معنى آية يا أيتها النفس المطمئنة

يكثر البحث عن معنى آية يا أيتها النفس المطمئنة الواردة في سورة الفجر، وعن أحوال النفس في القرآن الكريم، فقد كرّم الله الإنسان بأن جعل له نفساً تميزه عن غيره من المخلوقات، حيث جمعت النفس الإنسانية بين العقل والغريزة معاً، بعكس الحيوانات التي تعيش وفقاً لغرائزها وشهواتها فقط، أو الملائكة التي كرمت بالعقل دون غرائز وشهوات، ولهذا يجب على الإنسان استخدام عقله من أجل حماية نفسه من الانجرار وراء الشهوات والغرائز والبقاء في طريق الاعتدال.

معنى آية يا أيتها النفس المطمئنة

معنى آية يا أيتها النفس المطمئنة

إن معنى آية يا أيتها النفس المطمئنة الواردة في سورة الفجر أي يا أيتها النفس المطمئنة إلى ذِكر الله والإيمان به، وبما أعدّه من النعيم للمؤمنين، فارجعي إلى ربك راضية بإكرام الله لك، والله سبحانه قد رضي عنك، فادخلي في عداد عباد الله الصالحين، وادخلي معهم جنتي.

لما ذكر الله تعالى حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه، وإفقاره، ذكر حال من اطمأنت نفسه إلى الله تعالى؛ فسلم لأمره، واتكل عليه. وقيل: هذا النداء هو من قول الملائكة لأولياء الله -عز وجل-. وعرّف بعض العلماء النفس المطمئنة بأنها النفس الساكنة الموقنة التي أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك، وهذا الرأي قاله مجاهد وغيره.

وقال ابن عباس: أي المطمئنة بثواب الله، وعنه المؤمنة. كما قيل هي النفس الراضية بقضاء الله، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها.

قال مقاتل عن النفس المطمئنة أنها الآمنة من عذاب الله، والتي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه. وقال ابن كيسان: المطمئنة هنا: المخلصة. وقال ابن عطاء : العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين. وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله. وقيل: المطمئنة بالإيمان، المصدقة بالبعث والثواب، وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة. والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع.

ومن سمات صاحب النفس المطمئنة أنه يدعو ربه بجميع حالاته، عند الضر وعند النفع، وعند الحزن وعند الفرح، كما يدعو ربه عند الفقر أو الظلم، ويكون راضياً بما قسمه الله تعالى له، وتعرف الطمأنينة بأنها سكون القلب لشيء معين، وعدم الشعور بالقلق والاضطراب، ولا يصل الإنسان إلى الطمأنينة إلا بذكر الله عز وجل.

وقد وُصفت النفس بالاطمئنان في الآية بدلًا من السكينة، وذلك لأن الطمأنينة تعتبر أعمُّ وأشمل من الشعور بالسكينة، حيث إن الطمأنينة تكون في العلم واليقين؛ الذي أوصل النفس إلى طمأنة القلب بالقرآن، بينما السكينة فهي ثبات القلب عند شعوره بالمخاوف والقلق.

اقرأ أيضا: أحاديث عن جهاد النفس

أحوال النفس في القرآن

أحوال النفس في القرآن

حثّ القران الإنسان على التفكر في نفسه، وإلى معرفة أسرارها؛ كقوله -تعالى-: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، وجاء في بعض الآثار أن من عرف نفسه عرف ربه، وهذه المعرفة تساعد الإنسان على ضبط أهوائه وإبعاد نفسه عن الإنحراف، وتوجيهها إلى الإيمان والعمل الصالح، وقد أشارت الآيات القرآنية إلى ثلاث حالات من حالات النفس مع وصفها بصفات متباينة وهي:

  • النفس الأمارة بالسوء: وهي النفس التي تأمر صاحبها بالعمل السيء، واتباع الهوى والشهوة، دون التفكر أو الالتفات للشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى جلب الظلم لنفسه، والضلال عن اتباع أوامر الله وهداه.
  • النفس اللوامة: يقصد بالنفس اللوامة تلك النفس التي تلوم صاحبها على المعاصي في الدنيا مع تثاقلها عن أداء الطاعات، وهو ما يعرفه علماء النفس بالضمير، الذي يعمل على تأنيب الإنسان على ما يقوم به من قبائح العمل.
  • النفس المطمئنة: تعرف النفس المطمئنة على أنها واحدة من درجات النفس الإنسانية، التي ترتقي عن النفس الأمارة بالسوء حتى الوصول إلى درجة الاطمئنان، وهي النفس التي تسكن إلى الله وترضى بما رضي الله به، حيث قال عز وجل: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).

وقال ابن القيم: والنفس قد تكون تارة أمارة، وتارة لوامة، وتارة مطمئنة، بل في اليوم الواحد والساعة الواحدة يحصل منها هذا وهذا، والحكم للغالب عليها من أحوالها، فكونها مطمئنة وصف مدح لها، وكونها أمارة بالسوء وصف ذم لها، وكونها لوامة ينقسم إلى المدح والذم، بحسب ما تلوم عليه.

وإنما يؤمر المسلم بأن يجاهد نفسه الأمارة بالسوء بتهذيبها وتربيتها حتى تكون نفسًا مطمئنة، قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).

اقرأ أيضا: معنى آية بل الإنسان على نفسه بصيرة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة