معنى آية وأذن في الناس بالحج
إنّ سورة الحج من سور القرآن الكريم المدنية، باستثناء الآية الثانية والخمسين والخامسة والخمسين، حيث إنهن نزلنّ بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ويبلغ عدد آيات هذه السورة العظيمة ثمانية وسبعون آية، ويكثر البحث عن معنى آية وأذن في الناس بالحج التي كانت سببًا في تسمية السورة بهذا الاسم وما تحتوي عليه من فوائد.
معنى آية وأذن في الناس بالحج
إن معنى آية وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامرٍ يأتينَ من كل فجٍ عميق أنّ الله -عز وجلّ- يأمر نبيه إبراهيم عليه السلام، بأن يعلم النّاس ويدعوهم إلى الحجّ وأن يقوم بتبليغهم بفرضيته وفضيلته، ثم يخبره أنكّ إن قمت بذلك فسيأتونك مشاةً على أرجلهم من شدة الشوق، أو يأتونك على كلّ ناقةٍ ضامر تقطع المسافات وتواصل السير حتى تصل إلى أشرف الأماكن، وهؤلاء النّاس سيأتونك من كلّ مكانٍ وبلدٍ بعيد.
وقد قيل أنّه لما أمر الله -عز وجلّ- نبيه إبراهيم بهذا الأمر، قال إبراهيم: كيف أنادي بالنّاس وصوتي قد لا يبلغهم؟ فردّ الله -عز وجلّ- عليه قائلًا: ناد أنت ونحن نبلّغهم، وعندها قام إبراهيم -عليه السلام- بالصعود على المقام مناديًا: “يا أيها النّاس، إنّ ربكم قد اتخذ بيتًا فحجّوه”.
وقد قيل أنّه في هذه الأثناء خضعت الجبال وتواضعت حتى وصل الصوت إلى أرجاء الأرض، وأنّه أسمع كلّ من في الأرحام وكلّ من في الأصلاب، وأنّ كلّ من سمعه سواء أكان حجرًا أم شجرًا أم مددًا أم بشرًا قد أجاب قائلًا: لبيك اللهم لبيك.
أما في قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلىٰ كلّ ضامرٍ}، فقد استنبط بعض العلماء أنّ الحجّ مشيًا على الأقدام أفضل من الركوب، حيث إنّ الله -عز وجلّ- قدّم المشي على الركوب بالذكر، كما أنّ ذلك يدلّ على اهتماهم وقوة عزمهم وهممهم، إلّا أنّ جمهور العلماء قالوا أنّ الركوب أفضل لأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد حجّ راكبًا.
ولا بأس في هذا المقام من ذكر أقوال بعض العلماء في تفسير قول الله تعالى: {وأذّن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالًا وعلىٰ كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍّ عميقٍ}، لمزيد الفائدة، وفيما يأتي ذلك:
فسّر الإمام ابن كثير الآية بأن الله -عز وجلّ- يقول مخاطبًا خليله إبراهيم -عليه السلام-، أن يا إبراهيم ناد بالناس وادعهم إلى الحجّ إلى هذا البيت العتيق الذي أمرتً ببنائه، فإنّك إن فعلت ذلك يأتونك النّاس مشيًا على الأقدام أو ركوبًا على الناقة من كلّ طريقٍ بعيد.
قال الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية أنّ الله -عز وجلّ- عهد إلى إبراهيم -عليه السلام- بنداء الناس وإعلامهم بالحج إلى بيت الله الحرام، فإنّ هؤلاء النّاس سيأتون إلى بيت الله الحرام الذي تأمر بحجّه مشاةً وركبانا، سيأتونك من كلّ مكانٍ وطريقٍ بعيد.
جاء في تفسير الواحدي للآية أن معناها: يا إبراهيم ناد بالناس لأداء فريضة الحجّ، يأتونك مشاةً على أرجلهم أو ركبانا على كلّ بعيرٍ هزيل، ويأتونك من كلّ مكانٍ وطريقٍ بعيد
بينما قال الإمام البيضاوي في تفسيره: في الآية الكريمة دعوة من الله -عز وجلّ- وأمر منه بحجّ البيت الحرام، فقال مخاطبًا إبراهيم وقيل أنّ هذا الخطاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأمره بمناداة النّاس إلى حجّ البيت الحرام، فإن فعلت ذلك فستجيب النّاس ويأتون إلى الحجّ من كلّ طريقٍ بعيدٍ مشيًا على الأقدام أو ركبانًا على البعير الذي أتعبه بعد السفر.
وتجدر الإشارة إلى كثرة فضائل الحج، فقد جعل الله -عزّ وجلّ- لهذه العبادة العظيمة فضائل عظيمة، ومن هذه الفضائل ما يأتي:
- إنّ الحجّ يعدل الجهاد في سبيل الله.
- الحج المبرور سببٌ لنيل الجنة، كما أنَّه سبب لغفران الذنوب، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 1521 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- الإكثار من الحجِّ والعمرة ينفيان الفقر عن المسلم.
- سبب لنيل إكرام الله -عزّ وجلّ-؛ حيث إنّ الوافد على الحجّ هو وافدٌ على الله.
اقرأ أيضا: آيات عن الحج
فوائد من آية وأذن في الناس بالحج
هناك العديد من الفوائد التي يمكن استجلائها من قوله تعالى: {وأذّن في النّاس بالحجّ يأتوك رجالًا وعلىٰ كلّ ضامرٍ يأتين من كلّ فجٍّ عميقٍ}، ومن أبرز هذه الفوائد:
- إنّ الله -عز وجلّ- قد تكفّل بنشر أوامره وشرعه إلى النّاس كافة.
- بالرغم من أنّ الله -عز وجلّ- قادرٌ على إيصال أمر الحج إلى البيت الحرام للناس كافة، إلّا أنّه أمر إبراهيم بمناداتهم رغم أنّ صوته لن يبلغهم جميعًا، وهذا يعلّم المسلم أهمية الأخذ بالأسباب وإن كانت ضعيفة.
- على المرء أن يراعي إخلاص النية في جميع الأحوال، فمن حجّ ماشيًا ظنّا منه أنّه أفضل من الركوب له أجر ذلك، ومن حجّ راكبًا اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان له أجر ذلك.
- إنّ المسلم الصادق في طاعته لله -عز وجلّ- المتشوّق له لا يمنعه من السعي إليه صعوبة الطريق ولا ضعف الدابة.
لا بأس بالمسلم أن يتّخذ ويستخدم ما يعينه على أداء طاعة الله تعالى، وإن كان بذلك قد ترك ما هو أفضل.
اقرأ أيضا: معنى آية كنتم خير امة اخرجت للناس