معنى آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا

يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا الواردة في سورة النور، حيث يقول الله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}؛ فالآيات تُرشد إلى أنّ الاستئذان أدب رفيع يدلّ على رُقي الثقافة الإسلامية وعمق تعاليم الدين الإسلامي، وتُوضّح الآية كيفية استئذان الأطفال.

معنى آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا

معنى آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا

إنّ معنى آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا أنّ الله تعالى يخبر عباده أنّه إذا بلغ الصغار من أولادهم وأقاربهم الحُلُم أي الاحتلام، فيجب عليهم أن يستأذنوا في كلّ وقتٍ وحين، فقد تغيّر حكمهم ولم يعد الاستئذان واجبًا عليهم في الأوقات الثلاثة فقط وهي فترة الظهيرة وبعد صلاة العشاء وقبل صلاة الفجر.

ومعنى “منكم” الواردة في الآية أي من أحراركم وفي هذا تمييز لما ملكت أيمانهم بأنّهم لم يدخلوا في هذا الحكم، فالمماليك لهم حكم واحد كبارًا وصغارًا وهو وجوب الاستئذان في الأوقات الثلاثة، وقد قال تعالى: كما استأذن الذين من قبلهم، أي: مثلما استأذن الكبار من ولد الرجل وأقاربه الأحرار في جميع الأوقات ولم يُسمح لهم بالدخول دون طلب الإذن.

وقد ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: أمّا من بلغ الحلم فإنّه لا يدخل على الرجل وأهله، أي من الصبيان الأحرار إلّا بإذن على كلّ حال، وعن عطاء بن أبي رباح أنّه قال بوجوب استئذان جميع الناس -إذا احتلموا- عند إرادتهم الدخول على غيرهم.

كما نُقل عن سعيد بن المسيب أنّه سُئل هل يستأذن الرجل على أمّه، فقال بأنّ الآية التي تدلّ على وجوب الاستئذان بكل وقت بعد البلوغ قد نزلت، فقوله تعالى: كذلك يبيّن الله لكم آياته، يدلّ على أنّ الله تعالى يُبيّن للعباد آياته وأحكامه وشرائع دينه، كما بيّن لهم أمر الأطفال بعد البلوغ، وقوله تعالى: والله عليمٌ حكيم: أي عليم بما يُصلح خلقه وغير ذلك من من الأشياء وحكيم في تدبيره.

وفسّر البقاعي هذه الآيات وذكر مناسبة ذكر الكبار بعد الأطفال فقال أنّ الله تعالى بيّن حكم الأرقّاء والصبيان لأنّهم للأمر أطوع وأقبل على الخير، ثمّ بيّن حكم البالغين، وأوضح البقاعي بأنّ الحلم هي السن الذي يكون فيه إنزال المني برؤية الجماع في النوم، وهذا أصله إلّا أنّه يُطلق على إنزال المني بشكل عام، وقال بوجوب الاستئذان في جميع الأوقات على الطفل بعد أن يحتلم.

وجاء عن سعيد بن جبير وغيره من السلف الكرام أنّ الصبي يستأذن في الأوقات الثلاث إذا كان عمره أربع سنوات، فإن بلغ استأذن في جميع أوقاته، فزرع هذه الآداب الإسلامية في نفوس الناشئة من الأوامر الإلهية التي يجب أن يتمسّك بها المؤمنون.

وقد ذكر بعض أهل العلم سبب نزول هذه الآيات، وهو أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد أرسل غلامًا من الأنصار إلى عمر بن الخطاب يدعوه له فوجده نائمًا في فترة الظهيرة، فدّق الباب ودخل، فاستيقظ عمر فانكشف منه شيء، فقال: وددت لو أنّ الله نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا أن لا يدخلوا علينا في هذه الساعة إلّا بإذن، ثمّ ذهب إلى رسول الله فوجد هذه الآية قد نزلت فسجد لله شُكرًا.

كما روي أنّ أسماء بنت مرثد كان لها غلامٌ كبير وقد دخل عليها في وقتٍ كرهت دخوله فيه، فأتت رسول الله وأخبرته بكراهيتها لذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآيات التي توجب الاستئذان في الأوقات الثلاثة، التي قد يكون المرء فيه متحلّلًا من بعض ثيابه أو يكون فيها مظنّة مواقعة الرجل لأهله، حيث نقل بعض أهل العلم أنّ أُناسًا من أصحاب رسول الله كان يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ثمّ يغتسلوا ويخرجوا للصلاة في المسجد.

اقرأ أيضا: معنى آية ليس على الأعمى حرج

فوائد آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا

فوائد آية وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا

إنّ الفوائد المُستخلصة من الآيات القرآنية بشكل عام، ومن آيات الأحكام بشكل خاص، كثيرةٌ جدًا، ومن هذه الآيات قوله تعالى وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا، وفيما يأتي بيانٌ لبعض فوائد الآية الكريمة:

  • الاستئذان ضرورة مجتمعة وأُسرية فهو يُساهم في الحفاظ على المجتمع والأسرة من الانحلال والتفكك الداخلي.
  • وجوب تعليم الصغار الآداب الإسلامية وحضّهم على التحلي بأخلاق الإسلام الرفيعة.
  • الاحتراز عن كشف العورات ورؤية الأطفال لما لا ينبغي أن يظهروا عليه، من الأمور التي يجب أن يحرص عليها الآباء والأمهات.
  • الآباء مكلّفون بتعليم أبنائهم العلم الشرعي فالخطاب موجّه لهم في هذه الآيات.
  • ذكر العلة والسبب من الحكم هو من سمات المربّي والمُرشد الذكي، فهذا أدعى للامتثال والتطبيق.
  • دقة التشريعات الإسلامية في اختيار الأوقات التي تكون مظنة انكشاف العورة وغير ذلك من الأمور التي لا ينبغي الاطلاع عليها، فأوجب الله تعالى في هذه الأوقات الاستئذان على الصغير والكبير.
  • البلوغ هو الحد الفاصل في كون الاستئذان مشروع في الأوقات الثلاثة أم بكلّ وقتٍ وحين.
  • شرع الله تعالى هو شرع حكيم والتزامه والتمسك به هو سبيل الهدى والفلاح في الدنيا والآخرة.

اقرأ أيضا: معنى آية نور على نور

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة