سورة الضحى مكية أم مدنية
سورة الضحى مكية أم مدنية
سورة الضحى مكية أم مدنية .. سورة الضحى هي سورة مكية، وتعد السورة 93 في ترتيب المصحف الشريف، في الجزء الثلاثين، وقد نزلت بعد فترة وجيزة من نزول الوحي في الوقت الذي واجه فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الكثير من الضغوطات من قبل كفار قريش، وموضوعها الحديث عن شخصية النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
سورة الضحى مكية أم مدنية
- أجمع المفسرون على أن سورة الضحى مكية، فقالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ وهي مكية لا خلاف في ذلك بين الرواة، وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ وهي مكّيّةٌ بلا خلافٍ، وقالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ وهي مكّيّةٌ بالاتّفاق، كما قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ مكّيّة.
- وعن ترتيب نزول سورة الضحى؛ قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (نزلت بعد الفجر)، كما قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنِ جُزَيءٍ الكَلْبِيُّ (نزلت بعد الفجر)، وقَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ونزلت بعد سورة الفجر ونزلت بعدها سورة ألم نشرح)، وقالَ مُحَمَّد الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (وعدّت هذه السّورة حادية عشرة في ترتيب نزول السّور، نزلت بعد سورة الفجر وقبل سورة الانشراح).
- سميت سورة الضحى تسمية لها باسم فاتحتها، حيث أقسم اللَّه بالضحى:وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس، تنويها بهذا الوقت المهم الذي هو نور، ولأنها نزلت في شأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فافتتحت بالضحى. ولما كانت سورة الليل نازلة في بخيل، افتتحت بالليل.
موضوع سورة الضحى
- 1- ابتدأت بالقسم الإلهي العظيم على أن اللَّه عز وجل ما قلا رسوله ولا أبغضه، ولا هجره ولا تركه، وإنما هو محل العناية الربانية، وهو عظيم القدر عند اللَّه تعالى، ويقول الله تعالى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى لما فيها من الكرامات، ولأنها باقية خالصة عن الشوائب، والدنيا فانية مشوبة بالمضارّ، وهذا تنويه بقدر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وإعداده للنبوة، ومواصلته بالوحي والكرامة في الدنيا، والإخبار بعلو منزلته في الآخرة، فإنه لا يزال يتصاعد في الرفعة والكمال. [الآيات: 1- 4] .
- كما يقول الله عز وجل إذا فرض انقطاع الوحي وحصل الموت، وكذلك فإن أحوالك الآتية خير لك من الماضية، وأن كل يوم تزداد عزا إلى عز، ومنصبا إلى منصب، فلا تظن أني قليتك، بل تكون كل يوم يأتي أسمى وأرفع، فإني أزيدك رفعة وسموا، وإن شرف الدنيا يصغر عنده كل شرف، ويتضاءل بالنسبة إليه كل مكرمة في الدنيا.
- .2- بشّره ربه بالعطاء الجمّ في الآخرة ومنه الشفاعة العظمى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى، حيث يعطيك ربك في الآخرة من الخيرات عطاء جزيلا، فترضى به، وهو وعد شامل بالعطاء الجزيل، ومنه الشفاعة العظمى [5] .
- وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى أي ولسوف يمنحك ربك عطاء جزيلا ونعمة كبيرة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فهو الفتح في الدين، وأما في الآخرة فهو الثواب والحوض والشفاعة لأمتك، فترضى به. وهذا دليل على تحقيق العلو والسمو في الدارين، فيعلو دينه على كل الأديان، ويرتفع قدره على جميع الأنبياء والناس بالشفاعة العظمى يوم العرض الأكبر يوم القيامة. وإنما أتى بحرف التوكيد والتأخير، ليفيد بأن العطاء كائن لا محالة، وإن تأخر لما في التأخير من المصلحة.
- 3- عددت الآيات نعم اللَّه على نبيه منذ صغره: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى، وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى أي ألم يجدك ربك يتيما لا أب لك، فجعل لك مأوى تأوي إليه، وهو بيت جدك عبد المطلب وعمك أبي طالب، فإنه فقد أباه وهو في بطن أمه، أو بعد ولادته، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب، وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب، إلى أن توفي، وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه وينصره بعد أن ابتعثه اللَّه على رأس أربعين سنة. …[الآيات: 6- 8] .
- 4- ختمت بإيصائه بفضائل ثلاث: العطف على اليتيم، وصلة المسكين، وشكر النعمة العظمى وهي النبوة وغيرها من هذه النعم المذكورة: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ أي تحدث بنعمة ربك عليك، واشكر هذه النعمة وهي النبوة والقرآن، وما ذكر في الآيات، والتحدث بنعمة اللَّه.