معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

قال الله تعالى في سورة النحل: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، ويبحث الكثير من المسلمين عن معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظمة الحسنة، وسبب نزولها وما يستفاد منها من فوائد وثمرات في الدعوة إلى سبيل الله.

معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

إن معنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة أن الله تعالى يأمر نبيّه محمّد – صلّى الله عليه وسلّم- بأن يدعو النّاس إلى الله تعالى بـ”الحكمة”، أي بما أنزّله الله تعالى على نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- من القرآن الكريم، وبما أوحاه الله تعالى إليه من السّنّة الشّريفة، وبـ”الموعظة الحسنة” أي: بما في القرآن الكريم من التّرغيب والتّرهيب، والجزاء والعذاب؛ ليحذروا عقاب الله تعالى.

وقوله: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، أيّ: وناظر من يحتاج منهم إلى مناظرتك بلين ورفق، وبشاشة وجه وحسن خطاب، كما قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}. فأمر الله تعالى نبيّه محمّد _صلّى الله عليه وسلّم- بلين الجانب، كما أمر من قبله نبيّيه موسى وهارون -عليهما السّلام- حين أرسلهما إلى فرعون فقال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}.

أما معنى قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، أي: قد علم الله تعالى شقيّهم من سعيدهم، وكتب ذلك عنده منذ الأزل، فادعهم إلى الله، ولا تتحسّر ولا تحزن على من لم يستجب لدعوتك منهم، فإنك لست بمجبر على هدايتهم، إنّما أنت نذير، وعليك فقط تبليغ الرّسالة التّي أوكلت إليك، وعلى الله الحساب، حيث قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ..}.

وجاء في تأويل الآية في التفسير الكبير: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ..}، بأنّ الله تعالى عندما أراد من النّبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ يسير على نهج إبراهيم الخليل -عليه السّلام- طلب منه أن يدعو إلى دين الإسلام بالحكمة، وأمره أن يدعو النّاس إلى الدّين الحنيف بإحدى الطّرق الثّلاث: بالحكمة أو بالموعظة الحسنة أو بالمجادلة باللّين والأسلوب الحسن، لقوله تعالى في سورة العنكبوت: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.

وعلى ذلك فمعنى آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة أيّ ادع يا نبيّ الله الأقوياء والأشدّاء  إلى دين الإسلام بالحكمة، وهي الحجّة بالدّلائل القطعيّة اليقينيّة، وادع عوامّ النّاس بالموعظة الحسنة، وهي الحجّة بالدلائل الظّنيّة والإقناعيّة، وادع المشاغبين بالجدل، لأنّهم جبلوا على طبيعة المنازعة والمخاصمة، وهو أدنى المراتب الثّلاث.

فكانت كلّ طريقة تتناسب مع الفئة المستهدفة في الدّعوة بحكمة من الباري سبحانه، وقيل: الجدل ليس من باب الدّعوة، إنّما أراد الله به أمرًا آخر، والله أعلم بما أراد، وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، أي: إنّك أيّها الرّسول كُلّفتَ بالدّعوة إلى الله تعالى بهذه الطّرق الثّلاثة، ولست مجبرًا على تحقيق الهداية، فأنت عليك تبليغ الرّسالة، والله تعالى أعلم بالضّالين وأعلم بالمهتدين.

اقرأ أيضا: معنى آية إن الذي فرض عليك القرآن

سبب نزول آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

لم ينزل القرآن الكريم على النّبي محمّد -صلّى الله عليه وسلّم دفعة واحدة، وإنّما كان نزوله منجّمًا، وغالب الآيات والسّور لها أسباب نزول، ومنها قوله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، حيث جاء في سبب نزولها أسانيد ثابتة.

عن ابن عباس قال: لمّا انصرفَ المشركونَ عن قتلى أُحدٍ انصرفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فرأَى منظَرًا أساءهُ رأى حمزةَ رضي الله عنه قدْ شُقّ بطنهُ واصطلِمَ أنْفه وجعدتْ أذناهُ فقال: “لولا أن يحزنَ النساءُ أو يكون سنةَ بعدي لتركتهُ حتّى يبعثهُ اللهُ من بطونٍ السِّباعٍ والطّيرٍ لأمثلنّ مكانه بسبعينَ رجلًا”.

ثمّ دعا ببردهِ فغطّى بها وجههُ فخرجتْ رجلاهُ فغطّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وجههُ وجعلَ على رجليهٍ شيئًا من الإذْخرِ ثمّ قدَّمهُ فكبرَ عليه عشرا ثمّ جعلَ يُجاءُ بالرّجلِ فيوضع وحمزةُ مكانهُ حتّى صلّى عليهِ سبعينَ صلاةً وكان القتلَى سبعينَ فلمّا دُفنوا وفرغَ منهم نزلت هذه الآيةُ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ..}، إلى قوله {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلّا بِاللهِ}، فصبرَ رسول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ولم يُمثِّلْ بأَحَد. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم: 6/122 | خلاصة حكم المحدث : ثابت ))

اقرأ أيضا: معنى آية وأذن في الناس بالحج

فوائد آية ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة

  • على كل مسلم متفقّه في دينه، حمل مسؤولية الدّعوة إلى الله تعالى على كاهله، وعدم التّهاون بهذه المسؤوليّة.
  • يجب على كل مسلم أن تكون دعوته بالكلمة الطّيّبة والخلق الحسن.
  • يتعين على المسلم استخدام الأسلوب اللّين في المناظرات وإقامة الحجج، والإقناع مع طلاقة الوجه ورحابة الصّدر.
  • لا بُدّ من الإخلاص والصّدق والأمانة في القول والعمل.
  • من الضروري أن تكون الدعوة إلى الله تعالى في المكان المناسب والوقت المناسب.
  • يتوجب على كل مسلم الابتعاد كلّ البعد عن الفظاظة والغلاظة والتّنفير، اقتداء بدعوة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

اقرأ أيضا: معنى آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة