معنى آية وإنا لنحن المسبحون
لقد كان دأب الكُفار هو مخالفة أوامر الله والشرك به سبحانه وتعالى عما يصفون علوًّا كبيرًا، فكذبوا على الله وافتروا عليه فبئس الإفك الذي يقولون، فذهب أقوامٌ من المشركين إلى عبادة الملائكة دونًا عن خالقهم -سبحانه- ولم يفطنوا إلى أنَّ الملئكة هم عباد الله يعبدونه ليلًا نهارًا لا يفترون، والدليل على ذلك قول الله تعالى في سورة الصافات: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}، ويكثر البحث بين المسلمين عن معنى آية وإنا لنحن المسبحون وإعرابها وفوائدها.
معنى آية وإنا لنحن المسبحون
إنّ معنى آية وإنا لنحن المسبحون أنّ الملائكة ترد على من أشرك بالله وأنَّهم عباد الله لا يُعبدون من دونه بل هم مصطفون في السماوات يعبدون الله ما بين تسبيح وتهليل وحمد وغيرها من العبادات.
وأمَّا التسبيح حسب معناه في اللغة العربية فهو التنزيه، فالملائكة تُسبح الله -تعالى- أي تُنزهه، وقد يُحمل التنزيه على معنيين، فأمَّا الأوَّل فهو تنزيه الله عن مماثلته للمخلوقات، قال تعالى في سورة الشورى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وأمَّا المعنى الثاني الذي يُحمل عليه التنويه فهو تنزيه الله -سبحانه- عن أي عيبٍ أو نقصٍ قال تعالى في سورة ق: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}.
وبالنظر إلى الآية الكريمة فقد ابتدأها الله تعالى بإنَّ، إذًا هي جملة اسميَّة والجملة الاسمية تدلُّ على الاستمرار والثبات، إذًا فحال الملائكة كذلك هو ثابتٌ إلى يوم القيامة على طاعة الله والائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه، وهذا دليلٌ على تنزيه الله -تعالى- لملائكته عن المعاصي والذنوب.
وبذلك فالله خلق البشر والملائكة والشياطين، فالملائكة تطيع الله لا تعصي له أمرًا، والشياطين هم العاصون إلى يوم الدين، والبشر يتراوح أمرهم ما بين طاعةٍ وذنب ولهوٍ وغفلةٍ وذكر.
وقد ترد كلمة المُسبح بمعنى المُصلي وبذلك فالمسبحون أي المُصلون، وقد ورد في تفسير الآية عن عائشة أم المؤمنين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما في السماءِ الدنيا موضعُ قَدمٍ إلا عليهِ ملكٌ ساجدٌ، أو قائمٌ، فذلك قولُ الملائكةِ: وَمَا مِنَّا إِلّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ، وَإِنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ، وَإِنّا لنَحْنُ المُسَبّحُونَ،”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير | الصفحة أو الرقم: 1092 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وكانت إذا أُقيمت الصلاة نظر عمر إلى المصلين وقال لهم استووا فالله يُريد بكم هدي الملائكة ثم يقرأ {وَإِنّا لَنَحْنُ الصّافّونَ، وَإِنّا لنَحْنُ المُسَبّحُونَ}، وقال قتادة في معنى وإنا لنحن المسبحون أي الملائكة.
اقرأ أيضا: معنى آية فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون
إعراب آية وإنا لنحن المسبحون
الإعراب هو الفصل الأهم في فهم اللغة العربية، ولا بدَّ لمفسر آيات الله أن يكون متمكنًا من علم الإعراب؛ لأنَّه العلم الذي يُعنى بفهم الكلام ووضع المفردات في موضعها الصحيح، ولا بدَّ من إعراب الآية الكريمة حتى يتمكن فهمها في الأذهان بشكلٍ صحيح، وفيما يأتي سيكون ذلك:
- و: الواو حرف عطف.
- إنَّا: إنَّ حرف مشبه بالفعل، والنا ضمير متصل في محل نصب اسم إنَّ.
- لنحن: اللم لام المزحلقة وهي خبر إنَّ، نحنُ: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
- المسبحون: خبر نحن مرفوع وعلامة رفعه الواو والنون؛ لأنَّه جمع مذكر سالم.
- {إنَّا لنحن}: لا محل لها من الإعراب.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة الصافات
فوائد من آية وإنا لنحن المسبحون
القرآن الكريم في جله ثمراتٌ لا بدَّ للمؤمن الحق من التأمل فيها؛ حتى يستزيد نورًا على نوره الذي قذفه الله في قلبه، إذ ليس القرآن للقراءة فقط بل هو تنزيلٌ ليتبين المؤمن من خلاله الطريق المستقيم، وبعد بيان معنى آية وإنا لنحن المسبحون وإعرابها، تجدر الإشارة إلى توضيح الفوائد المستقاة من هذه الآية الكريمة:
- خَلْق الله عظيمٌ جليلٌ منه الملائكة الذين جعلهم من نور ليسو ذكورًا ولا إناثًا عددهم معلومٌ عند الله وحده، خُلقوا لطاعة الله تعالى وتنفيذ أوامره، يعبدون الله ليلًا نهارًا لا يفترون، وقد وكلهم بالعديد من الأعمال منها ما هو معلومٌ للبشر ومنها ما هو مجهول.
- الإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان الإسلام الذي لا بدَّ من الإيمان به إيمانًا كلاملًا؛ حتى يُتمَّ ابن آدم إيمانه، ولا يجوز الاستهزاء بهم أو إطلاق النّكات عليهم فهذا يؤدي إلى الكفر.
- عظمة كلُّ خلقٍ تدلُّ على عظمة الخالق، فالملائكة العظام في خلقهم عبيدٌ عند العظيم فهو لديه مُطلق العظمة والجلال والعزة، وبذلك فإنَّ الإيمان بالملائكة يُوصل للإيمان بالله وإجلاله.
اقرأ أيضا: معنى آية وبالأسحار هم يستغفرون