تجربتي مع سورة فصلت
تُعتبر تجربتي مع سورة فصلت من التجارب شديدة الأهمية حيث تُعد سورة فُصِّلت من السور المكية، ويبلغ عدد آياتها أربعًا وخمسين آيةً، كما تُسمّى بسورة حم السجدة؛ لأنها تتميز عن باقي السور التي افتتحها الله ب “حم” باشتمالها على سجدة التلاوة، كما تُعرف أيضًا بسورة المصابيح.
تجربتي مع سورة فصلت
يقول أحد الشباب: تجربتي مع سورة فصلت هي أعظم تجربة غيّرت من شخصيتي، فقد كنت أعاني من عدة مشاكل حياتية، وكانت هذه المشاكل متعلقة بضعف شخصيتي وعدم قدرتي على مواجهة أعدائي، كما أن هناك مشكلة أخرى كانت تؤثر على شكلي أمام الناس وهي مشكلة التلعثم، وقد حاولت كثيرًا أن أواجه الرهاب الاجتماعي بشجاعة، لكنني دائمًا ما كنت أعجز عن ذلك، حتى علمت بتأثير سورة فصلت الكبير في التخلص من هذه المشاكل، وبالفعل بدأت في قراءة سورة فصلت لقوة الشخصية والشجاعة، وكانت طريقتي تتمثل في قراءة السورة ومن ثم كتابتها على ورقات بيضاء وبعد الانتهاء من القراءة والكتابة أقول يا قهار لمدة مائة مرة، وقد ساعدتني هذه الطريقة كثيرًا في حياتي الاجتماعي والعملي، فقد تغلبت على الخجل وضعف الشخصية، وأصبحت قادرًا على مواجهة أعدائي والتغلب عليهم، وتخلصت من جميع مخاوفي بفضل الله تعالى وبركة سورة فصلت.
اقرأ أيضا: تجربتي مع سورة المسد
أسرار سورة فصلت
تكثر أسرار وخواص سورة فصلت، فقد ورد في فضلها العديد من الأحاديث مثل ما جاء عن الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه: “من قرأ سورة فصلت أعطاه الله بعدد حروفها عشر حسنات. ومن كتبها في إناء وغسلها ، وعجَن به عجيناً ثمّ سحقه ، وأسفّه كلّ من به وجع الفُؤاد ، زال عنه وبرئ بإذن الله تعالى”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ، الصفحة أو الرقم: 4/2370 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تَنْزِيلٌ مِن الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا…} حتى بلَغَ: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 1-13]، فأمسَكَ عُتبةُ على فيه، وأنشَدَه الرَّحِمَ ليَكُفَّ عنه -لَفظُ ابنِ مَردَوَيْهِ- ورجَعَ إلى أهلِه، ولم يَخرُجْ إلى قُرَيشٍ، واحتَبسَ عنهم، فقال أبو جَهلٍ، يا مَعشَرَ قُرَيشٍ، واللهِ ما نَرى عُتبةَ إلَّا قد صبَأَ إلى محمَّدٍ، وأعجَبَه كَلامُه، وما ذاكَ إلَّا مِن حاجةٍ أصابَتْه، انطَلِقوا بنا إليه. فأتَوْه، فقال أبو جَهلٍ: واللهِ يا عُتبةُ، ما حَسِبْنا إلَّا أنَّكَ صبَأْتَ إلى محمَّدٍ، وأعجَبَكَ أَمْرُه، فإنْ كانتْ بكَ حاجةٌ جَمَعْنا لكَ مِن أموالِنا ما يُغنيكَ عن طَعامِ محمَّدٍ. فغضِبَ، وأقسَمَ باللهِ لا يُكلِّمُ محمَّدًا أبَدًا، وقال: لقد عَلِمتُم أنِّي مِن أكثَرِ قُرَيشٍ مالًا، ولكِنِّي أتَيتُه… فقَصَّ عليهمُ القِصَّةَ، فأجابَني بشيءٍ ما هو بسِحرٍ، ولا شِعرٍ ولا كَهانةٍ، قَرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {حم (1) تَنْزِيلٌ مِن الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ…} حتى بلَغَ: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: 1-13]، فأمسَكتُ بفيه، وناشَدتُه الرَّحِمَ أنْ يَكُفَّ، وقد عَلِمتُم أنَّ محمَّدًا إذا قال شَيئًا لم يَكذِبْ، فخِفتُ أنْ يَنزِلَ بكم العَذابُ. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الزيلعي | المصدر : تخريج الكشاف، الصفحة أو الرقم: 3/228 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صالح ))
تندرج سورة فصلت ضمن سور الحواميم التي جاء في فضلها: لقَدْ تَعَلَّمْتُ النَّظَائِرَ الَّتي كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَؤُهُنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، في كُلِّ رَكْعَةٍ، فَقَامَ عبدُ اللَّهِ ودَخَلَ معهُ عَلْقَمَةُ، وخَرَجَ عَلْقَمَةُ فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: عِشْرُونَ سُورَةً مِن أوَّلِ المُفَصَّلِ علَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، آخِرُهُنَّ الحَوَامِيمُ: حم الدُّخَانِ وعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4996 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
كما جاء أيضًا حديث: إنَّ رجلًا أتى رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقال يا رسولَ اللَّهِ أقرِئني قال أقرَأْ من ذواتِ {الر} قال يا رسولَ اللَّهِ ثقُلَ لساني وغلظ جسمي قال أقرأ من الحواميمِ فقال مِثلَ قولِه الأوَّل قال أقرئكَ من المسبِّحاتِ فقال مثلَ قولِه الأوَّلِ قال عليكَ بالسُّورةِ الجامعةِ الفاذَّةِ { إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ٍ} قال فقال الأعرابيُّ حسْبي. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : نتائج الأفكار، الصفحة أو الرقم: 3/271 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
قال الإمام البقاعي عن أسرار ترتيب سورة فصلت: لما خُتمت سورة غافر بأن الكفرة جادلوا في آيات الله بالباطل، وفرحوا بما عندهم من علم ظاهر الحياة الدنيا، وأنهم عند البأس انسلخوا عنه وتبرؤوا منه ورجعوا إلى ما جاءت به الرسل فلم يقبل منهم، فعلم أن كل علم لم ينفع عند الشدة والبأس فليس بعلم، بل الجهل خير منه، وكان ذلك شاقاً على النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من أن يكون آخر أمر أمته الهلاك، مع الإصرار على الكفر إلى مجيء البأس، وأن يكون أغلب أحواله صلى الله عليه وسلم النذارة، افتتح سبحانه سورة فصلت بأن هذا القرآن رحمة لمن كان له علم وله قوة توجب له القيام فيما ينفعه، وكرر الوصف بالرحمة في صفة العموم وصفة الخصوص إشارة إلى أن أكثر الأمة مرحوم، وأعلم أن الكتاب فصل تفصيلاً وبين تبييناً لا يضره جدال مجادل، وكيد مماحك مماحل، وأنه مغن بعجز الخلق عنه عن اقتراح الآيات.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة فصلت