معنى آية وأبصر فسوف يبصرون

يعتني الكثير من المسلمين بالتعرف على معنى آية وأبصر فسوف يبصرون الواردة في سورة الصافات التي تُعد السورة السادسة والخمسون من حيث ترتيب النزول، فقد نزلت بعد سورة الأنعام وقبل سورة لقمان، وأمّا عدد آياتها فإنّه يبلغ 182 عند الجمهور، وعند أهل البصرة 181 آية.

معنى آية وأبصر فسوف يبصرون

معنى آية وأبصر فسوف يبصرون

يقول الله تعالى في سورة الصافات: {وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}، وهذه الآية هي تأكيد لما ورد قبلها في قوله تعالى: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}، وبذلك تكون مرتبطة بما بما قبلها من الآيات، ويمكن القول إنّ معنى آية وأبصر فسوف يبصرون مرتبط بما قبلها ابتداء من قوله تعالى: {وَإِن كَانُوا لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنَ الْأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ * فَكَفَرُوا بِهِ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}.

تذكر هذه الآيات أنّ أهل مكّة كانوا يتمنّون لو أنّه يأتيهم مثل ما أوتي أهل الكتاب من التوراة والإنجيل، فلمّا جاءهم ما تمنَّوا كفروا به، ومن ذلك قوله تعالى في سورة فاطر: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا}، وكذلك قوله تعالى في سورة الأنعام: {أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ}، والله أعلم.

فيقول الله تعالى: {فَكَفَرُوا بِهِ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}، فتحمل الآية في طيّاتها معنى التهديد والوعيد، ثمّ يقول تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}؛ أي: إنّه قد سبق القول في ذلك والقضاء والحكم في الكتب الأولى وفي أمّ الكتاب أنّ الغلبة والنصر للمرسلين وأتباعهم في الدنيا والآخرة.

ويروي الإمام القرطبي أنّه لذلك لم يُقتل أحدٌ من أصحاب الشرائع من الرسل، ثمّ يقول تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ}؛ أي: أعرِض عنهم واصبر على أذاهم حتى حين، واختلفوا في الحين المقصود، فقالوا هو غزوة بدر، وقال بعضهم هو يوم القيامة، وقال بعضهم هو الموت، والأكثر على أنّه يوم بدر، وقال بعض السلف إنّ هذه الآية نسختها آية السيف، والله أعلم.

ثمّ يقول تعالى مخاطبًا رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}، يعني أنظِرهم وارتقب ما سيفعل الله -تعالى- بهم قريبًا، وقيل أبصر ما سيحل بهم من العذاب يوم القيامة، ويقول تعالى بعدها: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ}، يعني هم بكفرهم وتكذيبهم يستعجلون العذاب.

ويقول الإمام ابن جرير الطبري إنّ هذه الآيةّ ردًّا على قولهم: {وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، فيقول لهم تعالى لا تستعجلوا هذا العذاب فإنّه واقع بكم لا محالة، ثمّ يؤكّد -تعالى- أنّ العذاب إذا وقع فسيسوء الكافرين، يقول تعالى: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ}، والعذاب قد يكون من الله -تعالى- مباشرة كالذي كان ينزل على الأقوام السابقة، وقد يكون بأيدي المؤمنين.

فمن ذلك الحديث الذي يرويه أنس -رضي الله عنه- أنّ أهل خيبر لمّا أصبحوا ورأوا أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد صبّحهم قالوا: مُحَمَّدٌ واللهِ، مُحَمَّدٌ والخَمِيسُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ إنَّا إذَا نَزَلْنَا بسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ”، فإنّ العذاب إذا نزل بديارهم فإنّه سيتركها خرابًا ودمارًا.

ثمّ يقول تعالى: {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ * وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}، وهذا الكلام تأكيدٌ لما سبق من التهديد والأمر بالإعراض عنهم حتى يأتي أمر الله -تعالى- لنبيّه عليه الصلاة والسلام، وهو تكرير لأمر الإعراض عنهم وتكرير للوعيد لهم بأنّهم سوف يبصرون العذاب بأنفسهم، والله أعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية أليس الله بكاف عبده

سورة الصافات

فوائد من آية وأبصر فسوف يبصرون

  • إثبات وحدانيّة الله -تعالى- وتنزيهه عن النّقص الذي يدّعيه المشركون، بل له الكمال المطلق الذي لا يتأتّى لمخلوق مهما كان، فسبحانه وتعالى عمّا يشركون.
  • بيان كذب المشركين والكافرين وإقامة الحجّة عليهم من ألسنتهم، فهم كانوا يزعمون أن لو جاءهم ما جاء الأمم السابقة من أنبياء وكتب فإنّهم سيكونون خيرًا منهم، وسيتفوّقون عليهم ويكونون أقرب منهم إلى ربّهم، فلمّا جاءهم ما تمنَّوا كفروا به وحاربوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فاستحقّوا بذلك العذاب الأليم الذي حاق بهم في الدنيا والذي سينالونه يوم القيامة.
  • نزول عذاب الله -تعالى- على المشركين قد يكون غضبًا يحيق بهم كما عُذّبت الأقوام السابقة بعد تكذيبهم أنبيائهم ومحاربتهم وقتلهم بعض الأنبياء أحيانًا.
  • التأكيد على تحقُّق النصر للمؤمنين على الكافرين، وأنّه -تعالى- قد كتب النصر للذين آمنوا به ونصروا دينه، وأمّا الذين يقفون في وجه دين الله الذي ارتضاه لعباده فإنّهم مغلوبون لا محالة، وليس لهم ناصر ينصرهم من دون الله.

اقرأ أيضا: معنى آية الكرسي

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة