ما هي واجبات الحج

يُعرَّف الواجب لغةً بأنّه: الأمر المُلزم فيه، أو الأمر الثابت، أمّا الواجب شرعاً، فهو: الأمر الذي يُثاب فاعله، ويَأثَم تاركه، ويدلّ عليه الأمر به؛ إذ إنّ الأمر يقتضي الوجوب، بينما يُقصد بواجبات الحج الأعمال التي يجب على الحاج القيام بها، ولكن لا يفسد حجه بتركها، ويلزمه ذبح شاة جبراً للنّقص الذي وقع منه، ويتساءل الكثير من المسلمين ما هي واجبات الحج ؟

ما هي واجبات الحج

ما هي واجبات الحج

عند الإجابة عن سؤال ما هي واجبات الحج تجدر الإشارة إلى أن هناك واجبات متفق عليها للحج، وأخرى مختلف عليها، وتتمثل الواجبات المتفق عليها في:

المَبيت بالمزلفة

قال الله -تعالى-: (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)، ويُراد بالمَشعر الحرام مُزدلفة، والمَبيت بها بعد الانصراف من عرفاتٍ واجبٌ من واجبات الحجّ باتّفاق أهل العلم، ويجب الدم بتركه، ووجوب الدم خاص فيمن تركه بلا عذر، أمّا من تركه لعذرٍ معتبر؛ فلا شيء عليه.

ويتحقّق المبيت عند الشافعية والحنابلة بالحضور في مزدلفة في ساعة من النصف الثاني من ليلة النحر، ولو خرج من مزدلفة بعد منتصف الليل لعذر أو لغير عذر أجزأه، ولا دم عليه، وذهب المالكية إلى أنّ المُكث في مزدلفة إنْ قلّ عن قدر حطّ الرّحال بلا عذر وجب عليه دم، والمبيت عند الحنفية يتحقّق بالوقوف في مزدلفة، أمّا البيتوتة فسنّة مؤكّدة إلى صلاة الفجر.

وقد ثبت أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يمشي إلى مُزدلفة بسكينةٍ ووقارٍ، فقد صحّ عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (أنَّهُ دَفَعَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وضَرْبًا وصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فأشَارَ بسَوْطِهِ إليهِم، وقالَ: أيُّها النَّاسُ علَيْكُم بالسَّكِينَةِ فإنَّ البِرَّ ليسَ بالإِيضَاعِ).

رَمْي جمرة العقبة

يرمي الحاجّ جمرة العقبة يوم النَّحر بسبع حَصَياتٍ؛ فيقف الحاجّ مُستقبِلاً الجَمرة، جاعلاً الكعبة إلى يساره، فيرمي حصاةً حصاةً، ويُكبّر عند كلّ واحدةٍ، ويقطع التلبية بمُجرَّد الرَّمْي.

اتّفق العلماء على أنّ وقت الفضيلة يكون بعد طلوع الشمس؛ اقتداءً بما ورد من فِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ ثبت أنّ جابر بن عبدالله قال: (رَمَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الجَمْرَةَ يَومَ النَّحْرِ ضُحًى)، ويمتدّ وقت رَمْي جمرة العقبة إلى غروب شمس يوم العاشر من ذي الحِجّة؛ أيّ يوم النَّحر.

أمّا الرَّمْي بعد غروب الشمس، فيجوز عند الشافعيّة والمالكيّة، وخالفهم بذلك الإمامان؛ أبو حنيفة، وأحمد؛ إذ قالا بعدم جواز رَمْي جمرة العقبة ليلاً، وإن لم يرمِ الحاجّ، فإنّه يُؤخّرها إلى ما بَعد زوال شمس اليوم التالي.

رَمْي الجمرات الثلاث

يرمي الحاجّ أيّام التشريق الجمرات الثلاث؛ الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ العقبة، وقد ثبتت مشروعيّة الرَّمْي بما ورد عن جابر بن عبدالله: (رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَرْمِي علَى رَاحِلَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ويقولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه).

