تجربتي مع سورة الفتح
تجربتي مع سورة الفتح من أعظم تجارب قراءة سور القرآن الكريم، فقد أُنزلت هذه السورة المباركة يوم الحديبية حينما بشّر الله -تعالى- المؤمنين بفتح مكة، فأراد النبي تذكير المسلمين بتصديق الرؤيا التي رآها، والوعد الذي وعدهم االله إياه، وبيّن لهم أن الله لا يخلف وعده.
تجربتي مع سورة الفتح
كانت آيات سورة الفتح سبباً في إدخال السرور إلى قلوب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فحينما نزل قوله تعالى: (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)، تساءل المسلمون عن نصيبهم من السورة فنزل قوله تعالى: (لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا). (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4172 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
يقول أحد الإخوة: تجربتي مع سورة الفتح كانت عندما واجهتني العديد من المشاكل سواء على مستوى الحياة الشخصية أو العملية، وكنت أحد صعوبة في التصدي لها، فمن ناحية، دخلت في بعض الخلافات مع زوجتي، وكدت علاقتنا تصل إلى الطلاق، ومن ناحية أخرى، كان هناك بعض الأشخاص في عملي، يدبرون لي المكائد، وبالفعل تضررت كثيرًا بصنيعهم، وظهر تأثير ما يقومون به على حياتي المادية، فقد خسرت مبالغ كبيرة بسبب مكائدهم، وتأثرت نفسيتي كثيرًا بذلك، حتى قرأت عن فضل قراءة بعض سور القرآن الكريم في الغلبة على الأعداء وانتهاء جميع المشاكل وفك الكروب، ومن أبرز هذه السور هي سورة الفتح، وبمجرد المواظبة على قراءة هذه السورة المباركة، تغيرت حياتي كثيرًا، وتمكنت من حل جميع المشاكل التي كانت تواجهني، واستعدت مكانتي في مجال عملي، وعندها أدركت معنى قوله تعالى: “وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا”.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة النصر
أسرار سورة الفتح
هناك العديد من الأسرار والخواص التي تختص بها سورة الفتح ومن ذلك ما روي عن الصحابي الجليل أبي بن كعب: مَنْ قرأَ سورةَ الفَتْحِ فَكأنَّما شهدَ الفتحَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : العراقي | المصدر : تخريج الإحياء، الصفحة أو الرقم: 1/442 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
ومن أعظم الأسرار عن سورة الفتح أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أسْفَارِهِ، وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ معهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ عن شَيءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا عُمَرُ! نَزَرْتَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذلكَ لا يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أمَامَ المُسْلِمِينَ، وخَشِيتُ أنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَما نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بي، قَالَ: فَقُلتُ: لقَدْ خَشِيتُ أنْ يَكونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، وجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمْتُ عليه، فَقَالَ: لقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهي أحَبُّ إلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}. (( الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4177 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن عبد الله بن مغفل: “قَرَأَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عَامَ الفَتْحِ في مَسِيرٍ له سُورَةَ الفَتْحِ علَى رَاحِلَتِهِ، فَرَجَّعَ في قِرَاءَتِهِ. قالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيَّ النَّاسُ لَحَكَيْتُ لَكُمْ قِرَاءَتَهُ”. (( الراوي : عبدالله بن مغفل | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 794 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن أنس بن مالك أنّه قال: إنّ ثمانين رجلًا وقيل ثلاثين من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم معهم سلاحهم يريدون غزو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم المسلمون أسرى، وقد كان ذلك في فترةٍ كان السفراء يمشون بالصُّلح بين المسلمين وقريش، فأطلقهم رسول الله وكان في ذلك قوله تعالى ” “وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا”. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1808 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
قال الإمام برهان الدين البقاعي: مقصود سورة الفتح يظهر من مدلول اسمها الذي يعم فتح مكة وما تقدمه من صلح الحديبية وفتح خيبر ونحوهما، وما وقع تصديق الخبر به من غلب الروم على أهل فارس وما تفرغ من فتح مكة المشرفة من إسلام أهل جزيرة العرب وقتال أهل الردة وفتوح جميع البلاد. الذي يجمعه كله إظهار الدين على الدين كله.
وهذا كله في غاية الظهور بما نطق به ابتداؤها وأثناؤها في مواضع منها {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق}، وانتهاؤها {ليظهره على الدين كله (28)}، {محمد رسول الله (29)} إلى قوله {ليغيظ بهم الكفار (29)} أي بالفتح الأعظم وما دونه من الفتوحات {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة} كما كان في أولها للرسول صلى الله عليه وسلم {وأجراً عظيماً} كذلك بسائر الفتوحات وما حوت من الغنائم للثواب الجزيل على ذلك في دار الجزاء.
اقرأ أيضا: فوائد من سورة الفتح