من نعم الله -تعالى- على عباده أن جعل لهم مواسم ليقوموا بطاعته، ويستكثروا فيها من الأعمال الصالحة، ومن هذه المواسم أيام ذي الحجة، ويزيد البحث مع حلول هذه الأيام المباركة عن تجربتي في ايام ذي الحجة.
تجربتي في ايام ذي الحجة
تقول إحدى السيدات: كانت تجربتي في ايام ذي الحجة إحدى أسباب استجابة الدعاء وتحويل حياتي بأكملها إلى الأفضل، فقد انتبهت في البداية إلى قسم الله بها في كتابه العزيز مما يدل على أهميتها العظيمة، فقال تعالى في سورة مطلعِ سورة الفجر: {وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، ومن هنا آمنت بأن أي عمل سأقدم عليها في هذه الأيام المباركات سيكون ذا تأثير وبركة أكثر مما سواه من أيام، وبالفعل بدأت أكثف الدعاء في هذه الأيام، وما من شيء دعوت الله به في عشر ذي الحجة، إلا وقد حققه الله لي بعدها.
اقرأ أيضا: أدعية يوم عرفة مكتوبة 1442
ذو الحجة
ترتيب شهر ذي الحجة بين الشهور القمرية هو الثاني عشر، وعدد أيامه تسعٌ وعشرون يومًا، وفي السنة الكبيسة يصبح ثلاثين يومًا، وفي يومه التاسع يكون يوم عرفة، وهو يوم الحج الأكبر، أمَّا اليوم العاشر منه فيكون أول أيام عيد الأضحى المبارك لدى المسلمين.
شهر ذي الحجة من الأشهر الأربعة المحرمة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ}، وهي ذو القعدة وذو الحجة ورجب، وكانت كلَّ القبائل العربية تُقيم حرمةً لهذه الشهور، وكانت تُقام خلالها الأسواق للتجارة أو الشعر.
فضل العشر من ذي الحجة
إن العشر الأوائل من شهر ذي الحجة هي من مواسم الطاعة ذات الأجر العظيم التي خصَّها الله تعالى بالفضل دونًا عمن سواها من الأيام، فيجب على المسلم اغتنامها والتزود من خيرها، ففيها يضاعف ثواب الأعمال الصالحة، وقد جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويَّة في فضل العشر من ذي الحجة ما يأتي:
- إنَّ العشر من ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي أمر الله المسلمين فيها بكثرة الذكر والاستغفار وذلك في قوله تعالى في سورة الحج: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}، وقد جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- وغيره أنَّ الأيام المعلومات هي الأيام العشر من ذي الحجة.
- إنَّ العشر الأوائل من ذي الحجة هي من الأيام التي واعدها الله لنبيه موسى -عليه السلام- وجاء ذلك في قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}.
- إنَّ أيام ذي الحجة هي الأيام التي تُتَمُ بها فريضة الحج، قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}.
- وقد جاء في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن لربِّكم في أيامِ دهرِكم نفحاتٍ فتعرضوا لها لعل أحدَكم أن يصيبَه منها نفحةٌ لا يشقَى بعدَها أبدًا”، ويشير الحديث الشريف إلى أنَّ أيام ذي الحجة موسم من مواسم الخير الذي يجب على المسلمين اغتنامها في طاعة الله بالإكثار من العمل الصالح؛ من صلاة وصيام وقراءة قرآن.
- كما جاء في حديث النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: “أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشرِ قالوا يا رسولَ اللهِ ولا مِثلُهُنَّ في سبيلِ اللهِ قال ولا مِثلُهُنَّ في سبيلِ اللهِ إلا مَن عفَّر وجهَه في الترابِ”، ويشير الحديث الشريف إلى ضرورة الاجتهاد إذا دخلت العشر الأوائل.
اقرأ أيضا: افضل ما قيل في يوم عرفة
الأعمال المستحبة في العشر من ذي الحجة
تتعد الأعمال المستحبة في أيام ذي الحجة، ومن أبرز هذه الأعمال.
- الصيام: من الُّسنةِ النبويَّة صوم الأيام التسع الأولى من ذي الحجة، فقد حثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الأعمال الصالحة في العشر من ذي الحجة والصيام أفضَلُها.
- الصلاة: فمن المُستحبّ في هذه الأيام المباركة الإسراع بأداء صلاة الفرائض بوقتها، والإكثار من النوافل، فهي من أفضل الأعمال التي تقرب العبد لربِّه.
- التكبير: من سنّة النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في العشر من ذي الحجة التكبير والتحميد والتسبيح، وفِعلُ ذلك جهرًا في المساجد والطرقات والمنازل وكل المواضع التي الجائز فيها ذكر الله إظهارًا للعبادة، وإعلام تعظيم الله تعالى، وتخفيه المرأة ويجهر به الرجل، قال الله تعالى: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}، ويقول جمهور العلماء أنَّ الأيام المعلومات هي أيام العشر.
- أداء الحج والعمرة: من أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة هي حج بيت الله الحرام، فمن قُدرَ له أداء مناسك الحج على الوجه المطلوب، فله أعظم جزاء وهو الجنة، وقد قال رسول الله في ذلك: “الحجُّ المبرورُ ليسَ له جزاءٌ إلا الجنةَ”.
- الأضحية: من أكثر الأعمال الصالحة والمُستحبة ذبح الأضاحي تقرُبًا إلى الله تعالى، وبذل المال في سبيل الله.
- التوبة النصوح: من المؤكد أنَّه من الأعمال الواجبة في العشر الأواخر التوبة النصوح لله تعالى، بالإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب، وترك الأعمال التي يكرهها الله تعالى في السرّ والعلن والندم على ما اقترف من الذنوب في الماضي، والعزم على عدم العودة إليها، والاستقامة بعمل الأعمال الصالحة.