معنى آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
تُعتبر سورة الحج من السور المدنية باستثناء الآيات 52، 55، وقد نزلت هذه السورة الكريمة بعد سورة النور، ويهتم الكثير من المسلمين بالتعرف على معاني آياتها وخاصةً معنى آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا التي تتحدث عن موضوع هام من مواضيع السورة وهو الإذن بالجهاد في سبيل الله.
معنى آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
إنّ معنى آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير أنَّ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا في بداية الإسلام ممنوعين من مقاتلة المشركين وأعداء الدين، ومأمورين بالصبر عليه لحكمة إلهية، حيث إنَّ عددهم في مكة كان أقلُّ بكثيرٍ من عدد المشركين فلو أمروا بالقتال حينها لشقَّ ذلك عليهم.
لمَّا هاجر الصحابة إلى المدينة المنورة وأصبح لهم دار إسلامٍ يلجأون إليها وأصبح لهم قوة ومنعة أذن لهم الله -عزَّ وجلَّ- بقتال من قاتلهم وأخرجهم من ديارهم وظلمهم ومنعهم من دينهم وآذاهم.
وعلى ذلك يُمكن القول بأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شرع القتال بالوقت اللائق به، ثمَّ بعد ذلك يختم الله -عزَّ وجلَّ- الآية الكريمة بقوله: {وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، وهذا بمثابة وعدٍ منه للمسلمين بنصرهم على أعدائهم، وتتجلى الحكمة من هذا الوعد في حضِّ المسلمين على الإقدام على الجهاد في سبيل الله من غير ترددٍ منه ولا وهن.
أمَّا عن المناسبة بين اسم السورة وذكر الجهاد فيها فيرجع إلى أنَّ عبادة الحجِّ تذكر بالجهاد حيث إنَّ الحجَّ يعدُّ تدريبًا قاسيًا على الجهاد لِما فيه من ارتحالٍ من مكانٍ إلى آخر بالإضافة إلى التعب والاتزام بأوقاتٍ وما إلى ذلك.
وقد مرَّ تشريع الجهاد في الإسلام بثلاثة مراحل، ولا بأس في هذا المقام من ذكر هذه المراحل ، وفيما يأتي ذلك:
- مرحلة الإعراض والصفح: حيث كان الصحابة -رضوان الله عليهم- مأمورون بالصبر على أذى المشركين، ودليل ذلك قول الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}،ويُمكن القول بأنَّ جهادهم في هذه المرحلة كان مقتصرٌ على جهاد النفس وتربيتها على الصبر، إذ إنَّ ترك الانتقام للنفس والصبر على الأذى ومقابلة الإساءة بالإحسان أمرٌ يشقُّ على الإنسان.
- مرحلة الإذن بالقتال من غير إلزام: ثمَّ بعد ذلك شرع الله -عزَّ وجلَّ- للمسلمين قتال من ظلمهم، فكان في هذه المرحلة مباحًا في حقهم، وقد سبق الحديث عن هذه المرحلة فيما سبق.
- مرحلة الإلزام بقتال الكافرين: وفي هذه المرحلة انتقل القتال من حكم الإباحة إلى الوجوب فأصبح الجهاد فرضًا في حقِّهم، فكان عليهم قتال من قاتلهم أو اعتدى عليهم أو حتى من وقف في وجه الدعوة الإسلامية، وكذلك أمروا بقتال من ظهر منهم قصد العدوان ببينة ثابتة، ودليل ذلك قول الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، ويُمكن القول بأنَّ هذه المرحلة هي التي استقرَّ عليه أمر القتال في الإسلام.
اقرأ أيضا: معنى آية وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
إعراب آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
إنّ إعراب مفردات قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}، فيما يأتي:
- أُذِنَ: فعل ماض مبنيٌ للمجهول، مبني على الفتحة الظاهرة على آخره.
- للذين: اللام هنا حرف جر والذين اسم موصول مبني على الفتحة الظاهرة على آخره في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بأُذن.
- يُقاتلون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنَّه من الأفعال الخمسة، وهو فعلٌ مبنيٌ للمجهول، والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، والجملة صلة الموصول “يُقاتلون” لا محل لها من الإعراب.
- بأنَّهم: الباء هنا للسببية، وأنَّ حرف مشبه بالفعل، والضمير المتصل “هم” مبني على السكون في محل نصب اسم أنَّ.
- ظلموا: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضمة لاتصاله بواو الجماعة، “والواو” ضمير متصل مبني في محل رفع نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر أنَّ.
- إنَّ: حرف مشبه بالفعل.
- الله: لفظ الجلالة اسم إنَّ منصوب وعلامه نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
- على نصرهم: جار ومجرور متعلقان بالخبر “قدير”.
- لقدير: اللام هنا مزحلقة، أمَّا قدير فهو خبر إنَّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
اقرأ أيضا: معنى آية حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت
فوائد من آية أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا
- إنَّ الإسلام دين القوة والعزة، فلا يقبل بأن يكون أتباعه ضعفاء يقبلون بالظلم.
- إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- حكيمٌ في شرعه، حيث أنَّه اختار الوقت اللائق المناسب لمشروعية القتال.
- إنَّ المسلم مأمورٌ بقتال المقاتلين المعتدين الظالمين، وهذا يُنفي عن الإسلام شبهة الإرهاب.
- إنَّ الإسلام دين وسطية واعتدال، ويظهر ذلك جليًا من حكم تشريع القتال، إذ أنَّه لم يقبل لأتباعه الضعف كما لم يقبل لهم التجبَّر في الأرض، فكان وسطًا في ذلك.
اقرأ أيضا: معنى آية ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرمًا