شروط الأضحية من البقر
البقر جنسٌ من الحيوانات يلحق الجاموس به، ويُطلَق على الذَّكر والأنثى منه، وتجدر الإشارة إلى أنّ الفُقهاء عادلوا بين البقر والجاموس في الأحكام؛ بالنَّظر إلى أنّهما من الجنس نفسه، ويتساءل الكثير من المسلمين مع حلول عيد الأضحى عن شروط الأضحية من البقر.
شروط الأضحية من البقر
تعدّدت شروط الأضحية من البقر عند الفقهاء، وتفصيل هذه الشروط فيما يأتي:
الشافعيّة: قالوا بأن ما يُشترَط في أُضحية البقر السِنّ؛ أي أن تكون قد دخلت في عامها الثالث، إضافة إلى خُلّوها من العيوب والأمراض التي قد تُسبّب نقصاً في اللحم، أو الهُزال فيها؛ لِما ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (أربعٌ لا تُجزئُ في الأضاحيِّ: العَوراءُ البيِّنُ عوَرُها، والمريضةُ البيِّنُ مرضُها، والعَرجاءُ البيِّنُ ظَلعُها، والكسيرةُ الَّتي لا تُنقي قالَ: فإنِّي أَكْرَهُ أن يَكونَ نقصٌ في الأذنِ، قالَ: فما كرِهْتَ منهُ، فدعهُ، ولا تحرِّمهُ على أحدٍ). (( الراوي : البراء بن عازب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 2562 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
كما ذهب الشافعيّة إلى أنّ الأُضحية بالبقر من أفضل الأضاحي بعد الإبل، ويُمكن أن يشترك فيها سبعة أشخاصٍ؛ استدلالاً بما أخرجه الإمام مسلم عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (نَحَرْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عن سَبْعَةٍ). (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1318 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
الحنفيّة: اشترطوا في البقر عندهم أن تكون قد تجاوزت السنَتَين من العُمر، وسلامتها من العيوب والأمراض؛ فلا تصحّ الأُضحية بالعمياء، أو العوراء، أو العجفاء؛ وهي النحيفة جدّاً، أو المهزولة، أو العرجاء، أو مقطوعة الأُذن أو الذَّنَب، أو الهتماء؛ أي التي لا أسنان لها، أو الجلّالة؛ أي التي ترعى في أماكن النجاسات. ويجوز اشتراك سبعة أشخاصٍ في بقرةٍ واحدةٍ، إلّا أنّ الأفضل ذَبْح الشاة إن تساوى اللحم مع السُّبع.
المالكيّة: اشترطوا في أُضحية البقر إدراك ثلاث سنواتٍ من العُمر، وقالوا بأفضليّة الضأن؛ لِما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُضَحِّي بكَبْشينِ، وأَنَا أُضَحِّي بكَبْشينِ) (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5553 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) وأوجبوا للاشتراك في الأُضحية من البقر أن يكون المُشتركون سبعة، ولا يصحّ الأكثر.
كما اشترط المالكيّة سلامة الأُضحية من العيوب والأمراض الواضحة البَيِّنة؛ فلا تصحّ الأُضحية بالعوراء، أو العمياء حتى وإن كانت العين قائمةً، أو مقطوعة اليد، أو الرِجل، أو غيرهما، أو البَكماء، أو الصمّاء، أو البخراء؛ أي ذات رائحة الفم المُنتِنة، أو الصَّمعاء؛ أي صغيرة الأُذن، أو العَجفاء؛ أي الهزيلة أو النحيفة جدّاً، أو البتراء؛ أي مقطوعة الذَّنَب، أو المريضة البَيِّن مرضها، أو المجنونة جنوناً دائماً، أو العرجاء عَرَجاً بَيِّناً، أو الجرباء، وإن كانت العيوب السابقة خفيفةً فلا ضَرر.
الحنابلة: اشترطوا في البقر أن تكون قد بلغت السنَتَين؛ لِما ورد في صحيح مسلم عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ) (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1963 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] )) والمُسِنّة من البقر؛ مَن بلغت سنَتَين من عُمرها.
ويجوز عند الحنابلة اشتراك سبعة أشخاصٍ في أُضحية البقر؛ إذ يُجزئ السُّبع منها عن الشخص نفسه، وعن أهل بيته، ولا تجوز الزيادة على سبعةٍ؛ ليحصل الثواب من الأُضحية، ويتحقّق المقصود منها.
اقرأ أيضا: شروط الاضحية من الغنم
الشروط العامة للأضحية
تُشترَط في الأُضحية بعض الشروط العامّة لصحّة الذَّبْح، وبيانها فيما يأتي:
- كونها من بهيمة الأنعام؛ أي من الإبل، والبقر ومنه الجاموس، والغنم بكلّ أنواعه، وقد اتّفق العلماء على ذلك؛ لقَوْله -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) وبذلك يجوز للمُضحّي أن يتّخذَ أيّاً من الأنعام السابقة أضحيةً له.
- إسلام المُضحّي أو الذّابح، وهو شرط صحّةٍ عند المالكيّة، ومُستحَبٌّ عند غيرهم.
- أداء الأُضحية في وقتٍ مخصوصٍ؛ وكَرِه الحنفيّة الذَّبْح ليلاً كراهةً تنزيهيّةً، وقال المالكيّة بعدم صحّة الأُضحية إن كانت ليلاً، وقال الشافعيّة بأنّ الذَّبْح يكون من وقت صلاة الضحى من يوم النَّحر إلى غروب شمس آخر أيّام التشريق، ليلاً ونهاراً، مع كراهته ليلاً؛ استدلالاً بحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (فكُلُّ فجاجِ منًى مَنحَرٌ وفي كلِّ أيَّامِ التَّشريقِ ذبحٌ) (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير، الصفحة أو الرقم: 6311 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) واتّفق الحنابلة مع الشافعيّة، إلّا أنّهم قالوا بأنّ آخر الوقت هو غروب شمس اليوم الثاني من أيّام التشريق؛ وقد استدلّوا بحديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ). (( الراوي : البراء بن عازب | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1961 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- السلامة من العيوب؛ إذ يجب أن يكون الحيوان المُضحّى به خالياً من أيّ عَيبٍ، أو نَقصٍ يضرّ باللحم، وقد اتّفق العلماء على أربعة عيوبٍ، وهي: العَوَر، والعَرَج، والمَرَض، والضَّعف أو الهُزال.
اقرأ أيضا: حكم الاضحية في الاسلام