معنى آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه الواردة في سورة الأنفال، حيث اشتملت هذه السورة المباركة على العديد من التشريعات والإرشادات التي يوجهها الله تعالى لعباده المؤمنين لتكون لهم نهجًا يتبعونه في جميع معاركهم، كما لم تُهمل السورة جانب السلم والأسرى والغنائم.

معنى آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

معنى آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

اختلف المفسرون في معنى آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه على أربعة أقوالٍ، ولكن يقتضي التنويه بدايةً على أنّ هذه الآية جاءت في كتاب الله تعالى عامة، وتخبر عن أنه يحول بين العبد وقلبه لم يخصّصها الله تعالى بشيء، وإنّما هذه المعاني في تفسيرها هي مجرد احتمالاتٍ فالخبر على العموم حتى يخصّه ما يجب التسليم له، وأما المعاني التي ذّكرها المفسرون فهي كما يأتي:

  • القول الأول: أن معنى قول الله تعالى: {واعلموٓا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه}، أي يحول بين الكافر والإيمان، وبين المؤمن والكفر، وقال بهذا عددٌ من أهل العلم منهم عبد الله بن عباس حيث قال: “يحول بين المرء وقلبه، أي يحول بين الكافر والإيمان وطاعة الله” ومنهم سعيد بن جبير حيث قال في تفسير هذه الآية: “يحول بين المرء وقلبه بين الكافر أن يؤمن، وبين المؤمن أن يكفر”، وقال بذلك أيضًا الضحاك في تفسير الاية مثل قولهم حيث قال: “يحول بين الكافر وطاعته ، وبين المؤمن ومعصيته” وغيرهم من المفسرين.
  • القول الثاني: أنّ معنى قول الله تعالى: {واعلموٓا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه}، أي يحول بين المرء وعقله، فلا يدري ما يعمل، ورروي هذا القول عن بعض المفسرين منهم مجاهد حيث قال: “يحول بين المرء وقلبه أي يحول بين المرء وعقله”.
  • القول الثالث: أنّ معنى قول الله تعالى: {واعلموٓا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه}، أي يحول بين المرء وقلبه، أن يقدر على إيمان أو كفر إلّا بإذنه، ومن قال بهذا السدي حيث قال: “يحول بين الإنسان وقلبه، فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه”.
  • القول الرابع: أنّ معنى قول الله تعالى: {واعلموٓا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه}، أي أنّه قريب من قلبه، لا يخفى عليه شيء أظهره أو أسره قال بذلك عددٌ من المفسرين منهم قتادة حيث قال في هذه الآية: “يحول بين المرء وقلبه هي كقوله تعالى: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}.

وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ ذلك خبرٌ من الله عز وجل أنّه أملك لقلوب عباده منهم، وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء، حتى لا يقدر ذو قلب أن يدرك به شيئًا من إيمان أو كفر، أو أن يعي به شيئًا، أو أن يفهم، إلا بإذنه ومشيئته، وذلك أنّ الحول بين الشيء والشيء، إنما هو الحجز بينهما، وإذا حجز جل ثناؤه بين عبد وقلبه في شيء أن يدركه أو يفهمه، لم يكن للعبد إلى إدراك ما قد منع الله قلبه إدراكه سبيل، وبهذا الرأي يدخل القول الأول والثاني والثالث ويجمع بينهما.

فخلاصة ما قيل في معنى هذه الآية، هو أن الله تعالى متصرفٌ في عباده، فيشرح قلب أحدهم للإسلام ويهديه للإيمان، وإن شاء قد جعل في قلبه التثاقل والحرج عن الدين ما يحول بينه وبين الإسلام، فالله تعالى يحول بين المرء وقلبه.

اقرأ أيضا: معنى آية ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله

المباحث اللغوية في آية واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه

ورد في قول الله تبارك وتعالى: {واعلموٓا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه}، بعضٌ من المفردات التي تحتاج إلى بيان وتوضيحٍ ليكتمل مفهوم الآية ويسهل معرفة تفسيرها، وهي ما يأتي:

  • ٱعْلَمُوٓاْ: من الفعل علم، ومعنى علم الشّخص، أي حصلت له حقيقة العلم، عرفه وأدركه، درى به وشعر، وعلم الأمر أي أيقنه صدّقه ،وعلم الشيء حاصلا أي أيقن به وصدّقه.
  • يَحُولُ: من الفعل حال ومعنى حال بين الشّيئين أي حجز وفصل بينهما، حال دون الشّيء أي منع حدوثه، {واعلموا أنّ الله يحول بين المرء وقلبه}، المراد أنّ الله يملك عليه قلبه فيصرفه كيف شاء.
  • ٱلْمَرْءِ: يقال المرء عند التّعريف، وامرؤٌ عند التّنكير، والمرء يعني الرجل، والجمع رجال.
  • قَلْبِهِ: وهو عضوٌ عضليٌّ أجوف يستقبل الدّم من الأوردة ويدفعه في الشرايين، ويعبر بالقلب عن العقل.

وأما من الجانب البلاغي فقد افتُتحت الآية بقول الله تعالى: {واعلموٓا}، لحثّ المخاطبين على الاهتمام بما تتضمنه الآية، وليتأملوا فيما جاء بعدها وهذا نوع من أنواع البلاغة؛ وهي افتتاح الكلام الذي يتضمن خبرًا أو طلبًا مهمًا بقول: “اعلم”، وهذا للفت ذهن المخاطب، وفيه تعريضٌ بغفلة المخاطب عن أمرٍ هام والطالب أو المخبر يريد علم المخاطب، فيصرح بالفعل الذي يدل على طلب العلم بقصد الاهتمام.

وقد جاء ذلك في عدة آياتٍ في كتاب الله تعالى، حيث قال تعالى: {اعلموا أنّ اللّه شديد العقاب وأنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ}، وقال تعالى: {اعلموا أنّما الحياة الدّنيا لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد}،وغيره من الأمثلة التي جاءت في كتاب الله وفي سنّة رسوله.

اقرأ أيضا: معنى آية فكنتم على أعقابكم تنكصون

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة