الحياة في رواندا

قبل قرابة 25 سنة، كانت الأنظار موجهة نحو رواندا الجمهورية الإفريقية بمنطقة البحيرات العظمى، لتناقل أخبار الحرب الأهلية هناك، بين المكونين الرئيسين في البلاد، الهوتو والتوتسي، التي راح ضحيتها قرابة 800 ألف قتيل، أما اليوم فالأنظار تتجه لتلك الدولة الإفريقية لنقل نجاحها الاقتصادي وتحولها إلى واحدة من أكبر اقتصادات إفريقيا، ويتساءل الكثيرون عن طبيعة الحياة في رواندا الآن.

الحياة في رواندا

الحياة في رواندا

يُفاجئ زائر دولة رواندا لأول مرة باختلاف كبير بين ما يراه وما نُقِلَ إليه وطالعه أو قرأه عن الحياة في رواندا وطبيعة المعيشة بها، فمن ناحية أولى، يبدو البلد، وخصوصاً العاصمة كيغالي، مغايراً للصورة الدامية التي عمّتها بين عامي 1993 و1994، إذ واجه السكان إبادة جماعية تجاوزت المجازر.

على الرغم من هذه المأساة التي أودت بالآلاف، إلا أن التماسك الاجتماعي وتغليب الرغبة في استمرار السلم العام، وبالتالي الحياة، يعمّان الجميع، حتى إنه لا يكاد يذكر في البلاد اسما “الهوتو” و”التوتسي”، أو القبيلتين الكبيرتين اللتين اندلعت بينهما الحرب الأهلية.

يذكر جميع الروانديين، بداية من مطار الوصول إلى الأسواق والشوارع، وحتى أقسام الشرطة، كلمة رواندا بكثير من الفخر، لإبراز هوية وطنية تتجاوز المحن والخلافات المريعة. ويزيد من بريق الإقدام على زيارة رواندا، أن كثيرين من أهلها يتحدثون الإنجليزية والفرنسية، إضافة إلى اللغة المحلية الكينيارواندية، كما

تتمتع البلاد بجوٍّ يغلب الاعتدال عليه طوال العام، على الرغم من قربها من خط الاستواء، والبنية التحتية تبدو جيدة، حتى إنها تتحمل تساقط الأمطار التي تتحول إلى سيول، فلا تغرق الشوارع كما يحدث في الكثير من البلدان، ولا يتوقف المرور أو يغرق أحد من البشر. على الرغم من هذا، لا يُفاجئ زائر العاصمة ومدن رواندا الرئيسية بمقدار الفقر، بل شظف العيش الذي يعاني منه أغلب السكان، فيما يحتفظ نحو الخمس بالمستوى الاجتماعي الأكثر من راقٍ.

أما البنية التحتية للدولة في مجالات عصرية، كالاتصالات، فهي طموحة، لكنها لا تناسب التوسع المأمول منها، ومع تيسير الحكومة إنشاء شركاتٍ للاستثمار وتوظيف العمالة المحلية المتوافرة، فإنها لا تقدّم ضمانات للحفاظ على رأس المال المستخدم.

بالنظر إلى الحياة في رواندا فإننا أمام دولة ناشئة بمعنى الكلمة، فيها طبيعة ساحرة من تلال ووديان خضراء، حتى إن اسم رواندا يعني مدينة الألف تل. ومع وجود آلاف الفدادين من أراضٍ زراعية بالغة الخصوبة لا تحتاج إلى سماد أو كيماويات لتثمر، خصوصاً مع الأمطار شبه المتواصلة على مدار العام، إلا أن مناخ الحرية والعدالة والأمن للترحيب بالمستثمرين لا يكاد يكون كافياً أو واعداً في ظل وجود قرابة 12 مليون من أهالي رواندا لا يكاد معظمهم يجد أساسيات الحياة، ولكن مع ازدياد قدرة الإعلام ووسائل التواصل على اجتذاب المئات، تشهد رواندا يومياً زائرين متطلعين إلى حياة مستقرة.

اقرأ أيضا: معلومات عن دولة رواندا

الأنشطة الترفيهية في رواندا

الأنشطة الترفيهية في رواندا

يبحث العديد من الأشخاص عن الوجهة المثالية للتمتع بجمال الطبيعة والمغامرات الشيقة والغريبة، وتعد رواندا من أبرز الدول التي يضعها محبو السفر في قائمة الوجهات السياحية، فإذا أردت أن تشاهد قرود الكولبس البيضاء والسوداء في بيئتها الطبيعية، فيمكن ترتيب رحلة تجول في متنزه نيونغوي القومي في الصباح الباكر أو الإقامة في منتجع “One&Only Nyungwe House” والتمتع بالمناظر الطبيعية ورؤية الحيوانات من شرفات غرف الفندق.

ويعتبر المنتجع من ضمن المشاريع والخطط العديدة التي تسعى إلى وضع رواندا ضمن خريطة الوجهات السياحية الفاخرة وخاصة للذين يسافرون من أوروبا بحثاً عن الأجواء المعتدلة خلال السنة.

وبعد حوالي ربع قرن من الزمان، من تصدرها لعناوين الأخبار بسبب دخولها في دوامة من العنف والإبادة الجماعية التي تركتها في حالة خراب، ازدهرت الدولة الواقعة في وسط أفريقيا، وتعتبر الآن واحدة من أكثر الأماكن أماناً في القارة للمسافرين، ولا تزال وجهة الجذب السياحية، هي حديقة البراكين الوطنية في الشمال الغربي، والتي تسكنها 480 غوريلا جبلية.

أما القدرة على مشاهدة هذه الغوريلا فليست رخيصة على الإطلاق، إذ في مايو/آيار 2017 ضاعفت السلطات الرواندية رسوم تصاريح مشاهدة الغوريلا بين 750 و1500 دولار، لضمان حصول المجتمعات التي تعيش بالقرب من المنتزه على حصة أكبر من عائدات السياحة.

ومنذ ارتفاع الأسعار، اختار بعض السياح الراغبين في تعقب الغوريلا الجبلية بزيارة أوغندا بدلاً من رواندا، حيث تبلغ التصاريح 600 دولار، إلا أن البعض الآخر رأى أن التجربة والمغامرة في رواندا تستحق المبلغ الإضافي وذلك يعود بشكل كبير على الخدمات المقدمة في الدولة مثل: تأشيرة الدخول عند الوصول، وسجل السلامة، وخيارات الإقامة الفاخرة، والطرق الممتازة.

ويقوم العديد من المسافرين بزيارات سريعة إلى داخل وخارج البلاد، ويلتقطون صوراً للغوريلا، قبل العودة إلى الوطن أو إكمال رحلة أفريقية تشمل ربما رحلة سفاري في كينيا أو عطلة على الشاطئ في تنزانيا.

ويتضمن المنتجع العديد من الطرق للتجوال داخل الغابة، كما أنه يقدم أيضاً عدداً من النشاطات الافريقية التقليدية مثل رياضة الرماية الأفريقية وبعض النشاطات المميزة مثل رحلات ركوب الهليكوبتر حول المناطق السياحية الخلابة.

وتوفر النزل الفاخرة الجديدة في رواندا حلقة وصل مع العالم الطبيعي، ولكن هذه التجربة ليست رخيصة، إذ تكلف ليلة واحدة في “One & Only Nyungwe House” ما يقارب 1500 دولار، وذلك قبل حجز أي رحلات استكشافية.

اقرأ أيضا: بماذا تشتهر دولة رواندا

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة