تجربتي مع سورة محمد
تُعد سورة محمد من السور المُجمَع على كونها مدنية، حيث كان نزولها ما بين غزوة بدر وغزوة الأحزاب، وسُمّيت سورة محمد بهذا الاسم لاحتوائها على اسم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والحديث عما أُنزل عليه، ولها أسماء أخرى عُرفَت بها منها: سورة القتال؛ وذلك لاستفاضة الحديث فيها عن القتال من بيان أحكامه أثناء المعركة وبعدها، ويتساءل الكثيرون عن تجربتي مع سورة محمد وأسرارها.
تجربتي مع سورة محمد
يقول أحد الشباب: كانت تجربتي مع سورة محمد عندما واجهتني العديد من المشاكل سواء على مستوى الحياة الشخصية أو العملية، وكنت أحد صعوبة في التصدي لها، فمن ناحية، دخلت في بعض الخلافات مع زوجتي، وكدت علاقتنا تصل إلى الطلاق، ومن ناحية أخرى، كان هناك بعض الأشخاص في عملي، يدبرون لي المكائد، وبالفعل تضررت كثيرًا بصنيعهم، وظهر تأثير ما يقومون به على حياتي المادية، فقد خسرت مبالغ كبيرة بسبب مكائدهم، وتأثرت نفسيتي كثيرًا بذلك، حتى قرأت عن فضل قراءة بعض سور القرآن الكريم في الغلبة على الأعداء وانتهاء جميع المشاكل وفك الكروب، ومن أبرز هذه السور هي سورة محمد، وبمجرد المواظبة على قراءة هذه السورة المباركة مع بعض السور الأخرى مثل سورة الفتح، تغيرت حياتي كثيرًا، وتمكنت من حل جميع المشاكل التي كانت تواجهني، واستعدت مكانتي في مجال عملي وذلك بفضل وبركة سورة محمد.
أثبتت التجارب مدى تأثير سورة محمد والعمل بها على مستوى الأفراد والجماعات، – فعلى مستوى الفرد فحين يمتلئ قلبه بالإيمان ومخافة الله يجد كل ما في الدنيا يسير تبعاً لمراده، حياته يملؤها السداد والتوفيق والجمال حيثما أدار وجهه؛ وإن كفر يعاكسه كل ما في الوجود زوجته وأولاده وحتى ملابسه التي يلبسها ودابته التي يركبها، وحياته كلها ضنك وشدّة يملؤها البؤس والسواد. وكذلك على مستوى الجماعة: فحين ينتشر الإيمان والصلاح تعم الخيرات والبركات في الأرض. أمّا حين يطغى الكفر وينتشر: فإنه يعم على الأرض الظلم والقهر والقتل فيملأ أرجاءها، والتاريخ خير شاهد على ذلك.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الحديد
أسرار سورة محمد
تتعدد أسرار وخواص سورة محمد حيث ورد في فضلها العديد من الأحاديث مثل ما جاء عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من قرأ سورة محمد كان حقا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 259 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لعلي: “يا علي من قرأ هذه السورة وجبت له شفاعتي، وشفع في مائة ألف بيت، وله بكل آية قرأها مثل ثواب خديجة”. (( الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : الفيروز آبادي | المصدر : بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الصفحة أو الرقم: 431 | خلاصة حكم المحدث : ضعيف ))
قال الرسول عندما نظر إلى مكة وهو يغادرها: “أنت أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج عنك”؛ فنزلت في سورة محمد آية “وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ”. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن عبدالبر | المصدر : التمهيد، الصفحة أو الرقم: 6/33 | خلاصة حكم المحدث : من أصح الآثار ))
قال الله تعالى في سورة محمد: “وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّـهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ” في وصف حال المؤمنين والمنافقين عند الاستماع إلى آيات القرآن الكريم من الرسول؛ فالمؤمنون يسمعون ويعقلون أما المنافقون فيسمعون ولا يعقلون حتى إذا خرجوا من عند الرسول سألوا المؤمنون ماذا كان يقول قبل قليلٍ -أي الرسول-. (( الراوي : سعيد بن جبير | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين، الصفحة أو الرقم: 3/256 | خلاصة حكم المحدث : صحيح الإسناد))
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال في فضل سورة محمد : “من قرأ سورة ( الَّذِين كَفَروا ) لم يرتب أبداً ، ولم يَدْخُله شكّ في دينه أبداً ، ولم يبتله الله بفقر أبداً ، ولا خوف من سلطان أبداً ، ولم يزل محفوظاً من الشكّ والكفر أبداً حتّى يموت. فإذا مات وكّل الله به في قبره ألف ملك يصلّون في قبره ، يكون ثواب صلاتهم له ، ويشيّعونه حتّى يُوقِفوه موقف الآمنين عند الله عزّوجلّ ، ويكون في أمان الله وأمان محمّد صلىالله عليه وآله”. (( ثواب الأعمال : ١٤٢ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢٥٥ / ٧٨٨٢ ))
ومن الأسرار التي نكشفها عن سورة محمد أن مقصدها يتمثل في التأكيد على أن الإيمان أو الكفر هو سبب سعادة الإنسان أو تعاسته في الدنيا والآخرة، فالكافرون أضل الله أعمالهم لأنهم على الباطل، والمؤمنون كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم لأنهم على الحق. هذه قاعدة كونيّة وشرعية جعلها الله يعرف بها مصائر الناس. لذلك تبين السورة عظيم تكريم الله للمؤمنين ونصرهم باتباعهم الحق، وعظيم هوان الكافرين عليه وتعاستهم باتباعهم الباطل.
قال الإمام جلال الدين السيوطي: لا يخفى وجه ارتباط أول سورة محمد بقوله في آخر الأحقاف: {فهَل يهلك إِلا القوم الفاسقون} واتصاله وتلاحمه بحيث أنه لو أسقطت البسملة منه لكان متصلاً اتصالاً واحداً لا تنافر فيه كالآية الواحدة آخذاً بعضه بعنق بعض.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة الكافرون