تعريف شعر الزهد
هناك أنواع مختلفة للشعر في اللغة العربية، ومن بينها شعر الزهد، فما هو تعريف الزهد في الشعر، وما هي خصائص هذا الشعر.من خلال هذا المقال سنقدم شرح صافي لشعر الزهد، وسنتحدث عن خصائصه، ونقدم أمثلة عليه في الشعر العربي.
تعريف الزهد في الشعر
الزُّهْد في اللُغةً يعني القدر القليل من الشيء، ويقال زهِد في الشّيء: أي أعرض عنه وتركه خوفاً من العقاب والحساب؛ تحرُّجاً منه أو احتقاراً له، والزّاهد: هو الشخص العابد المبتعد عن الدُّنيا، والمُنصرِف إلى الآخرة، فلا يفرح إن ملك الدُّنيا ولا يحزن من عدم امتلاكها.
والزُّهْد في الاصطلاح هو الابتعاد عن معصية الله، وعن كل ما يُبعد المرء عن الله جل جلاله، ممّا هو زائد عن الحاجة، أو هو الإعراض عن أمور الدُّنيا كافّة، وذلك من خلال تطهير القلب، وهو مُصطلح واسع وشامل للتعبير عن الورع والقناعة، والزُّهد يتضمّن المعنى الروحيّ والماديّ والأخلاقي.
أما عن تعريف شعر الزهد ، فهو نوع من أنواع الشعر التي ظهرت في العصر العباسي، والتي تدعو إلى ترك ملذات الدنيا ونعيمها، والتوجّه إلى الله والإخلاص لوجهه، مقابل تيار آخر ظهر في نفس الفترة الزمنية يدعو إلى الترف، والعيش الماجن، والفجور، ومن أشهر الشعراء الذين عرفوا بنظم هذا النوع من الشعر: أبو العتاهية، وصالح بن عبدالقدوس.
ظهور شعر الزهد
عرف موضوع الزهد لدى شعراء الأندلس وبدا واضحاً في شعرهم أكثر من غيره، ولقد كان ابن زمنين من شعراء القرن الرابع الهجري أحد أشهر الشعراء الذين أخرجوا هذا النوع من الشعر إلى حيّز الوجود، وأبرزه بين صنوف الشعر الأخرى، فشعر الزهد يظهر حال الشعراء الذين تخبّطت بهم الحياة بعد تقدّمهم بالسن، وترفّعهم عن كلّ ما يشغل النفس، والروح عن التعلّق بالله، ونعيم الآخرة، وملذّاتها، ودعواهم إلى التقشف، والعزوف عن الدنيا ومتاعها، والبعد عن الملذات، والتحكّم في الشهوات، وضبطها طمعاً في الجنة ونعيمها.
خصائص شعر الزهد
يمتاز شعر الزهد بالعديد من الخصائص ومن أهمها ما يلي:
- بروز النزعة الدينية التي تميل إلى التشدد بشكل صريح وواضح.
- بروز ظاهرتي الاقتباس والتضمين من النصوص الدينية
- الإكثار من الأدلة والبراهين التي كانت كلها تعمل على تأدية الغرض الأصلي، وهو إيصال رسالة تحث على ترك الملذات أو الشهوات، و ضرورة الاتجاه إلى الله تعالى، وتنفيذ أوامره من أجل نيل رضاه في الدنيا والآخرة، والتمتع بالجنة ونعيمها.
- اللجوء إلى أسلوب الإقناع بالحجة والدليل من أجل تحقيق أهدافه .
- سهولة اللغة والبساطة في العبارات المستخدمة فيه من ناحية صياغته مما أوصله أحياناً إلى حد الدكاكة .
- إظهار قوي لأسلوبي الترهيب والترغيب بشكل مباشر دون تورية.
- بروز الطابع الوعظي ، و الدعوة إلى الندم على كل ما فات .
- تجسيد المعنى من خلال الفكرة التي يقوم الشاعر بطرحها في القصيدة ، و ذلك من خلال الإكثار من توظيف فنون الإبداع سواء من صور بيانية أو من خلال التشبيه ، و الاستعارات ، و ما إلى غير ذلك من أدوات أو طرق يستخدمها الشاعر لإيصال رسالته .
- الاعتماد على القرآن الكريم والسنة النبوية في كثير من المواضع والاستشهادات.
- بروز النزعة الصوفية التأملية، وذلك لأن هذه الحركة تهدف إلى تجاهل الدنيا وملذاتها، في سبيل الحصول على نعيم الآخرة.
- الإسراف القوي في استعمال المحسنات البديعية.
- الدمج ما بين الإقناع العقلي والثأثير العاطفي على قارئه.
- سهولة الألفاظ والمعاني.
- أغلب وأشهر شعراؤه كانوا من الفقراء أو الكبار في السن أو الشيوخ والداعين إلى الله تعالى .
أمثلة على شعر الزهد في اللغة العربية
شعراء الزهد ظهروا بشكل كبير في العصر العباسي، ومن أبرزهم أبو العتاهية، حيث كان له الكثير من الأشعار التي تحمل في مجملها طابع الزهد والورع وتجاهل الدنيا وما فيها من ملذات، ومن أقواله نذكر ما يلي:
رغيف حبز يابس تأكله في زاويه
وكُوز ماء بارد تشربه من صافيه
وغرفة ضيقة نفسك فيها خالية
أو مسجد بمعزل عن الورى في ناحية
قال أيضًا:
حسبك ممّا تبتغيه القوت
ما أكثر القوت لمن يموت!
إن كان لا يغنيك ما يكفيك
فكل ما في الأرض لا يغنيكا
إن القلقل بالقليل يكثر
إن الصفاء بالقذى ليكدر
يا رب من أسخطنا بجهده
قد سرّنا الله بغير حمده
قال أيضًا:
دنياك غرارة فذرها
فإنّها مركب جموح
لا تركب الشر فاجتنبه
إنّه فاحش قبيح
المصادر