معنى آية واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
يكثر البحث عن معنى آية واعبد ربك حتى يأتيك اليقين وهي الآية رقم 99 والأخيرة من سورة الحجر، وقد ساق الله هذه الآية الخاتمة للسورة بعدما تناول أحوال الأمم السابقة المُكذّبين بالأنبياء والمرسلين، فقد ذكّرت الآيات أهل الشرك من قريش والعرب أجمعين بالأقوام التي يمرون عليها أثناء سفرهم لرحلات التجارة.
معنى آية واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
توّجه الله تعالى في ختام سورة الحجر بالخطاب إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ* إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ* الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ* وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ* وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.
جاء في كتاب معالم التنزيل للإمام البغوي أن معنى آية واعبد ربك حتى يأتيك اليقين أنه بعد أمر النبي بالجهر بالدعوة، والخروج بها من نطاق السرية، فلا بد من متابعة الدعوة والإعراض عن المشركين الذين يستهزءون بالرسالة الإسلام، مما قد يُسبّب الضيق للنبي؛ لذلك جاء الأمر بالتسبيح والسجود لله تعالى، وعبادته حق العبادة حتى يأتيه اليقين من الله تعالى.
هناك ارتباط بين هذه الآية المباركة في سورة الحجر وبين قوله تعالى في سورة مريم: {وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}، فهناك تقارب شديد بين الرسالات السماوية، فالخطاب الإلهي الذي يوجّه الله تعالى لخلقه على لسان أنبيائه واحد في جميع الرسالات.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث عن ابن مسعود وأبي الدرداء:”ما أُوحِيَ إليَّ أنْ أجمعَ المالَ، وأكونَ منَ التاجرينَ؛ ولكنْ أُوحِيَ إليَّ أنْ سبِّحْ بحمدِ ربِّكَ وكنْ منَ الساجدِينَ. واعبُدْ ربَّكَ حتى يأتيكَ اليقينُ”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود وأبو الدرداء | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ | الصفحة أو الرقم: 4/2067 | خلاصة حكم المحدث : فيه متروك ))
جاء عن بعض المفسرين أن المقصود من الآية أن الله تعالى يُخاطب نبيه قائلًا: يا محمد اعبد ربك، حتى يأتيك الموت الذي تُوقن به، كما جاء في تفسير الطبري أن المقصود باليقين هو الموت، بينما يقول القرطبي أن معنى الآية لا بد من الاستمرار في القيام بالدعوة إلى الله وعبادته طيلة حياته، حتى يقضى أجله.
استدل ابن كثير على أن اليقين هو الموت في الآية بقول تعالى في سورة المدثر: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ}.
هناك بعض الآراء التي تُشير إلى أن اليقين في الآية يُراد به المعرفة، وأن من يصل إلى المعرفة يسقط عنه التكليف، ويرد ابن كثير على ذلك بأن الأنبياء هم أصحاب المعرفة والعلم، ولم يسقط عنهم التكليف، بل كانوا أشد الناس مواظبة على التعبد لله تعالى، فتُشير الآية الكريمة إلى أن جميع العبادات من صلاة وزكاة وصيام، واجبة على المسلمين ما دام كان عاقلًا حيًا.
اقرأ أيضا: فضل سورة الحجر
معاني المفردات في آية واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
- واعبد: المقصود بالعبادة أي الخضوع والانقياد، فعبادة الله تعالى أي التسليم والتذلل له مع الالتزام بما أوحى به إلى عباده المرسلين من شرائع وأديان، كما يجب أداء الفرائض، والله تعالى هو المعبود بحق.
- ربك: الرب من أسماء الله تعالى، فهو رب العالمين من إنسٍ وجان، وتُجمع الكلمة على ربوب وأرباب، والمؤنث منها ربّة، وجمع المؤنث رباب، وربّات، ولا يمكن إضافة أل التعريف في كلمة رب سوى لله تعالى تعالى، بينما يُمكن إطلاق لفظ رب على الخلائق مثل رب البيت، ورب الأسرة، ورب العمل، ويُقصد به عند ذلك السيد أو المالك.
- يأتيك: الفعل أتى هو فعل ماضي، ومضارعه يأتي، والفاعل آتٍ، والمفعول مأتي أو مأتي إليه، ويُقصد به الحضور والوصول، يُقال أتى فلان أي حلّ ونزل، ويأتي الموت أي يحين ويجيء.
- اليقين: يُقصد باليقين الوصول إلى مراتب المعرفة عند الصوفية، لكنه في الآية بمعنى الموت، وبشكل عام، يدل اليقين على التحقق من الأمر، وزوال الشك.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الحجر
فوائد من اعبد ربك حتى يأتيك اليقين
تكثر الفوائد والثمرات التي يمكن استخلاصها من آية واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ومن ذلك ما يأتي:
- يجب على المسلم ألا يكترث بأقوال الكافرين والمشركين والمنافقين من المستهزين بآيات الله وشرائعه وشعائر دينه، فعلى المسلم أن يستمر في العبادة وطاعة أوامر الله.
- يكفي الله تعالى عباده شر الأشرار واستهزاء الكافرين والمشركين، ولكن بشرط الالتزام بالطاعة وعبادة الله حق عبادته.
- يبقى المسلم مُلزمًا بطاعة الله تعالى ما دام كان على قيد الحياة.
- يتحقق اليقين بالموت، حيث يدرك عند ذلك حقيقة لقاء الله تعالى، وفي ذلك يقول الله تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ}.
اقرأ أيضا: ما هو مفهوم العبادة لغة وشرعا