كرم الله عز وجل بني آدم وحلل لنا الزواج وخلق الزوجين من الذكر والأنثى، وأوضح حقوق وواجبات الزواج لكلا الطرفين، وأن هناك حساب وعقاب لمن يتخلف عن القيام بهذه الحقوق والواجبات، ولا نزال نجد في يومنا هذا الكثير من العائلات ممن يلتزمون بالزواج من الأقارب ويبتعدون عن الزواج من الغرباء، لذا يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة موقف الإسلام من زواج الأقارب من الناحية الفقهية والطبية.
موقف الإسلام من زواج الأقارب
وقد كان موقف الإسلام من زواج الأقارب محايداً، فبيّن له حكمه بالتفصيل، فهناك أقارب محلل للرجل الزواج منهن كما قال الله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ ٱلَّٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَٰلَٰتِكَ ٱلَّٰتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِىٓ أَزْوَٰجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا). (( الأحزاب: 50 ))
وهناك أقارب محرم الزواج منهن كما قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَٰتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَٰتُكُمْ وَعَمَّٰتُكُمْ وَخَٰلَٰتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلْأَخِ وَبَنَاتُ ٱلْأُخْتِ وَأُمَّهَٰتُكُمُ ٱلَّٰتِىٓ أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَٰعَةِ وَأُمَّهَٰتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِى فِى حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱلَّٰتِى دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَٰٓئِلُ أَبْنَآئِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلَٰبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا). (( النساء: 23 ))
ولم يذكر الإسلام نهياً واضحاً وصريحاً عن الزواج من الأقارب بل وضّح أنه لا فضل لزواج الأقارب على الأباعد ولا لزواج الأباعد على الأقارب، وبيّن أن هذا يعود للرجل والمرأة حين يقرران الزواج فكلٌ يختار الشريك المناسب له خَلقاً وخُلُقاً.
أي أنه لو كان هناك ضرر من ذلك الزواج لما أحله الله، ويذكر أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد تزوج من ابنة عمه زينب بنت جحش وزوَّج ابنته فاطمة الزهراء بابن عمه علي بن أبي طالب، ولم يزل السلف يتزاوجون من أقاربهم، والأمر في النهاية يعود إلى طبيعة المرأة، وطبيعة الرجل، ووجود طفل مشوه من زوجين قريبين لا يعني حصر ذلك في زواج الأقارب.
اقرأ أيضا: ما هو مفهوم الزواج في الإسلام
رأي الطب الإسلامي في زواج الأقارب
يجب أن نعرف رأي الطب أيضاً في هذه المسألة لأن هناك علاقة وطيدة بين الإسلام والطب، فيقول بعض الأطباء أنه لا يجب الحكم على زواج الأقارب أنه سبب الأمراض الوراثية في كل الحالات بل في بعضها.
كما لا يعتمد ظهور الأمراض الوراثية على العوامل الوراثية بين الأبوين بل على العوامل الوراثية المرضية المنتشرة بين أفراد المجتمع، وفيما يلي بعض التفاصيل:
- إذا كان انتشار العامل الوراثي المرضي بين 1 إلى 8% فإن زواج الأباعد لا يقي من الأمراض الوراثية وكذلك زواج الأقارب.
- وإذا كان انتشار العامل الوراثي المرضي أكثر من 12% وكان هناك أُسر نقية وراثياً فإن زواج الأقارب هنا أكثر أماناً وضماناً لعدم وجود هذه الأمراض الوراثي.
اقرأ أيضا: دعاء الزواج بمن نحب مستجاب
إيجابيات زواج الأقارب
- تزداد نسبة الانتظام وزيادة التوحيد في الصفات الوراثية.
- ترتفع القدرة على نقل الصفات المتوارثة إلى الأولاد.
- يعمل على المحافظة على صفات السلالة العائلية ونوعيتها.
سلبيات زواج الأقارب
كما لزواج الأقارب فوائد وإيجابيات، فإنّ له عيوب وسلبيات أيضًا، ومن بين هذه السلبيات ما يأتي:
- تنخفض نسبة الخصوبة بشكل كبير.
- يمكن أن تظهر عيوب خلقية في المواليد الجدد.
- يمكن أن ترتفع نسبة الوفاة الوراثية، إضافةً إلى النمو البطيء للأطفال.
- تزداد نسبة إمكانية نقل الأمراض الوراثية التي تكون في الآباء والأجداد إلى الأبناء.
اقرأ أيضا: ايجابيات الزواج
نسبة انتشار زواج الأقارب في العالم
تصل نسبة انتشار زواج الأقارب في العالم إلى 10.4% من إجمالي سكان العالم والذي يبلغ عددهم 6.7 وينتشر هذا النوع من الزواج خاصةً في مجتمعات شمال أفريقيا، غرب آسيا، والشرق الأوسط، حيث يبلغ معدل زواج الأقارب في تلك المناطق من 20 إلى 50% من إجمالي حالات الزواج لديهم.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن معدل هذا النوع من الزواج بدأ يتناقص في السنوات الأخيرة مقارنة بما كان عليه في الماضي، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حدوث انخفاض ملحوظ في زواج الأقارب بين الجاليات الباكستانية في النرويج.
اقرأ أيضا: أحاديث عن الزواج والنصيب