سورة الكوثر مكية أم مدنية.. اختلف العلماء في تحديد مكان نزول سورة الكوثر سواء في مكة أو المدينة، إلا أنها مكية في قول الجمهور، وقد نزلت لمواساة النبي صلى الله عليه وسلم وتبشره بما ناله من الخير الوفير في الدنيا والأخرة، وتعد الكوثر هي السورة 108 في ترتيب المصحف الشريف.
سورة الكوثر مكية أم مدنية
- هذه السورة مكية في المشهور وقول الجمهور، وقال الحسن وعكرمة وقتادة: مدنية، وهو رأي ابن كثير.
- قالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (وفيها قولان:أحدهما:(مكية) قاله ابن عباس والجمهور.والثاني:(مدنية) قاله الحسن وعكرمة وقتادة). كما قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (وهي مدنيّةٌ، وقيل: مكّيّةٌ)، وقال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (وهي مكّيّة عند الجمهور).
- وقال قتادة والحسن وعكرمة: (مدنيّة)، وسبب الاختلاف فيه؛ لأجل الاختلاف في سبب النّزول فعن ابن عبّاس: (نزلت في العاص ابن وائل: فإنّه قال في حق النّبي صلى الله عليه وسلم: الأبتر)، وقيل: في عقبة بن أبي معيط. وعن عكرمة: في جماعة من قريش، وقيل: في أبي جهل، وقال السّهيلي: في كعب بن الأشرف، قال: ويلزم من هذا أن تكون السّورة مدنيّة.
- وعن ترتيب نزول سورة الكوثر؛ قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (نزلت بعد العاديات)، وقالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (نزلت بعد العاديات)، كما قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (وعلى القول بأنّها مكّيّةٌ عدّوها الخامسة عشرة في عداد نزول السّور، نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التّكاثر. وعلى القول بأنّها مدنيّةٌ فقد قيل: إنّها نزلت في الحديبية).
- سميت سورة الكوثر لافتتاحها بقول اللَّه تعالى مخاطبا نبيه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي الخير الكثير الدائم في الدنيا والآخرة، ومنه: نهر الكوثر في الجنة.
موضوع السورة
- تبشر آيات هذه السورة النبي بأنه نال الخير الغزير في الدنيا والآخرة، وتأمر النبي ﷺ أن يشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم بعبادته، وتذكره ورفاقه أن من يهاجم رسالته ويرفضها، انقطع عنه كل خير..
- ظن أعداء محمد (صل الله عليه وسلم) أنه بوفاة ابنائه الذكور قد انقطع نسله وذكره، ودمرت تجارته، كما قالوا أنه لم يتم قبول رسالته التي كان يعظ بها إلا من قبل قلة من الناس، وأن الرسول الكريم يواجه الفشل وخيبة الأمل، لذلك أُرسلت هذه السورة لتعزية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
- فقال الله سبحانه وتعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم أنه قد أنعم الله عليك بالخير الذي لا حدود له وبأعمال لا تُحصى، ومنه نهر في الجنة، كما روى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي عن أنس، كما شمل ذلك الخير أيضا الصفات الأخلاقية التي لا مثيل لها للنبي والنبوة والقرآن وعلمه وحكمته، كما انتشرت رسالته في جميع أنحاء العالم ولا تزال الحمد لله تصل إلى أبعد الحدود.
- ثم يذكر الله أن صلاة الرسول هي لله وحده، وأن تضحياته هي أيضا له وحده، وأمرهم أيضا بذبح المناسك مما يهدى إلى الحرم والأضاحي وجميع الذبائح للَّه تعالى، وعلى اسم اللَّه وحده لا شريك له.
- وأخيراً قال الله تعالى إن من يبغضك يا محمد وهو يكره ما جئت به من الهدى والحقيقة والدليل الواضح والنور الظاهر، فهو أذل الناس وأقلهم أثرا ولن يُذكر. وهذا رد على ما قال بعض المشركين وهو العاص بن وائل عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لما مات ابنه عبد اللَّه من خديجة: إنه أبتر، وهذا قول ابن عباس ومقاتل والكلبي وعامة أهل التفسير.
ما اشتملت عليه السورة من آيات
- بيان فضل اللَّه الكريم وامتنانه على نبيه الرحيم بإعطائه الخير الكثير في الدنيا والآخرة، ومنه نهر الكوثر في الجنة.
- أمر النبي وكذا أمته بالمواظبة على الصلاة، والإخلاص فيها، ونحر الأضاحي شكرا للَّه تعالى.
- بشارة الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم بنصره على أعدائه، وبخزيهم وإذلالهم وحقارتهم، بسبب انقطاعهم عن كل خير في الدنيا والآخرة.