معنى آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة

قال الله تعالى في سورة القصص: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}، وقد ذكرها الله في سياق الحديث عن قارون وهو رجل ثري من قوم موسى -عليه السلام- آتاه الله مالًا كثيرًا وكنوزًا عظيمة فطغى وبغى على قومه، ويهتم الكثيرون بمعرفة معنى آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة وتفسيرات العلماء لها إضافةً إلى إعرابها وفوائدها.

معنى آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة

معنى آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة

إنّ معنى آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة أي أنّه يجب على المرء أن يطلب الدار الآخرة والنجاة فيها بما أعطاه الله تعالى من نعمٍ في الدنيا من مال وجاه وغيرها، فينفقها في سبيل الله ابتغاء الفوز بجنة النعيم، فمن حقِّ المؤمنين أن يصرفوا الدنيا وما أعطاهم الله فيها للحصول على ما ينفعهم في الدار الآخرة لا في التكبر والتجبر والبغي على الناس.

ورغم ذلك يجب على المسلم أن لا ينسى نصيبه من الدنيا، وفي هذه أكثر من تفسير، فقد رآى الجمهور ومنهم ابن عباس أنَّ معنى: ولا تنس نصيبك من الدنيا أي لا تضيِّع عمرك من دون أعمال صالحة تنفعك في آخرتك، فنصيب الإنسان من دنياه عمره وأعماله الصالحة، وقد تؤوّل الكلام على التشديد في الموعظة.

وأشار آخرون إلى أنَّ المعنى المُراد هو أن لا يضيِّع الإنسان حظَّه من المتع التي أباحها الله له في الدنيا، فيعمل لآخرته ويتمتع بالحلال المباح له في دنياه، وفي هذا التفسير بعض الرفق واللين، وقال مالك معناه الأكل والشرب، وذهب آخرون إلى أنَّ نصيب الإنسان من الدنيا الكفن فقط، وهذا مبالغة في الوعظ واستمرار له في الآية، وفي بعض التفاسير أنَّ الله يخبرُ عن نصيحة القوم التي وجَّهوها إلى قارون.

وعلى ذلك فإنّ معنى آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة أي يا قارون لا تبغِ على الناس من حولك وتتطاول وتتجبر بكثرة المال الذي أعطاك إياه الله، واقصد في النعم التي أعطاك إياها الله تعالى من خيرات وأموال في أن تنال الدار الآخرة، وما فيها من فلاح ونجاة وجنَّات، فتعمل بطاعة الله وتنفق في سبيل الله في الدنيا للحصول على الجنة يوم القيامة، ومع ذلك يجب عليك أن لا تنسى حظَّك ونصيبك من الحياة الدنيا، فتأخذ منها بنصيبك من الآخرة، فتعمل فيها أعمالًا تنجيك يوم القيامة.

وعلى هذا النحو قال معظم المفسرين، كابن عباس ووكيع وغيرهما، مع أنَّ البعض أشار إلى أنَّ نصيب الإنسان من الدنيا الرزق الحلال فيها أو ما أحل الله للإنسان من متعٍ في الدينا تغنيه عن ما حرَّم الله، وهي أن يطلب الإنسان الحلال في دنياه، ويعمل لآخرته للفوز بفضل الله ورحمته.

اقرأ أيضا: معنى آية فاليوم ننجيك ببدنك

إعراب آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة

وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة

يعدُّ إعراب مفردات الآيات من الأبحاث التي تساعد على الوصول إلى المعاني الدقيقة لها، حيثُ يتحدَّد موقع ومهمة كل كلمة وبالتالي المعنى الذي تحمله، وقد أُفردَت كتب كاملة في إعراب القرآن الكريم وخصوصًا في العصر الحديث، وإعراب آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة على النحو التالي:

  • وابتغ: الواو حرف عطف، ابتغ: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.
  • فيما: في: حرف جر، ما: ضمير متصل في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل، وجملة “ابتغ فيما” معطوفة على جملة في محل نصب فهي في محل نصب.
  • آتاك: فعل ماض مبني على الفتح والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
  • الله: لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
  • الدار: مفعول به منصوب للفعل ابتغِ وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
  • الآخرة: صفة للدار منصوبة وعلامة نصبه الفتحة.

اقرأ أيضا: معنى آية وأنزلنا عليكم المن والسلوى

فوائد من آية وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة

  • لا يجوز أن يتكبَّر الإنسان على خلق الله إذا أعطاه من فضله ورزقه من الخيرات والمال الكثير.
  • الخير بيد الله والأرزاق بيده يؤتيها من يشاء من عباده، ولا يجوز للمسلم أن يعترض على ذلك، أو أن يحسدَ الناس على ما أعطاهم الله أو أن يتمنى زوال النعم عن أصحابها لينالها.
  • على الإنسان أن يبتغِ الدار الآخرة ويسعى إلى نيلها والفوز بجنة النعيم من خلال ما أعطاه الله من نعم في هذه الدنيا.
  • في سعي المسلم للفوز بالآخرة لا ينسى أن ينال نصيبه من الدنيا بما أحله الله له من نعم ومتاعات أباحها الله تعالى.
  • الجزاء من جنس العمل، وعلى المسلم أن يساعد الناس ويُحسن إليهم بما أنعم الله عليه من خيرات وأموال، لا أن يبغي عليهم ويتجبَّر.
  • إنَّ نشر الفساد بين الناس وإفساد الأرض من أبغض الأعمال عند الله تعالى، لذلك حرَّم الله تعالى على الإنسان أن يُفسد في الأرض، أو أن يسعى إلى تحقيقه.
  • الاعتراف بأنَّ الله هو المُنعم من صفات المؤمنين، وأمَّا المشركون والمنافقون يدَّعون أنَّ ما آتاهم الله من نعم ومال وخير كثير إنَّما خصلوا عليه بجهدهم وقوتهم، متناسين قدرة الله الذي أهلك قبلهم من هم أقوى وأشدُّ وأعتى منهم.

اقرأ أيضا: معنى آية وعجلت إليك رب لترضى

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة