معنى آية واصبر وما صبرك إلا بالله
سورة النحل من السور التي يأخذ منها العبد المسلم الكثير من العلم والمعرفة، ويكون بقراءة وفَهم هذه السورة قد نال من حكم الله وإبداع خلقه الكثير، فعندما يقرأ آيات خلق الإنسان والحيوان والنبات يقف ليتفكر بصنيع إبداع الخالق، كما أنّ للسورة وقعًا عظيمًا على تفكّر الإنسان ولها حكمة بالغة بذكرها آيات الصبر؛ ولذلك يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية واصبر وما صبرك إلا بالله وفوائدها.
معنى آية واصبر وما صبرك إلا بالله
إنّ معنى آية واصبر وما صبرك إلا بالله الواردة في سورة النحل أي صبرك بتوفيقِِ وإعانة من الله -عزّ وجلّ-، وقد قال الله -عزّ وجلّ-لنبيّه الكريم اصبر على أذى كفار قريش لكَ؛ وما صبرك سيكون إلا بمعونة الله -عزّ وجلّ-، فكانت هذه الآية الكريمة تخفيفًا لرسول الله -عزّ وجلّ- من هذا الأذى والإعراض عن الدّعوة من قِبلِ المشركين.
ومما جاء في تفسير السّعدي لقوله تعالى: {وَاصْبِرْ} قال: أنّها نزلت أمرًا على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالصبر على الدّعوة إلى الإسلام مع الإستعانة بالله وعدم الإتكال على النفس، {وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ} أي أنّه هو الذي يثبتك ويعينك على أذى وإعراض المشركين عنك.
وقال ابن عاشور في تفسير الآية الكريمة أنّ الله -عزّ وجلّ- قد خصّ النّبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بالصبر وقد أمره بذلك؛ لأن مقام العبودية لديه أعلى من المسلمين عامة، وقال أنَّ قوله تعالى: {وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِ} جاءت معترضة هنا؛ بمعنى أنّه لن يحصل الصبر لديك إلا بتوفيق من الله -عزّ وجلّ- فكانت الإشارة في الآية الكريمة بأنَّ صبر النّبيّ كان عظيمًا على ما لقيّه من أذى المشركين، فكان لِزامًا أنْ يكون الصبر له بإعانة من الله.
وقد جاء في سياق الآية الكريمة تخفيفًا آخر لقلب رسول الله، حيث قال تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ}، فقال الطنطاوي في تفسيرها أنّها نزلت لنهي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الحزن بسبب كفر الكفار وصدِّهم عن الدعوة، فالهداية والضلال بيد الله -عزّ وجلّ- حيث قال تعالى: {يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
لذلك جاء المقصود من الآية الكريمة بأنّه: لا تحزن يا محمد على كفر الكفار مع إصرارهم على كفرهم، ولا تكن في همِِّ وكدر مما يمكرون؛ لأن الله ناصرك في الدنيا والاخرة.
وقال الطبري: لا تحزن على كذب وإعراض المشركين عنك، ولا تكن في ضَيْق من خداعهم ومكرهم لكَ، ومن الجدير بالذكر أنَّ القُراء قد اختلفوا في قراءة مفردة “ضيْق” فمنهم من قرأها بفتح الضاد {ضَيْق} وجاء المقصود بالفتح: أي الغم وهو ضيق القلب، وقد قرأها ابن كثير بكسر الضاد {ضِيْق} فيكون المعنى هنا: الشدّة ولذلك تُكسر الضاد عند ضِيق المسكن، وقد قرأها الجمهور بفتح الضاد وهو ما عليه العرب.
ومجمل معنى الآية الكريمة بأنّه: يا محمد اصبر على ما أصابك من الأذى أثناء الدعوة إلى الإسلام؛ حتى يأتي الفرج من عند الله -عزّ وجلّ- ولن يكون صبرك إلا بالله، فهو الذي سوف يعينك ويثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وقال بعدها لا تحزن أيّها النّبيّ على من قد خالفك ولم يستجب للدعوة، ولا يصيبك الغم من مكر وكيد الكفار؛ لأن ذلك سيعود عليهم بالشر والعذاب لا محالة.
اقرأ أيضا: معنى قوله تعالى زهرة الحياة الدنيا
فوائد آية واصبر وما صبرك إلا بالله
تكثر الفوائد والثمرات التي يمكن استجلائها من قوله تعالى: {وَٱصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِ}، ومن أبرز هذه الفوائد:
- أكرم الله -عزّ وجلّ- نبيّه بالكثير من الفضائل؛ والتي منها تثبيته وإعانته في الكثير من مواقف سيرته.
- إنّ الصبر له آيات كثيرة في كتاب الله العزيز، والتي كانت بلسمًا على قلب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في بعض مواقف حزنه فهذا ما هو إلا تكريمًا له على تحمله الأذى من غير جزع أو تراجع عن الدعوة في سبيل الله.
- يجب على العبد المسلم أنْ يقتدي برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويكون عبدًا صابرًا في السراء والضراء؛ لأنَّ الله -عزّ وجلّ- لا بدَّ أنْ يكرم عبده بأجر صبره في الدنيا والآخرة.
- إنّ الصبر على الشدائد والأذى الذي لقيّه رسول الله من المشركين بالصدّ عنه وعن الدعوة؛ يُرى في الوقت الحاضر كشكل من أشكال الإلحاد والطعن في الدّين الإسلاميّ وبالصحابة الكرام وأمهات المؤمنين، فلا بدّ من الصبر والتوكل على الله والاستمرار بالدعوة ونشر الإسلام ليكرم الله المسلمين بالنصر.
- ما الحزن والفرح والهداية والضلال إلا أمور متعلقة بيد الله عزّ وجلّ- فعلى العبد أنّ يكون متوكلًا على الله -تعالى- في شتى شؤون حياته ليرى بذلك الفرج بعد الصبر.
- إنّ مصير الكافرين والمشركين والذين يطعنون في دين الله -عز وجل- نار جهنم لا محالة؛ فالله -تعالى- خير الماكرين لهم في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضا: معنى آية وعجلت إليك رب لترضى