معنى آية ولا تنسوا الفضل بينكم
تنوعت الأحكام في سورة البقرة، وتحدثت السورة في عددٍ كبيرٍ من المواضيع ومنها الطلاق، وقد جاء في آيات الطلاق في سورة البقرة قول الله تعالى: {وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، ويتساءل الكثيرون عن معنى آية ولا تنسوا الفضل بينكم وما تضمنته من مباحث لُغوية.
معنى آية ولا تنسوا الفضل بينكم
إن معنى آية ولا تنسوا الفضل بينكم أن الله تعالى ينبه الناس في هذه الاية ألا يغفلوا عن الأخذ بالفضل على بعضهم، وهذا الأمر من الله تعالى يحمل على الندب، ففي الاية إشارةٌ إلى أن يتفضل الرجل الذي طلق زوجته من قبل أن يمسها، فيعطيها ما تبقى من مهرها، إذا كان لم يعطيها إياه سابقًا، وإن كان قد اتاها حقوقها التي فرضها الله تعالى لها، من مهرٍ وغيره، فليتفضل عليها بالعفو، عما وجب له.
كما يجوز للرجل أن يأخذ منها نصف المهر إن كان قد أعطاها إياه كاملًا، فإن لم يعفو عما تبقى له من مهرٍ، وكان شحيحًا معها، فلتكن المرأة المطلقة هي صاحبة الفضل، والعفو، وترد عليه ما أخذت منه مهرٍ مقبوضٍ، فإن لم تكن قد أخذت منه شيئًا، فتعفو عن جميعه، فإن ترك الزوج المطلق، وطليقته ما ندب الله إليه، ولم يتفضل أحدهما على الاخر بالعفو، فللمرأة المطلقة عندها نصف ما كتب لها من مهرٍ في عقد الزواج، وله النصف المتبقي.
ولما سئل مجاهد عن آية {ولا تنسوا الفضل بينكم} قال: “إتمام الزوج الصداق، أو ترك المرأة الشطر”، وقد ضرب السلف الصالح مثالًا يقتدى به في عفوهم، وفي تفضلهم، وامتثالهم لأمر الله تعالى.
وقال الضحاك في تفسير قوله تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}، يقصد أن المرأة يطلقها زوجها وقد فرض لها ولم يدخل بها، فلها نصف الصداق، فأمر الله أن يترك لها نصيبها، وإن شاء أن يتم المهر كاملا؛ وهو الذي ذكر الله”.
المراد من الآية الكريمة أن الله تعالى ينبه الزوجين بأن لا ينسوا الإحسان إلى بعضهم، وختم الله تعالى هذه الاية بقوله: {إن الله بما تعملون بصير}، أي أن ما تفعلونه من عفوٍ وتفضلٍ على بعضكم، وامتثالكم لأمر الله الذي ندبكم إليه، ومسامحتكم لبعضكم بما وجب لكم من حقوق، بسبب الميثاق الغليظ الذي كان بينكم، وهو عقد الزواج، فهذا كله يراه الله تعالى، الذي لا يخفى عليه أمرٌ في الأرض ولا في السماء، ويحفظه لكم، ويجزي كلٌ منكم عن إحسانه.
وقال بعضٌ من المفسرين في أن المقصود بالفضل، هو إتمام المهر للمرأة، أو ترك نصفه لها، وقيل بأنه الفضل، هو المعروف والإحسان، وقيل أنها ترغيبٌ للزوجين في الفضل، والصلة بينهم، وليتعاطفوا فيما بينهم.
يقول السعدي في تفسيره: “الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف، وينسى الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة؛ لأن معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب، وهو: أخذ الواجب، وإعطاء الواجب، وإما فضل وإحسان، وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق، والغض مما في النفس، فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة، ولو في بعض الأوقات، وخصوصًا لمن بينك وبينه معاملة أو مخالطة، فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم”.
إنما جاءت هذه الآية الكريمة؛ لتؤكد على قداسة هذه العلاقة الإنسانية بين الزوجين، فلل زواج أهميةٌ وقداسةٌ حرص الإسلام على احترامها حتى في أصعب أوقاتها، وهو وقت الطلاق، فأوصى الله الزوجين بأن لا ينسوا ما بينهم من فضلٍ.
اقرأ أيضا: معنى آية ولا يجرمنكم شنآن قوم
المباحث اللغوية في آية ولا تنسوا الفضل بينكم
يحتاج كتاب الله تعالى للوصول إلى فهمه، وتفسير آياته، أن يعرف المباحث اللغوية لكل آيةٍ منه؛ وهذا ليسهل فهمه وتفسيره، وورد في قوله تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}، بعض المفردات ما يأتي بيانها:
- تنسوا: من النسيان وهو الكثير الغفلة ونسيان الموعد وفقدان ذكره وخلو البال منه، أصيب بمرض النسيان أي فقدان الذاكرة جزئياً أو كلياً.
- الفضل: تأتي بمعنى الإحسان ابتداءً بلا علة، والزيادة على الاقتصاد، والفضل :ما بقي من الشيء، وهو إحسان بلا مقابل، هبة، نعمة، وهو مرادفٌ لمعنى الآية.
وأما إعراب الآية الكريمة، {ولا تنسوا الفضل بينكم}، فهو كما يأتي:
- لا: الناهية والجازمة.
- تنسوا: فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون من آخره، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- الفضل: مفعول به منصوب.
- بينكم: ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف حال من الفضل، وكم ضمير مبني في محل جر مضاف إليه.
- إن: حرف مشبه بالفعل للتوكيد.
- اللّه : لفظ الجلالة، وهو اسم إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
- بما: الباء حرف جر وما، اسم موصول مبني في محل جر متعلق ببصير.
- تعملون: فعل مضارع مرفوع، والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
- بصير: خبر إن مرفوع، وجملة: لا تنسوا، جملة لا محل لها استئنافية.
اقرأ أيضا: معنى الآية خذوا زينتكم عند كل مسجد