الصلاة هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة لذلك يجب على المسلم أن يحرص على أدائها على أكمل وجه بالخشوع فلا صلاة بلا خشوع، قال ابن القيم: “علَّق اللهُ فلاحَ المُصَلِّين بالخشوع في صلاتهم، فدلَّ على أنَّ مَن لم يَخْشَعْ فليس مِن أهل الفلَاح، ولو اعتدَّ له بها ثوابًا، لكان مِن المفلحين”، ولقد ذكرت آيات الخشوع في القرآن الكريم في عدة مواضع سنتعرف عليها في مقالنا التالي تحت عنوان آيات عن الخشوع في الصلاة
الخشوع
– الخشوعُ في الصلاة يمكن للمسلم الوصول إليه في حالة فروغ قلبه لها وانشغاله بها عما سواها، وجعلها قرة عين له، عن أنس رضي الله عنه؛ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حُبِّبَ إليَّ مِن الدُّنيا النساءُ والطِّيب، وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصلاة) “سنن النسائي” (7/61)، برقم: (3939).
كيفية الخُشُوع في الصلاة ؟
– استحضار عظمة الله عز وجل، والتركيز على أن المرء واقف بين يدي الله، قال تعالى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].
– النظر لموضع السجود، وعدم الالتفات في الصلاة؛ عن أبي ذر رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال اللهُ مُقْبِلًا على العبد في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا صَرَفَ وَجْهَهُ، انصرف عنه) رواه الإمام أحمد في مسنده (5/172).
– التدبُّر في القُرْآنِ الكريم وما يقال في الصلاة من أذكار، قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].
– ذكر الموت قبل الدخول في الصلاة؛ عن أبي أيوب رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قُمْتَ في صلاتكَ، فصلِّ صلاةَ مُوَدِّع) مسند الإمام أحمد (5/412).
– تهيئة النفس للصلاة بعدم الصلاة في حضرة الطعام، قال صلى الله عليه وسلم: (لا صلاةَ بحضْرَةِ الطَّعامِ، ولا وهو يُدافعُه الأَخْبَثَانِ) صحيح مسلم (1/393)، برقم: (560).
– مُجَاهَدَة النفس والصبر عليها للوصول للخشوع في الصلاة فالخُشُوع ليس بالأمر السَّهْل، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].
– استحضار الثوابِ الناتج عن الخشوع في الصلاة، عن عثمان رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن امرئٍ مسلم تَحْضُره صلاةٌ مكتوبة، فيُحسِن وضوءها، وخشوعَها، وركوعَها، إلا كانتْ كفَّارةً لما قبْلها منَ الذنوب، ما لم يُؤت كبيرة، وذلك الدهرَ كلَّه) صحيح مسلم(1/206)، برقم: (228).
قد يهمك:
آيات عن الخشوع في الصلاة
– قال تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ. الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة 45-46).
– (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران 199).
– (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا. وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ۩) (الإسراء 107-109).
– (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (هود 23).
– (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا. يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا) (طه 108 -109).
– (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الحج 54).
– (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون 1-3).
– (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فصلت 39).
– (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ۗ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ) (الشورى 45).
– (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ. مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ ۖ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ. ۞ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ. فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ) (القمر 7-10).
– (يوْم يخْرُجُون مِن الْأجْداثِ سِراعا كأنّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُون. خاشِعة أبْصارُهُمْ ترْهقُهُمْ ذِلّةٌ ذلِك الْيوْمُ الّذِي كانُوا يُوعدُون) (المعارج 43-44).
– (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ اِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً اَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) (القلم: 42، 43).
– (لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر 21).
– (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ. عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ) (الغاشية 1-3).
أحاديث وأقوال عن الخشوع في الصلاة
– كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حال ركوعه: (اللهم لك ركعت، وبك أمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومُخِّي وعقلي وعصبي) رواه مسلم في صحيحه.
– قال ابن القيم رحمه الله: “صلاةٌ بلا خشوعٍ ولا حضورٍ؛ كبَدَنٍ ميِّتٍ لا رُوحَ فيهِ، أفلا يَسْتَحْيِي العَبْدُ أنْ يُهديَ إلى مخلوقٍ مثلِه عبدًا ميِّتًا، أو جاريةً ميتة؟ فما ظنُّ هذا العبد أن تَقَعَ تلك الهَديَّةُ مِمَّن قَصَدَهُ بها مِن مَلِكٍ، أو أميرٍ، أو غيرِه؟! فهكذا سواءً الصلاةُ الخالية عن الخشوع والحضور، وجمْعِ الهِمَّة على الله تعالى فيها بمنزلة هذا العبد – أو الأَمَة – الميت، الذي يُريد إهداءَه إلى بعضِ الملوك؛ ولهذا لا يَقبَلها الله تعالى منه، وإنْ أَسْقَطَتِ الفرضَ في أحكام الدنيا، ولا يُثِيبُه عليها؛ فإنه ليس للعبد مِن صلاته إلا ما عقَلَ منها” الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص11).