معنى آية خلقنا الإنسان في كبد
تتألف سورة البلد من عشرين آية فقط، وهي من سور المفصل، ومقاصد سورة البلد تتسلسل وفقًا لتسلسل الآيات، وقد تطرَّقت هذه السورة إلى غير موضوع واحد في محكم آياتها، ويكثر البحث عن معنى آية خلقنا الإنسان في كبد الواردة في السورة الكريمة.
معنى آية خلقنا الإنسان في كبد
قال الله -عز وجل- في كتابه الكريم واصفًا حال الإنسان في حياته الدنيا: (ولقد خلقنا الإنسان في كبد)، و معنى آية خلقنا الإنسان في كبد أنّ الله -عزّ وجل- خلق الإنسان وجعله يصارع الكبد وهو في بطن أمّه إذ يكون حين في ضيق شديد نتيجة وجوده في رحم أمّه، وما ينتج عن هذا الأمر من معاناة في مواجهة الضيق والظلمات التي يواجهها وحده.
وتستمر معاناة الإنسان وذلك عندما يدنو أجله ويحين وقت خروجه من رحم أمّه، اذ أنّه وفي أول نسمة هواء يتنفسها وتدخل إلى صدره يواجه أشد الألم، وتبدأ رحلة معاناته وما يتلاقاه من كبد العيش ومشقته، ويعدّ كل ذلك في إطار المرحلة الأولى التي يواجه فيها الإنسان الألم والمعاناة، ويكون فيها الإنسان في كبد وضنك وألمٍ ومعاناة.
يمرّ الوقت، وبعد أن يعتاد الإنسان ويتغلب على آلامه ومعاناته الأولى يبدأ الألم والمعاناة بالظهور من جديد وهذه المرّة عندما يحين وقت الفطام، فيواجه الإنسان فيها أشدّ الألم والمعاناة، وذلك في ابتعاده عن أمّه وانقطاعه عن صدرها، ويتسبب هذا الانقطاع عن صدر الأم وحليبها بألمٍ شديد يشعر به الإنسان إذ يكون طفلًا في ذلك الوقت، ويستمرّ هذا الألم لأيّام وربّما لأسابيع إلى أن يتمكن الإنسان من الاعتياد على هذا الأمر وطريقة غذائه الجديدة.
وبمرور الوقت أيضًا يكون الإنسان قد دخل مرحلة أخرى وهي مرحلة التسنين، والتي تشهد مرور الإنسان بأشدّ ألم لا ينقطع عنه لأيّام عديدة، يتعذب من خلالها أشدّ العذاب، حتّى إذا ما اقترب الإنسان من البدء في التعليم يكون قد دخل في مرحلة جديدة، وتكون هذه المرحلة هي من أهمّ وأكثر المراحل الذي سيعاني منها الإنسان، وسيظلّ يكابد فيها ليال وأيّام طوال.
فخلال هذه المرحلة يسهر الإنسان في الليل للجدّ والاجتهاد، ويخرج في الصباح الباكر إلى المدرسة لأداء ما عليه، فيواجه فيها كثيرًا من التعب في سبيل أن يتميز ويتفوق في دراسته حتّى إذا ما اقترب من ساعة التخرج والانتهاء من الدراسة سيظنّ حين إذٍ أنّه انتهى من مرحلة التعب والكبد، ولكنه للوهلة الأولى لا يدرك أنّه دخل مرحلة أخرى من المعاناة، وهي مرحلة البحث عن وظيفة وعن عمل يستطيع من خلاله أن يستمر في الحياة.
وبعد أن ينتهي من هذا الأمر ويظن أنّه قد حان وقت الراحة، يواجه همًا جديدًا، وهو همّ الزواج وبناء العائلة إلى أن يتزوج ويرزقه الله بالأبناء، فيأتي همٌ جديدٌ، وهو هم تربية الأبناء ونحو ذلك، فالإنسان في هذه الدنيا مقدرٌ عليه أن يعيش فيها في كبد مستمر إلى أن يتوفاه الله، فأمّا إلى راحةٍ كبيرةٍ وهي الجنة، وأمّا إلى حياةٍ تعيسةٍ وهي النار والعياذ بالله.
اقرأ أيضا: معنى آية الا من اتى الله بقلب سليم
الإنسان في القرآن الكريم
ذكر الله -عزّ وجلّ- العديد من الصفات التي تميّز الإنسان، وتجعله منفردًا بها عن غيره، والغاية من ذلك تكمن في حفظها، وتوثيقها، وللدعوة لتقييم تلك الصفات، وللفت الانتباه للمحافظة على الصفات الجيّدة منها، بالحرص على امتثالها، ومعالجة ما كان سيئًا منها، ليتمكّن الإنسان بذلك من أداء رسالته، وإقامة مهمته بخلافته في الأرض.
تحدّثت الآيات القرآنية عن الإنسان؛ إذ لم تترك جانباً من جوانبه، ولا حالةً من حالاته إلّا وذكرت، إذ بدأ الله -سبحانه- بأوّل مرحلةٍ من خلقه، ثم تكوينه، ثم مراحل خلقه إلى أن أصبح جنينًا.
ثم بينت الآيات مظاهر عناية الله -تعالى- به، بدءًا من مرحلة الطفولة، ثم رضاعه، ثم كيفية فطامه، وما يحمل من مشاعرٍ وعواطف، ثم بيان هدايته، وحالته الفطرية، وما يتطلّع إليه في المستقبل.
كما بيّن الله في الآيات القرآنية حال الإنسان عند الموت، والبرزخ، والبعث، إلى حين استقراره في مقامه الأخير، ومن مظاهر عناية الله بالإنسان تسمية سورةٍ كاملةٍ في القرآن باسم سورة الإنسان، التي تتميز بالنداء الموجّه له بالحرص على تذكّر الأصل الذي خلق منه، وفضل الله ومنّته عليه؛ إذ خلق الله الإنسان بشرًا سويًا، ومهّد له طريق الخير والشّر ليختار منهما بإرادته وكسبه، وبقرارة عقله، وبما يملك من طاقاتٍ ومدارك، ليتميز بذلك عن غيره من المخلوقات.
اقرأ أيضا: معنى آية سندع الزبانية