سورة قريش مكية أم مدنية.. سورة قريش هي السورة 106 ضمن الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وتصف آياتها النعم التي منحها الله تعالى لقبيلة قريش للتمتع بها؛ عسى أن يحمدوه عز وجل وهو رب البيت الحرام الذي نالوا منه كل شرفهم ومكانتهم الاجتماعية الرفيعة.
سورة قريش مكية أم مدنية
- أجمع المفسرون على أن سورة قريش مكية؛ فقالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (وهي مكية بلا خلاف)، وقال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (وذكر أبو العبّاس أنّها مكّيّة بلا خلاف)، كما قالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (والسّورة مكّيّةٌ عند جماهير العلماء. وقال ابن عطيّة: بلا خلافٍ).
- فيما قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (وفيها قولان:أحدهما: مكية قاله الجمهور، والثاني:(مدنية) قاله الضحاك وابن السائب).
- وعن ترتيب نزول سورة قريش؛ قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (نزلت بعد التين)، وقالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (نزلت بعد التين)، كما قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ونزلت بعد سورة والتين ونزلت بعدها سورة القارعة)، وقالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (وقد عدّت التّاسعة والعشرين في عداد نزول السّور، نزلت بعد سورة التّين وقبل سورة القارعة).
- بالنسبة للعديد من العلماء، تبدو هذه السورة امتدادًا لسورة الفيل، فكلاهما متشابهان للغاية من حيث الموضوع، إلا أن سورة قريش مستقلة عن سورة الفيل، فبين السورتين نزلت تسع سور أخرى.
- سميت سورة قريش تذكيرا لهم بنعم اللَّه عليهم في مطلع السورة: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ …
ما اشتملت عليه السورة من آيات
- تضمنت هذه السورة المكية تعداد نعم اللَّه العظمى على قريش أهل مكة، حيث جمع اللَّه كلمتهم، وحقق الألفة والتئام الشمل بينهم: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ومكّنهم من التنقل وحرية التجارة إلى اليمن شتاء، وإلى الشام صيفا، لتوفير الثروة والغنى: إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ.
- وهيّأ لهم في البلد الآمن الحرام نعمة الأمن والاطمئنان والاستقرار دون نزاع من أحد: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ، وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ.
موضوع السورة
- على الرغم من أن معظم شبه الجزيرة العربية كانت تشهد أوضاعًا أمنية سيئة، إلا أن نعمة البيت الحرام بمكة المكرمة ضمنت الأمن والسلام وازدهار الأعمال لقريش، وهذا يدل على مدى تمتع القريش ببركات الله ونعمه على عكس سائر سكان شبه الجزيرة العربية، وفي ضوء ذلك ، أنشأ أهل قريش طريقين كبيرين لقوافلهم التجارية، إلى اليمن (في الجنوب) في الشتاء وإلى الشام (في الشمال) في الصيف، ويذكر الله في سورة قريش أهل قريش بالنعمة التي أنعم بها عليهم، بما في ذلك الأمان، وتنمية الأعمال التجارية، والاحترام الذي أعطاه لهم الآخرون للعيش في حرم الله.
- لكن نفس القبيلة، قريش، التي كانت حمايتها وسلامتها وشرفها بسبب وجود الكعبة المشرفة في مدينتهم وكونهم أوصياء عليها، أصبحت فيما بعد أعداء الإسلام الرئيسيين، وقد أمر اللَّه تعالى في هذه السورة قريشا وهم أولاد النضر بن كنانة بعبادة وتوحيد ربهم الذي أنعم عليهم بهذه النعم الكثيرة.
- إِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ أي فلتعبد قريش ربها، شكرا له، لأجل إيلافهم (أي جعلهم يألفون، ويسّر لهم ذلك) رحلتين: رحلة إلى اليمن شتاء لجلب العطور والبهارات الآتية من الهند والخليج، وكونها في الشتاء لأنها بلاد حارّة، ورحلة إلى الشام في الصيف، لجلب الحبوب الزراعية، وكونها في الصيف لأنها بلاد باردة، وكانت قريش في مكة تعيش بالتجارة، ولولا هاتان الرحلتان لم يتمكنوا من المقام بها، ولولا الأمن بجوار البيت، لم يقدروا على التصرف، وكانوا لا يغار عليهم لأن العرب يقولون: قريش أهل بيت اللَّه عز وجل. وكل هذا الاحترام والإجلال لقريش أهل مكة من اللَّه عز وجل الذي هيأه لهم بواسطة البيت الحرام، فكان عليهم الإقرار بهذه النعمة، وإفراد اللَّه بالعبادة والتعظيم.