اقتصاد رواندا
كثيرةٌ هي الدروس المستفادة في هذا العالم الفسيح التي تتعلمها الدول لبناء و هيكلة اقتصاداتها من تجارب دول أخرى. فلا مستقبل لمن لم يتعلم من الماضي ليبني الحاضر والمستقبل، ومن أبرز التجارب الرائدة في عالمنا المعاصر، وفي القارة الإفريقية على وجه الخصوص تجربة اقتصاد رواندا أو كما تسمى سنغافورة إفريقيا، أو نمر إفريقيا الصاعد.
اقتصاد رواندا
تتعدد الإنجازات التي حققها الروانديون بعد انتهاء الحرب الأهلية التي اندلعت سنة 1994، والتي كانت مأساة حقيقية، وفقرا مدقعا، وجوعا، واقتصادا مدمرا، ولكن بعد الحرب مباشرة استفاق الروانديون على حجم الكارثة و الدمار، ثم بدأوا رويدا رويدا في لملمة جراحهم، وبناء ما تهدم، وفي سنة 2000 وضعوا مخططهم ورؤيتهم المستقبلية المستقلة لسنة 2020، والتي تضمنت 44 مطلبا، وكان الهدف منها بناء اقتصاد مؤسس ومبني على المعرفة.
اليوم، وبعد قرابة ربع قرن على إطلاق رواندا لرؤيتها لسنة 2020، نهض اقتصاد روندا وحققت الدولة إلى حد كبير رؤيتها الاقتصادية بشكل كبير، واستطاعت تحقيق ما عجزت عنه الكثير من دول القرن الإفريقي، فلقد أصبح اقتصاد رواندا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، بشهادة معظم المؤسسات الاقتصادية الدولية، فنسبة النمو في سنة 2018 وصلت ل%7.2، وبلغ معدل النمو في 2019 نسبة %7.5، بينما وصلت نسبة النمو في 2020 في رواندا 8%.
أنشأت في رواندا العديد من الشركات ومصانع السيارات والملابس الجاهزة والصناعات الغذائية، وهذا كله بفضل التغييرات الكبيرة التي أجرتها في ترسانتها القانونية، من خلال تبسيط الإجرءات، إذ أن تأسيس شركة في رواندا لا يتطلب سوى 5 ساعات فقط، وصارت بالتالي منطقة جذب للاستثمارات الخارجية على الصعيد الدولي.
انخفضت نسبة الفقر في رواندا فمن 10 أفقر دول في العالم، إلى القضاء على %30 منه في البلاد، كما أثر اقتصاد روندا على متوسط دخل الفرد حيث تضاعف إلى 1538 دولار، وهناك العديد من الاعتبارات التي ساهمت في النهضة الاقتصادية في رواندا مثل الاستقرار السياسي والأمني الذي تعيشه الدولة، والمناظر الطبيعية الخلابة، حيث تلقب رواندا ببلد “الألف تلة”.
كما أن عاصمة رواندا كيغالي تعتبر من أجمل العواصم الإفريقية، وهذا ما جعلها تحقق نحو %70 من دخلها الإجمالي من هذا القطاع إضافة للقطاع الزراعي، الذي تعتمد فيه على تصدير الشاي والقهوة، كما تعد رواندا من الرعاة الرسميين لفريق الأرسنال الإنجليزي لكرة القدم، ومما يبرز مدى التطور والتقدم في اقتصاد روندا أيضا إطلاق رواندا لقمر صناعي لإمداد المرافق العمومية بالإنترنت.
اقرأ أيضا: العمل في رواندا
تاريخ اقتصاد رواندا
قبل الحرب الأهلية
في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، أدت السياسات المالية لرواندا، إلى جانب المساعدات الخارجية، إلى نمو في دخل الفرد ومعدلات تضخم منخفضة. ومع ذلك، عندما انخفضت أسعار البن بشكل حاد في الثمانينيات، أصبح النمو غير منتظم.
مقارنة بمعدل النمو السنوي البالغ 6.5٪ من 1973 إلى 1980، قل النمو إلى 2.9٪ في المتوسط سنويا من 1980 إلى 1985 وظل راكدا من 1986 إلى 1990. بلغت الأزمة ذروتها في عام 1990
خلال سنوات الحرب الأهلية الخمس انخفض الناتج المحلي الإجمالي مسجلا انخفاضا سريعا بأكثر من 40 ٪ في عام 1994. أشارت الزيادة البالغة 9٪ في الناتج المحلي الإجمالي لعام 1995 العام الأول بعد الحرب إلى عودة النشاط الاقتصادي.
بعد الحرب الأهلية
دمرت الإبادة الجماعية القاعدة الاقتصادية الهشة لرواندا، وأدت إلى إفقار السكان وقوضت قدرة البلاد على جذب الاستثمارات الخارجية. ومع ذلك، فقد أحرزت رواندا تقدما كبيرا في إعادة تأهيل اقتصادها. وفي يونيو 1998، وقعت رواندا على تسهيل التكيف الهيكلي المعزز مع صندوق النقد الدولي.
في الفترة التي أعقبت الحرب مباشرة – منتصف 1994 حتى 1995 – تجاوزت المساعدات الإنسانية 307.4 مليون دولار موجهة لجهود الإغاثة وفي مخيمات اللاجئين في البلدان المجاورة حيث فر الروانديون. وفي عام 1996، بدأت مساعدات الإنسانية في التحول إلى مساعدة إنمائية.
بعد الإبادة الجماعية، بدأت الحكومة التي يقودها التوتسي برنامجا لتحسين اقتصاد البلاد وتقليل اعتمادها على زراعة الكفاف. وسجلت حكومة رواندا معدل نمو بلغ 13٪ في عام 1996 من خلال الخصخصة المتسارعة للمؤسسات الحكومية والتحسين المستمر في إنتاج المحاصيل والأغذية. وبحلول منتصف عام 1997، عاد ما يصل إلى 75٪ من المصانع التي كانت تعمل قبل الحرب إلى الإنتاج.
الاقتصاد الحالي
دخلت البلاد فترة من النمو الاقتصادي في عام 2006، حتى تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8 ٪، وهو رقم قياسي، مما جعلها أحد أسرع الاقتصادات نموا في إفريقيا، وقد نجح هذا النمو في الحد من الفقر وتقليل معدلات الخصوبة، حيث أدى النمو بين عامي 2006 و2011 إلى خفض نسبة سكان البلاد الذين يعيشون في فقر من 57٪ إلى 45٪، كما نمت البنية التحتية للبلاد بسرعة.
ويعتمد اقتصاد رواندا على:
- قطاع الزراعة؛ كزراعة قصب السكر، والشاي، والبن، والتبغ، والموز، وقد شكلت الزراعة 29% من اقتصاد رواندا حسب إحصائيات عام 2019، وما يقدر بنحو 90٪ من القوة العاملة تعمل في الزراعة في المزارع.
- قطاع السياحة؛ شهد تغييرا كبيرا فمن 105 ألف بعد انتهاء الحرب بفترة وجيزة، إلى أزيد من مليون سائح زائر قبل حلول وباء كورونا.
- قطاع استخراج وإنتاج المعادن؛ كالقصدير، والياقوت ، والذهب، والكولتان.
- قطاع الرعي، وتربية المواشي كالأبقار، والأغنام، والماعز.
اقرأ أيضا: ترتيب دول العالم اقتصاديا 2021