معنى آية فمن اضطر في مخمصة

تبدأ سورة المائدة بالحديث عن العديد من التشريعات التي توجَّه الله تعالى بها من خلال نداء عام للمؤمنين، ونظرًا لأهمية الأحكام الشرعية في الآية الثالثة من السورة، يسأل الكثير من المسلمين عن معنى آية فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم وتفسيرات العلماء لها وما يُستفاد منها من ثمرات.

معنى آية فمن اضطر في مخمصة

معنى آية فمن اضطر في مخمصة

قال الله تعالى في سورة المائدة: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.

تتناول الآية تحريم أكل الميتة أي الدابة التي تموت من تلقاء نفسها دون ذبح كما أمر الله، والدمُ وشربه وتحريم أكل لحم الخنزير وما ذُبحَ لغير الله تعالى من قبل أهل الكتاب، إضافة إلى عدَّة أنواع أخرى من المحرمات كالدابة التي تموت خنقًا أو تموت بسبب ضربها بحجر أو شيء ثقيل، أو التي تقع من مرتفع أو تموت بسبب نطحة من قبل دابة أخرى.

ووردَ أيضًا تحريم أكل الدابة التي أكل منها السبع فماتت وكلُّ حيوان مفترس أيضًا، ويُستثنى من ذلك ما ذُبحَ وفيه روح؛ أي لم يمُت بأحد تلك الأسباب وهو التذكية، وحرِّمَ أيضًا الاستقسام بالأزلام، لأنَّ كلَّ ذلك فسوق لا يقبله الله تعالى.

وبعد جُملة التحريمات التي ذكرها الله تعالى في الآية فإنَّه يُنهي الآية برخصة للمسلمين في ذلك، حيث يشير معنى آية فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لأثم إلى أنَّه من اضطرَّ إلى أن يأكل من جميع تلك المحرمات بسبب مجاعة وقحط ولا يكون متعمدًا للوقوع في الإثم واقتراف معصية فإنَّه لا إثمَ عليه في ذلك، لأنَّه الله تعالى غفور رحيمٌ بعباده ولا يؤاخذ المسلم بما يقع فوق إرادته.

ومعنى اضطرَّ لشيء ما: كان بحاجة ماسة إليه، وكلمة المخمصة من خمَص يخمِص خمصًا وخموصًا ومخمصةً، وخمَصَ البطن: خلا وفرَغ من الطعام وضَمُر من شدة الجوع، خمَص الجوع الرجلَ: جعله هزيلًا وأدخل له بطنه في جوفه، والمخمصة شدة الجوع، وأثمَ الشخص: أتى بعمل لا يحلُّ وأذنب وارتكب خطيئة وإساءةً.

وعن قتادة أنَّه قال فيها: أنَّه من كان في مجاعة ولم يتعمد الإثم فذلك لا إثمَ عليه، فقد رخَّص الله تعالى للمضطر أكل تلك المحرمات إذا لم يكن متعمدًا للإثم أمَّا من بغى أو أراد المعصية فإنَّ ذلك محرمٌ عليه.

وجاء في بعض التفاسير أنَّ الله تعالى حرَّم تلك الخبائث لأنَّ تحريمها من كمال الدين وتمامه، ومن نعم الإسلام الذي هو وحده الدين الذي ارتضاه الله لعباده، ولكنَّ الله من رحمته بعباده أن جعل لتلك المحرمات رخصة من لدنه.

فمن اضطرَ في مخمصةٍ أي من وقع في جوع شديد ولم يجد ما يأكله وقد يخشى على نفسه من الهلاك فلا إثمَ عليه في أن يأكل مما وردَ تحريمه في أول الآية، ولكن على أن لا يتعمَّد معصية الله تعالى والوقوع في الإثم.

ورآى بعضهم أنَّ الإثم هنا هو الأكل فوق الشبع، لأنَّه أكل مضطرًا فلا يجب أن يأكل ما يزيد عن حاجته، وذهب آخرون إلى أن الإثم يعني أن لا يكون عاصيًا في سفره ونحو ذلك، حيثُ يقول الله في سورة البقرة: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، إضافة إلى تلك المعاني يُضاف إليها أن لا يستحلَّ المسلم ما حرَّم الله تعالى، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية إذ نفشت فيه غنم القوم

فوائد من آية فمن اضطر في مخمصة

فوائد من آية فمن اضطر في مخمصة

تكثر الثمرات المستفادة من آية فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم، ومن أبرز تلك الثمرات:

  • إنَّ الله تعالى يعلم الخير لعباده لأنَّه خالقهم فهو أعلم بما ينفعهم أكثرُ من أنفسهم، فما حرَّم الله تعالى شيئًا إلا لدفع ضررٍ وما أمر بشيءٍ إلا لجلب منفعة.
  • من رحمة الله تعالى بعباده أنَّه جعل لعباده رخَصًا لما حرَّمه تعالى، وكما جاء في القاعدة الشرعية أنَّ الضرورات تبيحُ المحظورات، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في أكثر من موضع في القرآن، حيث قال تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}.
  • يُباح للمسلم أن يأخذ بالرخصة التي أنعمَ الله تعالى بها عليه، ولكن دون أن يقع في الإثم كأن يتجاوز الحدَّ المسموح به أو يبتغي معصية الله تعالى.
  • يحبُّ الله تعالى أن يأخذ العبد بالرخصة وأن لا يلقي بنفسه إلى التهلكة، مثل: رخصة الفطر في رمضان وغيرها، وإنَّما كانت الرخصة حفاظًا على المسلم نفسه من كل سوء، حيث قال تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}

اقرأ أيضا: معنى آية أنلزمكموها

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة