وقع حلم الطيران في أنفس الكثيرين قديما، وهو ما جعلهم يغامرون بحياتهم من أجل الوصول إلى هذا الحلم، وسنتعرف معا على أول من حاول الطيران قديما وهل نجحت تجربته، وما ترتب على تلك التجربة، وكيف كانت حياته، وهل استطاع التأثير في علم الطيران الآن أم أن تجربته لم تكن قائمة على أي أساس علمي.
أول من حاول الطيران
ينظر كلا منا إلى السماء مفكرا من يا ترى أول من فكر بالمغامرة والتحليق كالطيور في الهواء، وما كان عاقبة هذا التفكير، وللإجابة عن هذا السؤال المحير ستجد أن مهندسا من القرن التاسع تجرأ على أخذ هذه الخطوة بنفسه، وقبل أن يتم اختراع الطائرات الآلية بألف عام.
تنسب أول طائرة إلى الأخوان رايت، لكن المهندس عباس بن فرناس يعتبر أول إنسان يستخدم جناحين من الريش والحرير المثبت على الخشب للطيران.
جاءت هذه الفكرة لعباس بن فرناس عندما كان عمره 65 عاما أو أكبر بقليل، وقرر حينها القفز من على جبل العروس في اليمن محاولا الطيران وبالرغم من أن تجربته قد تبدو فاشلة لكنه استمر في الطيران لمدة 10 دقائق على الأقل، وانتهى الأمر بإصابته مع خيبة الأمل أيضا.
فشلت تجربة بن فرناس بسبب عدم مراعاته تقنيات الهبوط لذلك هبط بشكل محطما، وخلال حياته التي عاشها بعد تجربته والتي امتدت إلى 12 عاما أدرك أن الهبوط البطئ يمكن أن يحدث من خلال موازنة العمل بين الأجنحة والذيل.
تمكن من الوصول إلى تلك الفرضيات جميعا من خلال عقود من العمل ومراقبة الطيور وطريقتها في الهبوط.
تعتبر نظريات بن فرناس وتجاربه هي النقاط التي سار عليها صانعوا ornithopter، وهي طائرة تحاكي الطيور والذباب من خلال عمل أجنحتها.
أيضا تعتبر مخططاته من أهم الأشياء التي ارتكز عليها علم هندسة الطيران في أواخر القرن العشرين.
أساطير عن أول من حاول الطيران
لم يكن الإنسان قديما يرى أن حلم الطيران مجرد حلم، بل سعى للوصول إليه بكل قوته، وتعرض كتب التاريخ الكثير من الأساطير والخرافات التي تصف وتصور بشرا يمتلكون أجنحة ويحلقون في السماء.
وفقا للأساطير اليونانية يعتبر إيكاروس أول من طار ووصل إلى الشمس، وذلك بالرغم من نصيحة والده له بالأسطورة، لكنه لم يستمع إلى النصيحة وذاب الشمع الذي يحيط بالريش الذي يرتديه، وهو ما أدى إلى سقوطه وغرقه في البحر لاحقا.
يشار أيضا إلى أن التجربة العملية لطيران جسد في الهواء بدأت لدى الفلاسفة الصينيين موزي ولو بان، ويشار إلى اختراعهما طائرة ورقية في القرن الخامس ومن خلالها جمعوا المعلمومات عن الممالك المنافسة.
بالرغم من كل تلك المعلومات، إلا أن عباس بن فرناس كان أول من يطير بطائرة أو ما يشبهها، ولكنها أثقل بكثير من الهواء.
معلومات عن عباس بن فرناس
- وُلِد عباس بن فرناس في إزن-راند-أوندا الأندلس، أي إسبانيا حاليا، وعاش حياته في قرطبة أحد مراكز التعلم للخلافة الأموية.
- جاء تأثره بالطبيعة من أرمن فيرمان، الذي كانت تشغله الطبيعة بشكل كبير، ويعتبر أول من صمم أجنحة من الخشب المغطى بالحرير وريش الطيور.
- يعتبر فيرمان أول من قفز بالأجنحة من أعلى مأذنة في قرطبة، وبالرغم من هبوطه الفاشل إلا أنه كان بطيئا بشكل كاف لعدم كسر أي من عظامه.
- كان ابن فرناس شاهدا على تلك المغامرة، وأعجب بنتيجتها.
- درس أشكال طيران الطيور لمدة تصل إلى 23 عاما حتى تمكن أخيرا من تصميم طائرته التي قفز بها من أعلى الجبل وذلك بالرغم من كبر سنه.
قلد البعض تجربة ابن فرناس ومن بينهم العثماني التركي أحمد جلبي الذي تمكن من الطيران بعد تجربة بن فرناس بقرون والهبوط عبر مضيق البوسفور عام 1630.
امتلك بن فرناس مواهب أخرى واختر اختراعات مفيدة، فابتكر ساعة تعمل بالماء، وأجرى تجاربه على بلورات الرمل والكوارتز لمعرفة طبيعتها.
يرجع المؤرخون الفضل له في ابتكار المواد الزجاجية الشفافة، ويعتبره البعض أيضا هو من وراء النظارات الأندلسية الشهيرة، والتي يطلبها الكثيرين حتى الآن، وصمم عدسات قراءة لمن يعانون من ضعف البصر.
أطلق اسمه على العديد من الجسور والمدن والمطارات والحدائق، وتوفي في وقت ما بين عامي 890 و895 ميلاديا، ويقال أن إصابته من الطيران كانت سببا في تسريع وفاته.
في الختام، يعد أول من حاول الطيران هو عباس بن فرناس كما ذكرنا، وقدمنا لك كل المعلومات الشيقة عن حياته وتجاربه في الطيران، وكيف نقلت تلك التجارب علم الطيران إلى أفضل مستوياته حاليا.