ألبرتو مانغويل مؤلِّف موسوعيّ مشهود له عالمياً ومترجم وكاتب مقالات وروائي. حازت كتبه جوائز عدة وكانت الأكثر مبيعاً. يعيش في الأرجنتين حيث يشغل منصب مدير المكتبة الوطنية وهنا سنقدم “معلومات شاملة عن كتاب قيم” لمؤلف عالمي وهو كتاب “تاريخ القراءة”.
معلومات شاملة عن كتاب قيم
من إصدارات البرتو الاخرى في الأدب: “تاريخ القراءة”، “يوميات القراءة”، “الفضول”، وفي الرواية: “كل الناس كاذبون”، “عاشق مولع بالتفاصيل”، “أخبار من بلاد أجنبية”.
محتوى كتاب تاريخ القراءة
يقتفي ألبرتو مانغويل آثار ‘النصوص المكتوبة والمقروءة والمطبوعة’ عَبْر مختلف العصور التاريخية: بَحَث عنها في الكثير من مكتبات العالم، لكنه بحث عنها داخل نفسه أيضاً. يتذكّر الكلمة الأولى التي قرأها. ويتحدّث عن شغفه الكبير بالقراءة منذ نعومة أظفاره. ويروي قصّة علاقته بالكاتب الكبير الكفيف خورخي لويس بورخيس الذي كان يقرأ عليه في بوينس آيرس. ثم ينتقل إلى بدايات الكتابة. وإلى فنّ طباعة الكتب والأدب وشكل الكتاب. وإلى فعل القراءة وسلطانها.
“مانغويل” يأخذنا معه إلى رحلة الإنسان في القراءة. مسلطًا الضوء على العديد من الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية. التي أسهمت في تشكيل واقع القراءة. ويؤسس معنا جمالا مختلفا. وعشقا متينا بين الكتاب والقارئ.
يقدّم مانغويل نخبة من عظماء العالم الذين كانوا يكتبون ويحبون القراءة. يحدّثنا عن الأمير الفارسي الذي كان يصطحب مكتبته المؤلّفة من 117000 كتاب على ظهر قافلة من الجمال مصنّفة حسب الأحرف الأبجدية. ولا ينسى حكاية أكبر سارق للكتب في العالم، الدوق ليبري. أو قصّة عمال التبغ في كوبا الذين كانوا يحبون الاستماع إلى قراءة الكتب ما جعلهم يطلقون أسماء أبطال الروايات على أنواع سيجارهم.
اهمية القراءة في راي البرتو مانغويل
ممارسة القراءة لم تكن دومًا متاحًة للجميع، ففي عصور غابرة في اليونان على سبيل المثال. كانت قراءة الملاحم والدراما الإغريقية موجهة للرجال بينما كانت الروايات الإغريقية ذات الطابع الرومانسي موجهة للنساء. وفي اليابان لم تكن سيدات البلاط الملكي في القرن الحادي عشر يستطعن القراءة وذلك لأنهم كانوا يحصرون القراءة للرجال. كذلك فقد كانت بعض الشعوب تفرق بين الأدب الجدي والأدب الأنثوي. فالاشتغال بالفلسفة والشؤون السياسية كان حكرًا على الرجال، بينما كان يُترك للمرأة الأدب الترفيهي المتعلِق بالشؤون الشخصية والمنزل. وفي القرن التاسع عشر أسس آنثوني كومستوك جمعية أطلق عليها “جمعية مكافحة الرذيلة” وأمر بملاحقة الكتّاب والأدباء.
أن المرأة والعبيد هم أكثر فئتين تم محاربتهما ومنعهما من القراءة في العديد من الثقافات. ولكن السجن يولّد شرارة التمرد والحريّة، وهذا ما فعله العديد من النسوة والعبيد ممن تمردوا على أوضاعهم. لطالما خشي المستبدون من فعل القراءة. لأنهم يدركون أنه أسرع الطرق ليدرك الإنسان حريته. ذلك أن الكلمة تقود إلى فكرة والفكرة تقود إلى السلوك، و”في إحدى مقالاته الساخرة بعنوان: “حول المخاطر المرعبة للقراءة” كتب فولتير” تشتت الجهل. هذا الحارس الأمين. والضامن الحريص للدول ذات الأنظمة البوليسية”.
هل هناك تاريخ للقراءة وهل لها بدايات ونهايات ونظريات
يمكننا القول أن فعل القراءة لم يغب عن الإنسان مُنذُ بدء وجوده على الأرض. لأن فعل القراءة لم يقتصر على الكتاب المقروء فقط. وإنما يمتدُّ أيضا إلى قراءة الذات والآخرين وكل ما يجري حولنا. وهذا ما كان يفعله الإنسان القديم حينما كان يقرأ النجوم والأشجار والريح والبشر. في كل خطواته. في محاولة منه للفهم والتواصل مع المحيط بشكل فعّال. حتى تمكن بعد مرور العديد من السنوات. من أن يحوّل ما يقرأه في الكون إلى لغة ومن ثم يحوّل لغة الكلام إلى مكتوب. مما أخرجه من عزلته ومحدوديته إلى عالم اللغة والانفجار المعرفي.كما مكّنه من التواصل مع أولئك الذين ماتوا. ولكنهم لا يزالون يحيون بيننا منذ آلاف السنين. ممن تركوا خلاصة تجاربهم بين بطون الكتب. إنه محاولة اقتراب منهم ومن العالم. وهو سفرٌ عبر الزمن دون حاجة للانتقال الجسدي أو المكاني.
قيمة الكتاب الادبية
يُعدُّ أحد أهم الكتب النادرة جدًا في سرد الكاتب لتاريخ القراءة عبر العصور الزمنية المختلفة. ومحاولته تبيان علاقة العشق بين الإنسان والكتب. حتى أن القارئ حينما ينتهي من قراءة هذا الكتاب يدرك جيدا أنه يحوي على كنز ثمين. وأن القراءة ليست مجرد فعلا للهروب من الواقع. بل هي مَنْ تُعِيد تشكيل واقعنا في كل مرةٍ نقرأ فيها كتابا. وهي ليست عزلة. لأننا نتواصل من خلالها مع الأحياء والأموات معا.