معنى آية ولوا على أدبارهم نفورًا

اهتمّت سورة الإسراء بشؤون العقيدة، شأنها في ذلك شأن سائر السّور المكيّة من حيث العناية بأصول الدّين؛ الوحدانيّة والرّسالة والبعث، ويكثر البحث عن معاني آيات هذه السورة الكريمة وخاصةً معنى آية ولوا على أدبارهم نفورًا التي تصف حال المشركين حيال القرآن الكريم.

معنى آية ولوا على أدبارهم نفورًا

معنى آية ولوا على أدبارهم نفورًا

إنّ معنى آية ولوا على أدبارهم نفورًا أي وجعلنا على قلوب الكفرة والمشركين الذين لا يؤمنون بالله ولا برسوله، ولا بالجنّة ولا بالنّار، أغطية مانعة من فهم ما يتلى عليهم من الذّكر الحكيم، وجعلنا في آذانهم صممًا وثقلًا عن سماع ما يُتلى عليهم، وإذا ذكرت: لا إله إلا الله وأنت تتلو القرآن، فروا كي لا يسمعوا كلمة توحيد الله من النّبي، صلّى الله عليه وسلّم، بغضًا واستكبارًا وتعجرفًا في أنفسهم. وهناك من قال بأنّه يقصد الشّياطين.

وأمّا ما جاء في التّفسير الميسّر في تأويل الآية الكريمة، قال: قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ}، أي: وجعلنا على قلوب الكفرة والمشركين أغطية؛ لئلا يفهموا ويفقهوا القرآن، قوله: {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً}، أي: وأصممنا آذانهم عن السّماع؛ لئلا يسمعوا القرآن تتلى آياته، قوله: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً}، أي: وإذا دعوت لتوحيد الله تعالى وأنت تتلو كتابه، ناهيًا عن الشّرك به، نفروا من قولك ورجعوا على أعقابهم؛ استكبارًا واستعظامًا من أن يوحدوا الله تعالى وينزهوه عن الشّرك في عبادته.

كما جاء في تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً}، أنّ المشركين كانوا يحبّون أن تذكر آلهتهم مثل: اللّات والعزة وغيرها مع ذكر الله تعالى، فعندما كانوا يسمعون إلى القرآن ولم يأت على ذكر آلهتهم، ينفرون من سماعه ويفرّون.

يقول تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }، فكانوا يعرفون معنى ما يتلى من القرآن، لأنّه بلسان عربيّ مبين، ولكن دون الحصول على الفائدة التي ترجى منه، وهي الهداية، لأنّ الله تعالى طبع على قلوبهم، وأصمّ آذانهم.

اقرأ أيضا: معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

معاني المفردات في آية ولوا على أدبارهم نفورًا

معاني المفردات في آية ولوا على أدبارهم نفورًا

لفهم قوله الله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً }، لا بدّ من شرح وتوضيح جميع كلماتها التي تحتاج إلى ذلك، والأوجه المعجميّة والدّلالية للكلمة في معاجم اللغة العربية، وهي كالآتي:

  • أَكِنَّةً: الكِنُّ: اسم، وِقاءُ كلِّ شيءٍ وسِتْرُهُ، كالكِنَّةِ والكِنانِ، والبَيْتُ، جمع: أكْنانٌ وأكِنَّةٌ، كَنَّهُ كَنَّاً وكُنُوناً وأكَنَّهُ وكَنَّنَه واكْتَنَّهُ: سَتَرَهُ، وأكنَّة: أغطية كثيرة مانعة.
  • يَفْقَهُوهُ: فَقَهَ، فَقَهَ عُلَمَاءَ عَصْرِهِ : غَلَبَهُمْ فِي العِلْمِ، وفَقُه الرَّجُلُ :صار عالمًا فطنًا، وفَقِه الأمرَ: فهِمه بعد جهل وأدركه بعد تفكير، أحسن إدراكهوفَقِه الرَّجُلُ: علم وكان فقيهًا، يفقهوا: يفهموا ويُدركوا.
  • وَقْراً: وَقَرَ: فعل: وقَرَ في يَقِر قِرْ، وَقْرًا، فهو واقِر، واسم المفعول مَوْقور، وقَرتْ أُذُنُه: صُمَّت، ثَقُلت، ذهب سمعُها كلّه، وَقَرَهُ اللَّهُ: ذَهَبَ بِسَمْعِهِ، وقَرَ الشَّخصُ في بيته: لزِمَه، جلَس فيه، قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}.
  • وَلَّوْاْ: وَلَّى: فعل، ولَّى، ولَّى على، ولَّى عن يولِّي، وَلِّ، تَوْليةً، فهو مُولٍّ، واسم المفعول مُولًّى، ولَّى فلانٌ: أَدْبَر وفَرَّ.
  • أَدْبَارِهِمْ: دُبر: اسم، الجمع: أَدْبار، دُبْر، دُبُر، الدُّبْرُ من كلّ شيءٍ: عَقِبُه ومؤَخِّره، دُبُرُ الصَّلاَةِ: آخِرُهَا دُبُرُ البَيْتِ: زَاوِيَتُهُ، مُؤَخَّرَتُهُ، ارتدَّ على عَقِبَيْه، ارتدَّ على دُبُره: رجع منسحبًا من حيث أتى، جاء أدبار الشَّهر: في أواخره.
  • نُفُوراً: نَفَرَ: فعل: نفَرَ من يَنفِر، نَفْرًا ونُفورًا و نِفارًا، فهو نافر، واسم المفعول مَنْفور، نفَر الشَّخصُ: بعُد عن الحق، نفَر من صُحبة فلان: كرهها، وأنفها، وانقبض منها وغيرَ راضٍ عنها، نفَر من محيطه: لم يعُد يشعر بميلٍ إليه، نَفَرَ من المكان نَفَرَا: تركه إلى غيره، نفَر الحُجَّاجُ من مِنَى: اندفعوا إلى مكّة.

اقرأ أيضا: معنى آية وإذا بدلنا آية مكان آية

فوائد من آية ولوا على أدبارهم نفورًا

بعد معرفة معنى آية ولوا على أدرباهم نفورًا وشرح بعض كلماتها، بقيت الحاجة إلى معرفة ما يُستفاد من هذه الآية الكريمة من ثمرات تنفع المسلم في دنياه وآخرته، ومن أبرز هذه الفوائد التي تُرشد إليها الآية ما يأتي:

  • إنّ في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ}، الحَثُّ على فهم القُرآنِ وتعلّمه، وأنَّه ينبغي على المسلم أن يقرأَ القُرآنَ ويتدارس معناه.
  • إنّ في قَولُه تعالى: {أَنْ يَفْقَهُوهُ}، تعودُ هاء الضّمير إلى القُرآنِ الكريم كُلِّه، فعُلِمَ من قوله تعالى أنَّ اللهَ يحِبُّ أن يُفقَهَ قوله؛ ولهذا قال الحسَنُ البصريُّ: “ما أنزل اللهُ آيةً إلَّا وهو يحِبُّ أن يُعلَمَ في ماذا أُنزِلَت وماذا عُني بها”، ولم يستثنى من ذلك لا مُتشابِهًا ولا غيرَه.
  • إن المحافظة على تلاوة القرآن آناء اللّيل وأطراف النّهار وذكر الله تعالى بإيمان وخشوع، يزرع الخوف والرّعب في قلوب الأعداء، ويجعلهم يولّون الدّبر فارّين من مواجهة الذّاكرين.

اقرأ أيضا: معنى آية فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة