تجربتي مع سورة الممتحنة
سورة الممتحنة هي إحدى سور القرآن الكريم التي أُنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وتُعد إحدى سور المُفصّل حيث يبلغ عدد آياتها ثلاث عشرة آيةً، ولعظم ما اشتملت عليه السورة من أحكام، يتساءل الكثير من المسلمين عن تجربتي مع سورة الممتحنة وما تتسم به أسرار وخواص.
تجربتي مع سورة الممتحنة
تقول إحدى الأخوات: تجربتي مع سورة الممتحنة للزواج من التجارب التي أود أن أنقلها لغيري من الفتيات، فأنا أحفظ القرآن الكريم كاملًا منذ أن كان عمري عشر سنوات، ومنذ أن كبرت ونضجت كنت دائمًا أتمنى وأرغب في الزواج كغيري من الفتيات، ولم أفصح يومًا لأحد عن رغبتي في الزواج استحياءًا وخجلاً، حتى والدتى وصديقاتي لم أكن أستطيع أن أفاتحهم في مثل هذا الموضوع، وكان مطلبي من الله أن أتزوج رجلًا صالحًا ملتزمًا بتعاليم الدين، ولأني موقنة ببركة القرآن، كنت ألجأ إلى قراءة سور القرآن ليقيني بأن الله سيحقق لي أحلامي، ومن هنا كانت تجربتي مع سورة الممتحنة التي استمرت لمدة سبعة أيام فقط من فجر يوم الجمعة، فبعد صلاة الفجر، كنت أختم صلاتي بالدعاء والتسبيح والاستغفار، ومع نهاية كل جزء أدعو الله أن يهب لي زوجًا صالحًا، ومع نهاية سورة الممتحنة، أدعو الله بنية الرزق الحلال بالزوج الصالح، وبعد أيام قليلة فقط من تكرار هذا الأمر، تقدم لخطبتى شاب ملتزم ومن أهل القرآن، وخلال بضعة شهور عُقد النكاح بفضل الله تعالى.
يحكي أحد المشايخ تجربته مع قراءة وتدبر سورة الممتحنة فيقول: وجدت مقصدها في الآية الأولى، وهو النهي عن اتخاذ أعداء الله أولياء أو إظهار المودّة لهم، لأنهم هم من كفر بالحق وبدأ بالعداوة وإخراج المؤمنين من ديارهم. وفي الآية الأخيرة، وفيها أمر المؤمنين بأن لا يتخذوا الذين غضب الله عليهم (أي الكفار) أصدقاء وأخلاء، قد يئسوا من ثواب الله في الآخرة، كما يئس الكفار من أصحاب القبور، لاعتقادهم عدم البعث.
يتابع الشيخ: يقابل ذلك وجوب البر والتعامل بالقسط مع الكفار في بلاد المسلمين والذين لا يظهرون العداء ولم يخرجوا المؤمنين من ديارهم، فالكفار المسالمون وخاصّة أهل الكتاب لهم معاملة عادلة في المجتمع المسلم لها شروطها، وهم كباقي أفراد المجتمع لهم حقوق كاملة (في عصمة دمهم ومالهم وعرضهم وعبادتهم) لأنهم يدفعون الجزية للدولة كما يدفع المسلمون الزكاة، وكذلك الكفار أولو الأرحام والأقارب لهم واجب الودّ وصلة الرحم طالما لم يظهروا العداوة ولم يخرجوا المؤمنين من ديارهم. وفي السورة بشارة للمؤمنين بأنه من الكفار المعادين من سيدخل الإسلام: {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم (7)}، أي أن يحيل عداوتكم مع أعدائه مودّة، وذلك بدخولهم الإسلام وقدومهم للمبايعة كما تشير إليه الآيات (10-12) على قدوم النساء مبايعات، وهي البشارة بأنهم سيدخلون الإسلام.
اقرأ أيضا:
أسرار سورة الممتحنة
تمتاز سورة الممتحنة بالعديد من الأسرار والفضائل فقد جاء عن الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من قرأ سورة الممتحنة كان المؤمنون والمؤمنات له شفيعا يوم القيامة، وصلّت عليه الملائكة واستغفرت له”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 288 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
ثبت عن بعض أهل البيت آثار في خواص سورة الممنحنة، فقد جاء عن الإمام علي بن الحسين: من قرأ سورة ( الممتحنة ) في فرائضه ونوافله ، امتحن الله قلبه للإيمان ، ونوّر له بصره ، ولا يُصيبه فقر أبداً ، ولا جنون في بدنه ولا في ولده. (( ثواب الأعمال : ١٤٥ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٤٢ / ٧٥٦٠ )).
جاء عن الإمام الصادق في فضل سورة الممنحنة: من بُلي بالطُّحال وعَسُر عليه ، يكتُبها ويشربها ثلاثة أيام متوالية ، يزول عنه الطُّحال بإذن الله تعالى. (( تفسير البرهان ٥ : ٣٥١ / ١٠٦٥٣ ))
قال الإمام برهان الدين البقاعي: من أبرز ما اشتملت عليه سورة الممتحنة من أسرار أنها أكدت على براءة من أقر بالإيمان ممن اتسم بالعدوان دلالة على صحة مدعاه كما أن الكفار تبرءوا من المؤمنين وكذبوا بما جاءهم من الحق لئلا يكونوا على باطلهم أحرص من المؤمنين على حقهم، وتسميتها بالممتحنة أوضح شيء فيها وأدله على ذلك لأن الصهر أعظم الوصل وأشرفها بعد الدين، فإذا نفي ومنع دل على أعظم المقاطعة لدلالته على الامتهان بسبب الكفران الذي هو أقبح العصيان.
قال الإمام جلال الدين السيوطي: لما كانت سورة الحشر في المعاهدين من أهل الكتاب، عقبت بهذه، لاشتمالها على ذكر المعاهدين من المشركين، لأنها نزلت في صلح الحديبية ولما ذكر في الحشر موالاة المؤمنين بعضهم بعضاً، ثم موالاة الذين من أهل الكتاب، افتتح سورة الممتحنة بنهي المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء، لئلا يشابهوا المنافقين في ذلك، وكرر ذلك وبسطه، إلى أن ختم به، فكانت في غاية الاتصال، ولذلك فصل بها بين الحشر والصف، مع تآخيهما في الافتتاح بـ: (سبح).
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الحشر