معنى آية وأما السائل فلا تنهر

سُمّيت سورة الضحى بهذا الاسم نسبة لأول آية فيها، قال -تعالى-: (وَالضُّحَى)، وإنّ محور السورة الذي تتحدث عنه هو مواساة النّبي -صلى الله عليه وسلم-، ولمسة حنان ربّانية خالصة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فجميع آياتها جاءت نجاء من الله له وطمأنينة لقلبه، ويكثر السؤال عن معاني آيات سورة الضحى وخاصةً معنى آية وأما السائل فلا تنهر.

معنى آية وأما السائل فلا تنهر

معنى آية وأما السائل فلا تنهر

إن معنى آية وأما السائل فلا تنهر أي لا يصدر منك إلى السائل كلام يقتضي رده عن مطلوبه، بنهر وشراسة خلق، بل أعطه ما تيسر عندك أو رده بمعروف وإحسان.

وإن المراد من قوله -سبحانه وتعالى- لنبيه: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) هو تذكيره، فكأنّه يقول: فكما كنت ضالًا وهديتك، فلا تردّ من استرشدك لأمر من أموره، فالسائل في هذه الآيه إمّا طالب العلم ومسترشده، وإما طالب الصدقة، وفي كلا الحالتين فلا تردّه واقضِ حاجته بحسب قدرتك، والقصد بلا تنهر، أي لا تزجره، والنهي هنا عن الغلط في القول والفعل، فعلى المسلم أن يكتفي بالرد الجميل.

وهذا يدخل فيه السائل للمال، والسائل للعلم، ولهذا كان المعلم مأمورًا بحسن الخلق مع المتعلم، ومباشرته بالإكرام والتحنن عليه، فإن في ذلك معونة له على مقصده، وإكرامًا لمن كان يسعى في نفع العباد والبلاد.

اقرأ أيضا: معنى قوله تعالى زلزلت الأرض

معاني آيات سورة الضحى

معاني سورة الضحى

قال الله -تعالى- في مستهل سورة الضحى: (وَالضُّحَى) فقد أقسم الله -تعالى- بالنّهار كلّه، بوقت الضّحى، وهو وقت ارتفاع الشّمس، والمعنى من قسمه والضّحى: أي وربّ الضحى وخالقها.

في الآية الثانية (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) أقسم الله -تعالى- بوقت الليل الساكن الهادئ؛ أي استقرار الظلام، فكلمة سجى تعني السكن، فالليل عندما يسجو يُغطّي النهار، وقُدّم ذكر الضّحى على الليل بعكس سورة الليل التي تقدم فيها ذكره على ذكر النّهار؛ لأنّ السورة تُخاطب النّبي -صلى الله عليه وسلم- وفيها دلالة على اعتناء الله في الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأنّ فترة انتقطاع الوحي عنه لم تكن إلا فترة هدوء ليستجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه، وأنّ بعد هذا الليل سيأتي النور فهكذا نظام الكون.

يقول الله -سبحانه وتعالى- للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- الآية الثالثة (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)؛ ليُطمئنه أنه لم يتركه ولم يتخلَّ عنه، ردًّا على ما قالته امرأة: يا رَسولَ اللَّهِ ما أُرَى صَاحِبَكَ إلَّا أبْطَأَكَ فَنَزَلَتْ: (ما ودَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلَى)، فكلمة ودّعك فيها المبالغة في الوداع وتعني الترك، والقلى؛ هو البغض.

ثم يُخاطب الله -سبحانه وتعالى- النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) أي إنّ ما أعده له في الآخرة أعظم وأفضل ممّا في الدنيا، فلا يحزن على ما فاته فيها، فالدار الآخرة خير له من الدّنيا وما فيها، وكلمة الأولى؛ قصد الله فيها الدّنيا.

ويُبشّر الله -سبحانه وتعالى- النّبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أنّ عطاءه في الآخرة أفضل بكثير مما في الدّنيا، وسيعطيه من الثواب، والمنزلة، والكرامة حتى يرضى النبي -صلى الله عليه وسلم-، واختلف المفسرون في مناسبة هذه الآية، فقيل إنّ القصد فيها قصور من اللؤلؤ وتُرابها المسك قرابة الألف قصر، وقيل إنه شفيع لأمّته حتى يرضى.

يُعدّد الله بعد ذلك ما منّه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيقول: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) حيث كان يتيمًا فجعل له مأوى عند عمّه أبي طالب، فكفله وحفظه، واليتيم في اللغة؛ مَنْ مات والده قبل البلوغ أي لا أب له، كما أنّه وجده في ضلال وحبّ للهداية، فأرشده للنبوّة والإسلام، والقصد من الضلال هنا؛ هو غفلته وعدم درايته في القرآن والشريعة فهداه الله لها.

أما قوله تعالى: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) فهذه الآية الأخيرة في تعداد المنن، يقول الله -تعالى- مُخاطبًا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، وجدتك عائلًا؛ أي فقيرًا، فأغنيتك بمال زوجتك خديجة وتجارتك معها أو من غنائم الغزوات التي أنعم الله عليك بها، وأشارت الآية الكريمة إلى الفرق بين الغنى والثراء، فالثراء لا يمكن أن يكون إلا بالمال، والغنى قد يكون غنى النفس بدون مال.

أمر الله -سبحانه وتعالى- النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتذكّر كيف آواه في يتمه، فأحسن إلى اليتيم وأكرمه، فإكرام اليتيم مما أمرت به الشريعة الإسلامية، قال -تعالى-:  (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) فاليتيم يحتاج إلى من يجبر قلبه ويعوّضه عن غياب والده، ويعلّمه أمور دينه إذا ما بلغ سن السابعة فأكثر، والقصد في كلمة لا تقهر؛ أي لا تذلل ولا تَغلب ولا تظلم، والمراد بقوله (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ): أي لا تنهره، ولا تزجره إذا سألك، فقد كنت فقيرًا فإما أن تطعمه وإما أن ترده ردًا لينًا.

اختُتمت سورة الضحى بقوله -تعالى-: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) حيث أمر الله -سبحانه وتعالى- النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذكر نعمة الله عليه ويشكره عليها، وكذلك المسلم، فالله يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده، وأن يظهر فضل الله عليه بالنعم، فلا يُنكر ولا يُقتّر، فعلى المسلم أن يشكر الله قولًا ويشكره عملًا، فيُقرّ بما وهبه الله إياه في الدّنيا فلا يكون بمظهر يوحي بعكس ما أعطاه الله له.

اقرأ أيضا: معنى آية غير المغضوب عليهم ولا الضالين

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة