معنى آية سنقرئك فلا تنسى

سورة الأعلى هي إحدى السور المكية التي تشتمل على تسع عشرة آية؛ لذلك تُعدّ إحدى سور المفصّل، ويهتم الكثير من المسلمين بالبحث عن معاني آياتها ولّا سيما معنى آية سنقرئك فلا تنسى الواردة في سياق خطاب الله -تعالى- لنبيه محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

معنى آية سنقرئك فلا تنسى

معنى آية سنقرئك فلا تنسىإنّ معنى آية سنقرئك فلا تنسى أي أنّ الخطاب موجّه من الله -تعالى- للنبي -صلى الله عليه وسلم- ويقول له: أنّك ستظلُّ تقرأ القرآن، وأنّ القرآن سيتتابع نزوله، ولن ينقطع عنك، وقوله (سَنُقْرِئُكَ)، لها معنيان: رغم أنّك أُمّيُّ سنجعلك تقرأ، وتحفظ، ولن تنسى، ولن يضيع القرآن منك، ولا من غيرك، وهو باقٍ إلى الأبد، سنعلمك القرآن، واحذر أن تنساه، فإنَّ-لا- هنا ناهية.

وبعد أن بيّن الله -تعالى- الهداية العامّة لكافّة المخلوقات في قوله (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى)، بدأ ببيان الهداية الخاصّة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، فسيقرأ ولا ينسى إلّا ما أمره الله بنسيانه؛ لأنّه منسوخ.

ثمّ حملت الآية بشارة للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الله -تعالى- سيُسهِّل عليه أمر الدعوة إلى الله -تعالى-، وحفظ القرآن الكريم، وما فيه من التعاليم الشرعية السمحة، ولكن بلغ دعوة الله تعالى، وما علمك الله في هذا القرآن من الأحكام الشرعية، ولا تذكِّر به إلّا من تعلم أنّه ينتفع به، فلا تُذكّر به العنيد المطبوع على قلبه، فلن يزيدهم إلّا نفوراً، كما يمكن أن يكون المعنى ذكّر بهذا القرآن؛ لنرى من سينتفع به، مع العلم بأن بعضهم لن ينتفع به.

اقرأ أيضا: معنى آية يخرج من بين الصلب والترائب

معنى آيات سورة الأعلى

سورة الأعلىقال الله -تعالى-: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)، معنى سبِّح؛ أي نزِّه الله -تعالى- وعظِّمه عن كُلِّ نقيصة لا تليق به فلا تصفه إلّا بصفاته العُلا، ونزّه الله –تعالى- فلا تذكر اسمه إلا بمحلٍّ لائق وبطريقة لائقة، أو صلّ بأمر ربِّك الأعلى.

ومعنى قول الله -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى)، أي أنَّه أحْكَمَ صَنعة كلّ شيء؛ فخلق كلّ ذي روح، وجعل له الأعضاء التي تناسبه في معيشته؛ كالرجلين، واليدين، والعينين.

ويدلّ قوله -تعالى-: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) على أنَّ خلْق الله يمرّ في طورين: الأول: خلق الله -تعالى- الخلق وقدَّر المقادير، فجاءت على ما أراد وفق إرادته، لا نقص فيها، أمّا الثاني: أنَّه بعدما خلق الخلائق، هداها لوظائفها التي قدَّرها لها، فالإنسان يسعى لرزقه بالعمل، والبهائم إلى المراعي.

وفي قول الله -تعالى-: (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى* فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى)، معنى الغثاء؛ أي هشيماً جافاً، ومعنى أَحْوَى؛ أي مُتغيِّراً، ومعنى الآية؛ أنّ الله -تعالى- بقدرته العظمى أخرج لكم المرعى، ثم بقدرته العليا جعله هشيماً جافاً مُتغيّراً، فانظروا وتفكَّروا لصنع الله الذي أتقن صنع كُلّ شيء.

ثمّ انتقلت آيات سورة الأعلى لبيان تكلّف الله بحفظ القرآن في صدر النبي، وتسهيل أعباء الدعوة عليه كما اتضح من بيان معنى آية سنقرئك فلا تنسى وما بعدها؛ لتنتقل السورة لبيان أقسام الناس في تقبلهم للدعوة.

القسم الأول من الناس هم المصدقون الناجون الذين ورد ذكرهم في قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى)، وقد ورد في معنى تزكى عدة معاني: تطهّر من الكفر بإيمانه، ومن المعصية بالتقوى والطاعة، وتصديقه بالجنان أو تطهّر بالإكثار من التقوى والخشية أو تطهّر بالصلاة؛ لأنّها طهارة الروح، وبالزكاة؛ لأنّها طهارة المال.

قال الله -تعالى-: (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)، ومن معاني هذه الاية أنَّه يذكر الله قبل الصلاة المفروضة، أو ينطق بالشهادتين، ومعنى صلّى أي قام بالأعمال البدنية كلّها، وذكر الصلاة كمثال.

ثمّ بيّن الله -تعالى- مصير الأشقياء أهل النار في بعض الآيات، فقال الله -تعالى-: (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى* الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى)، ومعنى الآيات: سيتجنب الدعوة ويبتعد عنها الأشقى؛ وهو المُكذب المعاند الذي يصدُّ عن الدعوة، ولا يتقبّل الحقّ، ثمّ أنّه سيدخل النار الكبرى، وهي الدرك الأسفل من النار، وإنّ من دخل النار الكبرى، فلن يموت موتاً يرتاح فيه من النار، ولن يحيا حياة طيبة، وسيستمرّ في الشقاء.

قال الله -تعالى-: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، إيثار الدنيا يكون بالرضا بالحياة الدنيا، والاطمئنان بها، ويكون بالإعراض عن الآخرة التي هي خير وأبقى، حيث قال ابن كثير: “أي: ‌ثواب ‌الله ‌في ‌الدار ‌الآخرة ‌خير ‌من ‌الدنيا وأبقى، فإن الدنيا دنية فانية، والآخرة شريفة باقية، فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى، ويهتم بما يزول عنه قريبا، ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد؟”.

ختم الله -تعالى- سورة الأعلى بقوله: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)، أن ما أنتم فيه من حبِّ الدنيا، والإقبال عليها، موجود مثله في الأمم السابقة، فالبشر هم البشر، مهما تغيّر الزمان، نفوسهم واحدة تميل إلى الدنيا وتكره الالتزام بالطاعة.

اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الأعلى

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة