معنى آية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا

سورة الإسراء من السّور التي كان لها وقعٌ عظيم على قلب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه الكرام، فجاءت تأكيدًا على معجزته الخالدة لذكرها آيات متعددة عن القرآن الكريم في أكثر من موضع في السّورة، وقد ذكرت السّورة أيضًا العديد من العبادات والطاعات منها ما جاء في قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}، ويتساءل الكثيرون معنى آية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا.

معنى آية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا

معنى آية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا

ورد في تفسير آية {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} أقوال كثيرة؛ منها ما جاء في تفسير ابن كثير حيث قال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أي قُم الليل بعد الصلوات المكتوبة، حيث ورد في حديث أبي هريرة أنّه قال: “أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ فَقالَ : أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصِّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ”، والمقصود بـ {فَتَهَجَّدْ بِهِ}: أي القيام للصلاة بعد النوم، فهو لا يكون تهجدًا إلا ما كان بعد النوم.

وجاء في تفسير السّعدي لقوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} أي صلِّ بالليل في سائر أوقاته، أمّا لفظ {نَافِلَةً لَكَ} فقد اختلف فيه فقيل: أنّها بمعنى زيادة الأجر والثواب لرسول الله و رفع لدرجته دون غيره، فلذلك جاء التهجد مخصوص بالوجوب على رسول الله دون سائر الأمة، فهي بذلك تكون للمسلمين كفارة للذنوب، وقيل في ذلك أيضًا: أنَّ المعني قد يكون بأن الصلوات الخمس قد فرضت على رسول الله والمسلمين أجمعين، وصلاة الليل فرضت على رسول الله لا على المسلمين، فما كان هذا الفرض والوجوب إلّا زيادة في علو قدره وتكريمًا له.

أما معنى آية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا أي المقام الذي يحمده عليه الأولون والآخرون من جميع الخلائق في يوم القيامة، فجاء لفظ “عسى” بمعنى أنّه واجب على الله -عزّ وجلّ- أنْ يكرم من طلبه بالعطاء.

وقيل أنَّ معنى الآية على قولين: أي أنْ يجلسه على العرش أو أنْ يكرمه بالجلوس على الكرسيّ، وعلى ذلك فإنَّ رسول الله سينال هذا التشريف العظيم بعدما يُتشفع الناس بآدم ونوح و إبراهيم و موسى وعيسى ولكن يعتذرون جميعهم إلا نبيّ الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.

ورد في حديث رسول الله أنّه قال: “إنَّ الشَّمسَ لتدنو حتَّى يبلُغَ العَرَقُ نصفَ الأُذنِ ، فبينما هم كذلك استغاثوا بآدمَ عليه السَّلامُ، فيقولُ : لست صاحبَ ذلك ، ثمَّ بموسى عليه السَّلامُ، فيقولُ: كذلك، ثمَّ بمحمَّدٍ، فيشفعُ بين الخلقِ، فيمشي حتَّى يأخذَ بحلقةِ الجنَّةِ، فيومئذٍ يبعثه اللهُ مقامًا محمودًا”.

وجاء في تفسير البغوي للآية الكريمة حيث قال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} أي قم بعد نومك للصلاة، فصلاة الليل للتهجد هي ما كانت بعد الاستيقاظ من النوم، و ذكر البغوي أنَّ صلاة الليل كانت فريضة على رسول الله والمسلمين كافة في بداية التشريع بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}.

ثُمَّ بعد ذلك تم التخفيف عن العباد بنسخ الآية السابقة بالآية الآتية قال تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}، فصار الوجوب بالصلوات الخمس المفروضة، والاستحباب بالنوافل على المسلمين، أمّا في حق رسول الله فقد بقيت صلاة الليل والتهجد بالوجوب، وقال: {نَافِلَةً لَكَ} أي زيادة لكَ عن باقي الفرائض.

وجاء التخصيص هنا بالوجوب في حق رسول الله لأنّ النوافل ما هي إلا تكفيرًا للذنوب ومحو للسيئات في حق العباد، بخلاف رسول الله -عليه الصّلاة والسلام- فقد غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخرَّ فكانت هذه الصلاة زيادة له في درجاته وعلو قدره في الدنيا والآخرة، أما {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} فالمقصود به مقام الشفاعة لأمته.

اقرأ أيضا: معنى آية الا من اتى الله بقلب سليم

فوائد من آية عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا

عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا

  • فُرضت الصلوات الخمس على العبد المسلم في اليوم والليلة بأجرها العظيم، وله أنْ يزيد عليها بالنوافل؛ كقيام الليل والتهجد والسنن القبلية والبعدية من الصلوات المفروضة.
  • يجب على العبد المسلم أنْ يحرص على الإكثار من القيام بالنوافل؛ لأنّها تكفر الذنوب وتبدل سيئات العبد بالحسنات.
  • لا ينال الشفاعة العظمى إلا النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- ومن أراد أنْ ينال من شفاعة رسول الله فعليه أنْ يقول مع الآذان ما ورد عن رسول الله حيث قال: “إذا سمعتم المؤذنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثم صلَّوا عليَّ؛ فإنه مَن صلَّى عليَّ صلاةً ؛صلَّى اللهُ عليه بها عشْرًا، ثم سلُوا اللهَ عز وجل ليَ الوسيلةَ؛ فإنها منزلةٌ في الجنةِ لا تنبغي إلا لعبدٍ مِن عبادِ اللهِ تعالى وأرجو أن أكونَ أنا هو؛ فمَن سألَ اللهَ لي الوسيلةَ حلَّتْ عليه الشفاعةُ”.
  • على العبد المسلم أن يجعل له طاعاتِِ يفوز بها بنعيم الجنة وينال بها شفاعة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فركعتان في جوف الليل خير من الدنيا وما فيها.
  • يُعدّ قيام الليل شرف المؤمن وبه يصبح العبد بنهار يومه وقد امتلىء قلبه بمزيد من الإيمان والتلسيم وأضاء عتمة داره وقلبه بقيام ركعات معدودة.

اقرأ أيضا: معنى آية سيجعل لهم الرحمن ودا

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة