خلق الله الإنسان وجعله خليفته في الأرض، ليعمرها ويحافظ على استمرار الحياة فيها إلى قيام الساعة، ولهذا كان واجبًا عليه أن يسعى في طلب رزقه هنا وهناك، ليستمر في هذه الحياة، وليكون قادرًا على أداء وظيفته التي خُلق من أجلها، ولكن عليه أن يحرص كل الحرص خلال رحلته في هذه الحياة أن يكون رزقه كله حلالًا، لكي ينال رضا الله، ولا يحل عليه سخطه.
من خلال هذا المقال سنتطرق إلى أهمية كسب الحلال ، وكيف أنَّ مصدر الرزق يؤثر بشكل كبير في سير حياة الإنسان، لأنه يؤثر بالدرجة الأولى برضا الله عنه.
الكسب الحلال
عندما نقول الكسب الحلال فنحن نعني أن يحصل الإنسان على رزقه من السبل والطرق التي أحلها واجازها له الله عز وجل، فالإنسان بطبيعته يلهث دائمًا نحو الرزق والمال، وهذا حقٌ مشروعٌ له، فمن دون العمل والمال، لن يستطيع أن يتمتع بما في هذه الدنيا من خير، ولكن عليه أن يحرص أيضًا أن تكون مصادر الرزق التي يحصل من خلالها على ما يريد من المال مصادر خير وصلاح، وتأتي بالنفع والخير للبشرية، ولا تسبب الضرر لأي أحد، فهذا كله يجعل رزقه كسبًا حلالًا.
وطرق الكسب الحلال كثيرة ومتنوعة، فالأصل في الأشياء في الإسلام هو الإباحة، ما لم يرد فيها نص شرعي يحرمها، وما لم تكن قياسًا تلحق الضرر في الناس سواء بصحتهم أو عقائدهم او بسمعتهم.
يمكن العمل في التجارة والهندسة والطب والهندسة والتدريس والإعلام والمواصلات والبناء والتنظيف والكثير من الأعمال الأخرى، ولكن ما وجب التنوبه له هو أن الأعمال التي في أصلها الإباحة، ويجب أن تتم بطريقة ترضي الله عز وجل، فمثلًا أباح الله العمل في التجارة، ولكنه حرَم الغش، وأباح العمل في سلك القضاء، ولكنه حرَّم الظلم، وأوجب العدل وكثير من الأمور الأخرى.
اهمية كسب الحلال
تبرز أهمية الكسب الحلال فيما يلي:
- نيل رضا الله عز وجل وتجنب غضبه، فالله عز وجل أمر الإنسان بالسعي في الأرض وطلب الرزق، ولكن أمره أيضًا بالكسب الحلال، وتوعَّد بالعذاب الأليم كل من تسوِِِّل له نفسه سلك الطرق غير المشروعة في كسب الرزق.
- البركة، فالله عز وجل وعد المؤمن أنه سيبارك في رزقه ويفتح أمامه الباب تلو الباب ما دام يتوخى الرزق الحلال، ويطلب رضا الله عز وجل، ويبتعد عن الحرام، مهما كانت المغريات أمامه.
- احترام الذات، فالإنسان عندما يقاوم نفسه الأمارة بالسوء، ويكبح جماح رغباته، ويرفض أطنان الأموال التي يمكن أن يحصل عليها من طريق الحرام في سبيل رضا الله، وتمسكًا منه بقيمه ومبادئه، فإن هذا سيجعله يقدِّر ذاته ويحترمها أكثر، مما يزيد من ثقته بنفسه.
- احترام الناس، فالشخص الحريص على كسب رزقه بالحلال، ينال حب الناس وتقديرهم له، ويصبح أهلًا لثقتهم، كما أنه سيكون قدوة حسنة لكل من يعرفه.
سُبل الكسب الحلال
يسعى المؤمن في سبيل كسب الرزق الحلال، وهناك أمور يمكن أن تعينه على ذلك بعد أن يأخذ بالأسباب ويبذل الجهد المطلوب منه:
- تقوى الله، فعلى المؤمن أن يحرص على تقوى الله عز وجل في كل حركة من حركاته، وأن يجعل مخافة الله نصب عينيه في كل عمل أو قول يصدر منه.
- التوبة والاستغفار، إذ يجب على المؤمن أن يتوب عن كل ذنب اقترفه، وأن يلتزم الاستغفار طوال الوقت ليغفر الله سيئاته صغيرها وكبيرها، وما أدرك منها وما لم يدرك، فالاستغفار مفتاح الرزق، قال تعالى : ” وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “
- الإلحاح في الدعاء، فالله عز يحب أن يسمع صوت عبده وهو يدعوه، ويتقرب له في طلب حاجته، ويسأله إياها، ويتذلل له في طلبها، في الوقت الذي يكون فيه عزيز النفس مع الناس لا يطلب ولا يسأل، فهو على يقين تام بأن الله لن يضيع أجر من أحسن العمل، ولن يرد يدًا امتدت له بالدعاء.
- التوكل على الله عز وجل، فالمؤمن مطالب بأن يفعل كل ما عليه فعله، وأن يخلص في عمله ويجتهد في الوصول، ومن ثم يتوكل على الله، ويعتمد عليه، وينتظر تدبيره، أي أن يأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء، ومن ثم يعتمد على الله وكأنها لم تكن بشيء.