ويرمي الحاجّ كلّ جمرةٍ بسبع حَصَياتٍ مع التكبير، واستقبال القبلة، والدعاء، وذلك عند الصُّغرى والوُسطى فقط، دون العقبة، ومن عَجز ولم يستطع الرَّمْي، فإنّه يُباح له أن يُوكِّل شخصاً آخرَ بالرَّمْي عنه؛ قال -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)؛ إذ إنّ الرَّمْي لا يُقضى؛ ولذلك جاز التوكيل فيه.

اقرأ أيضا: أحاديث عن عشر ذي الحجة

واجبات الحجّ المُختلَف فيها

واجبات الحج

الإحرام من الميقات

عيّن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أماكن مُحدّدة؛ لإحرام الحاجّ منها، وتُسمّى بالمواقيت المكانيّة، وعددها خمسةٌ، ومن أحرم بعد تجاوز الميقات المُحدَّد، ولم يرجع إليه، فيجب عليه الدم، كما ذهب إلى ذلك الشافعيّة، والحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، والمواقيت التي حدَّدها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- هي:

  • ذو الحُليفة: أو ما يُسمّى بـ أبيار علي؛ وهو ميقات أهل المدينة ومَن فيها، ويبعد عن مكّة المُكرَّمة أربعمئة وخمسين كيلومتراً.
  • الجُحفة: وهو ميقات أهل الشام، ويبعد عن مكّة مئة وسبعة وثمانين كيلومتراً إلى الشمال الغربيّ منها.
  • قرن المنازل: وهو ميقات أهل نَجد، ويبعد عن مكّة أربعة وتسعين كيلومتراً.
  • يَلمْلم: وهو ميقات أهل اليمن، ويبعد عن مكّة أربعة وخمسين كيلومتراً.
  • ذات عِرْق: وهو ميقات أهل العراق، ويبعُد عن مكّة أربعة وتسعين كيلومتراً.

المَبيت بمِنى

اتّفق العلماء على أنّه يُسَنّ للحاجّ المَبيت في مِنى ليلة الثامن من ذي الحِجّة قبل التوجُّه إلى عرفاتٍ، إلّا أنّهم اختلفوا في حُكم المَبيت بمِنى ليالي التشريق، فقال جمهور أهل العلم من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بوجوب المَبيت في مِنى، بينما قال الحنفيّة بأنّ المَبيت في مِنى سُنّةً.

طواف القدوم

يُعَدّ طواف القدوم بمثابة تحيّة البيت الحرام؛ ولذلك يُستحَبّ أداؤه فَور الوصول إلى مكّة، ويمتدّ وقته إلى حين الوقوف بعرفة؛ لأنّ الحاجّ مُطالَبٌ برُكن طواف الزيارة بعد الوقوف بعرفة.

وقال جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة بأنّ طواف القدوم سُنّةً للحاجّ الذي دخل مكّة قبل الوقوف بعرفة، أمّا الحاجّ من أهل مكّة فلا يُسَنّ له طواف القدوم، أمّا المالكيّة فقالوا بوجوب طواف القدوم للحاجّ على من أحرم من الحِلّ؛ سواءً كان من أهل مكّة، أو من غير أهلها، وتجب الفِدية على من صعد على عرفة وتَرك طواف القدوم إذا كان في الوقت متّسعاً للطّواف.

طواف الوداع

يُعتبر طواف الوداع آخر ما يؤدّيه الحاجّ بعد إتمامه مناسكَ الحجّ، ويبدأ وقته بعد آخر نُسكٍ يُؤدّيه الحاجّ، ويُؤخّره إلى أن يغادر مكّة إن أراد الإقامة في مكّة يوماً أو يومَين، وقد ثبتت مشروعيّته بدليل ما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ، والعَصْرَ، والمَغْرِبَ، والعِشَاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بالمُحَصَّبِ، ثُمَّ رَكِبَ إلى البَيْتِ، فَطَافَ بهِ)، ولا طواف وداع لأهل مكّة وساكنيها؛ لأنّ الوداع يكون بمغادرة مكّة، فإن أرادوا المغادرة طافوا.

اقرأ أيضا: شروط الحج هذا العام 1442

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة