الوعود الإلهية الأربعة، وعد الله سبحانه وتعالى عباده في القرآن الكريم بأربعة وعود ربانية تتمثل في استجابة الدعاء، والذكر بعد الذكر، والزيادة بعد الشكر، والرحمة والمغفرة بعد الاستغفار.
الوعود الإلهية الأربعة
الوعد الأول: ادعوني أستجب لكم
قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) (غافر 60).
- يطلب الله تعالى في الآية الكريمة من عباده أن يعبدوه ويوحدوه ويثنوا عليه وسيجازيهم بالثواب والعطاء والمغفرة ومن يتكبر عن عبادته سيناله العذاب، (حَدَّثَنِي عَلِيّ، قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه، قَالَ: ثني مُعَاوِيَة عَنْ عَلِيّ، عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله: { اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } يَقُول: وَحِّدُونِي أَغْفِر لَكُمْ).
- في هذه الآية الكريمة يعد الله سبحانه وتعالى المؤمنون بأنه سيستجيب لدعائهم، فالدعاء هو العبادة، روى النعمان بن بشير أنه قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (الدعاء هو العبادة ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).
- الدعاء له شأن عظيم جداً في الدين الإسلامي حيث أنه يقرب بين العبد وربه، ويبرهن على توحيد الله عز وجل والإيمان بأنه هو المعطي وهو المانع.
- يناجي الإنسان ربه بالدعاء ويتوجه إليه وهو متيقن من أنه سبحانه وتعالى سيرضيه ولن يرده خائباً، فلقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (البقرة 186).
- يجد الإنسان في الدعاء تفريج للكربات، ودفع للسيئات، وتحقيق للحاجات، وجلب للبركات، ونجاة من العذاب والنار وفتح أبواب الجنات.
الوعد الثاني: فاذكروني أذكركم
قال تعالى: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) (البقرة 152).
- قال ابن عباس في تفسير الآية الكريمة: (اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي)، وقال سعيد بن جبير (اذكروني في النعمة والرخاء أذكركم في الشدة والبلاء).
- أخبرنا الأعمش قال سمعت أبا صالح عن أبي هريرة قال (قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
- أخبرنا منذر بن زياد عن صخر بن جويرية عن الحسن عن أنس قال إني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يقول يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا وإن مشيت إلي هرولت إليك وإن هرولت إلي سعيت إليك وإن سألتني أعطيتك وإن لم تسألني غضبت عليك ).
- يقول الله تعالى لعباده في الآية الكريمة أن: (اذكروني بأن تطيعوني وسأذكركم بالرحمة والمغفرة، أو اذكروني بأن تدعوني وسأذكركم بإجابة الدعاء، أو اذكروني بأن تطيعوني وتثنوا علي وسأذكركم بكثرة النعم، أو اذكروني بالعبادات والطاعات في الدنيا وسأذكركم بحسن الثواب في الآخرة، أو اذكروني في الصحة والرخاء وسأذكركم بالفرج في البلاء، أو اذكروني بأن تعبدوني حق العبادة وسأذكركم بمعونتي، أو اذكروني بالإخلاص والصدق وسأذكركم بالخلاص، أو اذكروني بالربوبية وسأذكركم بالرحمة).
الوعد الثالث: لئن شكرتم لأزيدنكم
قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7).
- يقول الله تعالى في الآية الكريمة لعباده أن شكره على نعمه وعطاياه يكون سبب لزيادة النعم وكثرة العطاء، واستجلاب للخير، ودفع للنقم والبلاء.
- الشُكرَ لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى من العبادات الواجبة على المسلم، قال تعالى: {وَٱشْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}(النحل:114) فبشكره تدوم النعم وتزداد.
- أعظم طريقة لشكر الله على نعمه وعطاياه تكون من خلال أداء الفرائض والواجبات، والبعد عن المعاصي والمحرمات.
- ثواب الشكر لله جزيل، فبه يدفع الله كل المكروهات عن الإنسان وينجيه الله به من العقوبات، قال تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً}(النساء:147).
- يقول سفيان بن عيينة رحمه الله: “{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ}: لئن شكرتم نعمتي لأزيدنكم طاعتي التي تقودكم إلى جنتي”.
- قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: “{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} من نعمي {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ومن ذلك أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم، والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله، والثناء على الله بها، وصرفها في مرضاة الله تعالى، وكفر النعمة ضد ذلك”.
الوعد الرابع: وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون
قال تعالى: ﴿وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الأنفال 33).
- فسرت الآية الكريمة في التفسير الميسر: (وما كان الله سبحانه وتعالى ليعذِّب المشركين، وأنت -أيها الرسول محمد- بين ظهرانَيْهم، وما كان الله معذِّبهم، وهم يستغفرون من ذنوبهم).
- يوجه الله تعالى في الآية الكريمة لعباده رسالة مهمة مفاداها أن الاستغفار يفتح للإنسان الكثير من الأبواب المغلقة، ويعود عليه بالكثير من الخيرات، ويمنع عنه الكثير من البلايا والشرور، ويدرأ به عنهم العذاب.
- الحرص على الاستغفار دائماً يعود على المرء بالنفع والخيرات والسعادة والفرج والتيسير، والرحمة، وللاستغفار صيغ عديدة منها (استغفر الله العلي العظيم وأتوب إليه)، (اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك)، سيد الاستغفار (اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ).