معركة ذي قار

أثبتت معركة ذي قار أن العرب يمكنهم التجمع على قلب رجل واحد لمواجهة الأعداء الذين يحاولون المساس بشرف كلمتهم، حيث كانت من أقوى المعارك التي أطاحت بالفرس بالرغم من قوتهم، وكانت نقطة الإنطلاق للقضاء على تلك الإمبراطورية من جذورها كما سنتعرف على تفاصيلها وأسبابها ونتائجها بالرغم من عدم توافق الطرفان المتقاتلان.

معركة ذي قار

عرف العرب قديما بعزة النفس ورفض الموالاة للخصوم، وتعتبر معركة ذي قار من المعارك التي أثبتت صدق ذلك، فبعد أعوام من الخضوع للفرس قرر أحد ملوك القبائل التمرد على ذلك فكانت النتيجة تلك المعركة القوية.

تعتبر معركة ذي قار من أشهر المعارك التي خاضها العرب، وأطلق عليها أيضا اسم حرب ضرع الجمل، والتي دارت بين القبائل العربية والإمبراطورية الساسانية للفرس، وكانت قد وقعت بأمر من كسرى الثاني ملك الفرس بعد وفاة النعمان الثالث.

يرجع تاريخ المعركة وفقا للكثيرين إلى عام 623 أو م624 ولكن ابن حبيب أرخها بين عام 606 إلى 622م، والعلماء الجدد قصروها على عام 604م.

وقعت المعركة قبل انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، وقتما لم يكن هناك أي تحالف بين قبائل العرب، ولكنهم تمكنوا من خوض حربا قوية ضد الإمبراطورية الساسانية الفارسية.

يرجع تاريخ المعركة إلى النزاع بين كسرى الثاني ملك الفرس والنعمان الثالث قبل موته، حيث رفض الأخير الخضوع لسلطات الأول وقرر أن عهد الخضوع للفرس قد انتهى.

حاول ملك الفرس السيطرة على الوضع فطلب الزواج من ابنة النعمان، ولكن الرد جاءه قويا، حيث لم يرفض النعمان ذلك النسب فقط بل أهان المرأة الفارسية قائلا أن الملك لم يجد نساء مميزات فيهن فلجأ للزواج من ابنته، وهو ما دفع كسرى الثاني إلى الغضب عليه وأمر بالبطش به ثم تمكن من سجنه حتى الموت بالطاعون وفي بعض الروايات قتله على الفور.

لم يكتف كسرى بذلك بل قرر شن حربا على قبائل العرب لأنهم رفضوا منحه أموال النعمان الذي كان قد شعر بغدر كسرى وتركها أمانة لدى بعض القبائل.

تفاصيل معركة ذي قار

معركة-ذي-قار
معركة-ذي-قار

تقع منطقة ذي قار، مكان الري بالقرب من الكوفة في الإمبراطورية الساسانية، وكانت ساحة كبيرة للحرب الدامية، واتخذ الفرس اللخميدات العرب، وعاصمتها منطقة الحيرة في العراق، كحصن للدفاع عن  الحدود الجنوبية الغربية لهم ضد هجمات العرب.

تمكن العرب من هزيمة قوات الفرس في الكثير من المواضع، كما هاجموا القوافل الفرس، وكان هذا أقوى رد على سجن خسرو الثاني الملك نعمان الثالث، ثم عمله على تعيين إياس بن قبيسة الطائي، العربي من قبيلة تاي، حاكماً بدلا منه والذي كان مواليا للفرس وقدم لهم كل المساعدات الممكنة.

كان القتال على أشده بين الفرس والعرب الذين جمعوا أعوانهم لأول مرة وتكاتفوا ضد الفرس، ووصل عدد المقاتلين من الفرس إلى 2000 مقاتل مع 3000 مقاتل من أعوانهم العرب تحت قيادة إياس بن قبيسة.

أما على الجانب الآخر فتجد العرب من قبائل بكر بن وائل الذين كان لديهم أمانة النعمان، مع قبيلة بنو شيبان، والجماعات الأخرى من بنو إجل، وبني زول، وبنو قيس بن ثلابة، وبنو تيم الله بن ثلابة، وبنو يشكور.

تأثير معركة ذي قار على العرب

معركة-ذي-قار
معركة-ذي-قار

لم يمتلك العرب بجماعاتهم قائدا بعينه ولم ينسقوا جهودهم في ساحة المعركة بشكل تكتيكي، لكن القيادة كانت بالتتابع بين المحاربين، وبالرغم من خبرة الفرس الكبيرة في القتال وأعدادهم إلا أنهم هزموا شر هزيمة.

وكان العرب قديما يخضعون لحكم الفرس أو الولاء للرم،وتعتبر تلك المعركة الأولى التي انتقم بها العرب من أعدائهم بشكل عادل، وحققوا أيضا بها نصرا جماعيا.

وبينما كانت تلك الحرب الأولى ضد الفرس يمكن اعتبارها نقطة الانطلاق بعد ذلك للفتوحات الإسلامية التي بلغت ذروتها وقضت نهائيا على الإمبراطورية الفارسية

فقد قيل أن قبائل البكر، وخاصة الشيبان ظلت على عهدها المناهض للفرس منذ تلك المعركة ودعموا المسلمين لاحقا بخبراتهم في مواجهة الفرس.

في الختام تعرفنا معا على التفاصيل الكاملة لـ معركة ذي قار وأسبابها، وكيف انتهت، وقدرتها على تحويل التاريخ بشكل كبير، حيث شكلت هزيمة لا تنسى لواحدة من أكبر الإمبراطوريات في هذا الوقت.

المصادر

مصدر1
مصدر2
مصدر3

مقالات ذات صلة