعي؛ أن الحضانة تنتقل بعد الأم لأمها، ثم لأم الأب، ثم أُمهاتها، ثم للأخت الشقيقة، ثم للأخت من الأب، ثم للأخت من الأم، ثم الخالة، ثم العمّة، ثم بنات الأخ، ثم بنات الأُخت.
  • المذهب الحنبلي: فالقول في مذهب الإمام أحمد؛ أن الحضانة تنتقل بعد الأم إلى أمها، ثم إلى جدة الأم، ثم إلى الأب، ثم إلى أم الأب، ثم إلى جدة الأب، ثم للأخت الشقيقة، ثم للأخت لأم، ثم للأخت لأب، ثم للخالة الشقيقة، ثم للخالة لأم، ثم لخالة لأب. ثم العمة، ثم عمة الأم، ثم عمة الأب، ثم خالة الأم الشقيقة، ثم خالة الأم غير الشقيقة، ثم عمة الأب الشقيقة، ثم عمة الأب غير الشقيقة، ثم بنت الأخ الشقيق، ثم بنت الأخ لأم، ثم بنت الأخ لأب، ثم بنت الخالة الشقيقة، ثم بعد ذلك لبنات أعمام الأب الأشقاء، ثم بنات العمات الشقيقات، على الترتيب السابق.

بينما ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى تقديم الحق في الحضانة للأقرب مطلقًا، وبالتالي فأن حق الحضانة بعد الأم ينتقل إلى الأب لا إلى الجدة لأم، وهذا ما رجحه أيضًا تلميذه ابن القيم -رحمهما الله-.

اقرأ أيضا: أحاديث عن الطفل

حكم حضانة الطفل

حكم الحضانةذهب الفقهاء إلى الحكم بوجوب الحضانة للطفل على جميع الأحوال والظروف، ووجوبها على الحاضِن بأحد أمرين:

  • الوجوب العيني: وتكون الحضانة واجبةٌ عينيًا على الحاضن إذا تفرّد بحق الحضانة للطفل، خشية تعميم حضانته وانتقالها للحاكم، الأمر الذي قد يُلحق الأذى بالطفل ويؤدّي لضياع حقوقه.
  • الوجوب على الكفاية: تكون الحضانة واجبةً على الحاضن وجوب كفايةٍ إذا نازعه عليها منازع، أو تَعدّد الحقُّ لأكثر من حاضن فإن أدّاها أحدهم سقطت عن البقيَّة.

والوارد في أجرة الحضانة أنّها حقُّ يؤدّى للحاضِنِ الفقير على اختلافِ حكم الحضانة عليه، أمّا تحصيلها فمن مال المحضون إن كان له مال، أو من مال من تجب عليه نفقة المحضون من الأقارب العصبات أو الأقارب الوارثين.

اقرأ أيضا: مصطلحات علم الفقه

شروط حق الحضانة

يُشترط فيمن يأخذ حق الحضانة أن يكون أهلاً لذلك، ولذلك فقد اشترط الفقهاء شروطًا لا تَثبُت الحضانة إلّا لمن توفّرت فيه، وهذه الشروط على ثلاثة أنواعٍ، فبعضها عامٌّ في النساء والرجال، وبعضها خاصٌ بالنساء، وبعضها خاصٌ في الرجال، وفيما يأتي بيان الشروط العامة:

  • الأمانة في الدين؛ فالفاسق غير مؤهلٍ للحضانة، حيث إنّه غير مُؤتمنٍ، والمراد بالفسق؛ أي الذي يضيع به المحضون، كمن اشتُهر بشرب الخمر، أو السرقة، أو الزنى ونحو ذلك.
  • البلوغ والعقل؛ فلا تثبت الحضانة لمجنونٍ أو صغيرٍ، فهم غير قادرين على إدارة أمورهم، بل مُحتاجون لمن يحضنهم.
  • الإسلام إذا كان المحضون مُسلماً، لأنّه لا ولاية للكافر على المسلم.
  • القدرة على القيام بشؤون المحضون.
  • عدم سفر الحاضن أو الولي سفر نقلةٍ.
  • أمن مكان الحاضن بالنسبة للمحضون.
  • الرشد؛ فلا حضانة للسفيه.

وتسقط الحضانة في بعض الأحوال، كأن يمتنع عنها من له الحقّ فيها، أو أن يكون غير مؤهلٍ لها؛ كالمجنون أو المريض أو الكبير في السن أو من لا يحقّق مصلحة الطفل.وكذلك من كانت متزوجة بأجنبيٍّ عن المحضون. وفي هذه الأحوال فإنّ الحضانة تتنتقل إلى من بعده، فإذا زال الأمر المانع من الحضانة عادت إلى مُستحقّها.

اقرأ أيضا: كيفية تربية الاولاد في الاسلام

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة