شعر عربي عن الغياب
غياب الأحبة والأصدقاء من أقسى الأمور التي يتعرض لها الإنسان في حياته، إذ يشعر بالوحدة والألم ويبقى لديه الأمل في رجوعهم، ويظل منتظرًا لهم على أمل العودة والتلاقي، وقد انشغل العديد من الشعراء بهذا الموضوع، فكتبوا عدة قصائد شعر عربي عن الغياب وما يُسببه من أوجاع.
شعر عربي عن الغياب
يقول أبو مدين التلمساني في أعظم قصائد شعر عربي عن الغياب :
تضيقُ بنا الدنيا إذا غبتُمُ عنا
وتَذهَبُ بالأشواقِ أرواحُنا منّا
فبُعدُكُمُ موتٌ وقُربكُم حيا
فإن غبتموا عنّا ولو نفاً متنا
نموت ببعدِكم ونحيا بقُربكم
وإن جاءضنا عنكم بشيرُ اللقا عشنا
ونحيا بذاكر كم إذا لم نراكمُ
ألا إنَّ تذكارَ الأحبَّة ينعشُنا
فلَولا معانيكمُ تراها قلوبُنا
إذا نحنُ أيقاظٌ وفي النوم إن غبنا
لمتنا أسى من بعدكم وصبابةً
ولكنَّ في المعنى معانيكُم معنا
بحرُ كنا ذكر الأحاديث عنكمُ
ولولا هواكُم في الحشا ما تحرَّكنا
فقُل للذي ينهى عن الوجد أهلهُ
إذا لم تذُق معنى شرابٍ الهوى دعنا
إذا اهتزَّت الأرواح شوقاً إلى اللقا
ترفصت الأشباح يا جاهلَ المعنى
أما تنظرُ الطير المقفَّصَ يا فتى
إذا ذكر الأوطان حنَّ إلى المغنى
يُفَرّجُ بالتغريد ما بِفُؤادهِ
فتضطرِبُ الأعضاءُ في الحسّ والمعنى
ويرقصُ في الأقفاصِ شوقاً إلى اللقا
فتهتزُّ أربابُ العقولِ إذا غنى
كذلكَ أرواحُ المحبّينَ يا فتى
تهزِّزها الأشواقُ للعالمِ الأسنى
أنلزمُها بالصبرِ وهي مشوقةٌ
وهل يستطيع الصبر من شاهد المعنى
إذا لم تذُق ما ذاقتِ الناسُ في الهوى
فباللَهِ يا خالي الحشا لا تعنّفنا
وسلّم لنا فيما ادعينا لأننا
إذا غلبت أشواقُنا ربَّما صحنا
وتهتزُّ عند الإستماع قلوبُنا
إذا لم نجد كتم المواجيد صرّحنا
وفي السرِّ أسرارٌ دقاقٌ لطيفة
تراقُ دمانا جهرةً إن بها مجنا
فيا حاديَ العشّاقِ قم واحد قائماً
وزمزم لنا باسم الحبيب وروحنا
وصن سرَّنا في سكرنا عن حودنا
وإن أنكرَت عيناك شيئاً فسامحنا
فإنّا إذا طبنا وطنب عقولُنا
وخامَرنا خمرُ الغرام تهتَّكنا
فلا تلم السكران في حالِ سُكرهِ
فقد رقع التكليف في سُكرِنا عنّا.
يقول البحتري:
شَوْقٌ لَهُ، بَينَ الأضَالِعِ، هاجسُ،
وَتَذَكّرٌ، للصّدْرِ مِنهُ وَسَاوِسُ
وَلَرُبّمَا نَجى الفَتَى مِنْ هَمّهِ
وَخْد القِلاَصِ، وَلَيلُهُنّ الدّامسُ
ما أنْصَفَتْ بَغدادُ، حينَ تَوَحّشتْ
لنَزِيلِهَا، وَهْيَ المَحَلُّ الآنِسُ
لَمْ يَرْعَ لي حَقَّ القَرَابَةِ طَيّءٌ
فيها، وَلاَ حَقَّ الصّداقَةِ فارِسُ
أعَلِيُّ! مَنْ يأمُلْكَ بَعْدَ مَوَدّةٍ
ضَيّعْتَهَا مِنّي، فإنّي آيِسُ
أوَعَدْتَني يَوْمَ الخَميسِ، وَقَد مَضَى
مِنْ بَعْدِ مَوْعِدِكَ الخَميسُ الخامسُ
قُلْ للأمِيرِ، فإنّهُ القَمَرُ الّذي
ضَحِكَتْ بهِ الأيّامُ، وَهيَ عَوَابِسُ
قَدّمْتَ قُدّامي رِجَالاً، كُلُّهُمْ
مُتَخَلّفٌ عَنْ غَايَتي، مُتَقَاعِسُ
وأذَلْتَني، حتّى لَقَدْ أشْمَتّ بي
مَنْ كَانَ يَحسُدُ مِنهُمُ، وَيُنَافِسُ
وأنا الذي أوْضَحتُ، غَيْرَ مَدافِعٍ،
نَهجَ القَوافي، وَهيَ رَسْمٌ دارِسُ.
يقول بهاء الدين زهير:
غِبتُم فَما لِيَ مِن أُنسٍ لِغَيبَتِكُم
سِوى التَعَلُّلِ بِالتَذكارِ وَالأَمَلِ
أَحتالُ في النَومِ كَي أَلقى خَيالَكُمُ
إِنَّ المِحِبَّ لَمُحتاجٌ إِلى الحِيَلِ
بَعدَ الحَبيبِ هَجَرتُ الشِعرَ أَجمَعُهُ
فَلا غَزالٌ يُلَهّيني وَلا غَزَلي
وَعاذِلٍ آمِرٍ بِالصَبرِ قُلتُ لَهُ
إِنّي وَحَقِّكَ مَشغولٌ عَنِ العَذَلِ
طَلَبتَ مِنِّيَ شَيئاً لَستُ أَملِكُهُ
وَخُذ يَميني وَما عِندي وَما قِبَلي
أَطَلتَ عَذلَ مُحِبٍّ لَيسَ يَقبَلُهُ
فَكانَ أَضيَعَ مِن دَمعٍ عَلى طَلَلِ
إِنّي لَأَعجَزُ عَن صَبرٍ تُشيرُ بِهِ
وَلو قَدَرتُ لَكانَ الصَبرُ أَروَحَ لي.
اقرأ أيضا: خواطر عن الغياب
قصيدة وشم على ساعد الغياب
تقول الشاعر السودانية روضة الحاج:
كن عند أبواب الحضور
وأن تشاء فلا تكن
دعنى أقبّل في سبيلك يا أنا
قلباً يحاذر أن يجوب
ولان هذا الشوق بات الآن أعتى ما أخاف
رجعت ليلاً كالغريب
وحدي أنا أدري
بأن الشوق حين تكون سيده
ووجهته…..عجيب
شوق يصادر هذه الدنيا
ويختصر المسافة
ويشعل الانحاء بركاناً
فيحترق اللهيب
شوق يلحّ ولا يحاور
يُدعى إلا سواه… فاستجيب
يا كلّ هذا القلب
يا حلماً يحصارني نهاراً
يا صفيّ الرّوح
يا بوابة تُفضي إلى غير الهروب
أو ما رجوتك حينما حان الرحيل
أن أتّئد
عنّي تنحّى … لا تُطلّ على من كل الدروب
أو ما تعاهدنا هنا
ألا تلوح بمقلتيّ
ألّا تقيم بمهجتي
ألا تُحدّد وجهتي حتى أؤوب
فلَم يسأل كل من ألقى
عن الوهج الغريب بمقلتيّ يبدو
وعن رجلٍ غريب
ولمَ قفزت إلى فمي
لمّا هممت بأن أقول
حرفاً بكل قصيدة
وقُبيل كل مقالة
وبُعيدَة كل حكاية نغماً طروب
ولمَ رأيتك حينما ضحك الصغار
وحينما لاح النخيل
وحين ثار النيل
كيف طلعت في شفق الصباح
وكنت في شفق الغروب؟
شيء عجيبٌ يا أنا
شيءٌ عجيب
توقيع أنّك لن تلحّ علي
ما جفّت صحائفه ولا رفع القلم
لم توفِ بالعهد الجديد ولا القديم..ولم ..ولم
يا مُنتهى شوقي
ويا كل الجراحات التي بُرئت
ويا كل التي تهب الألم
من أيّ أسباب السماء هويت نحوي
مثلما النجم البعيد
فأنا انتبذت من المكان قصيه
خبّأت وجهي تحت وامتنعت عن القصيد
وسلكت وعر الدرب ليلاً
واهتديت بأنجمٍ أَفِلَت
وغيّرت الصوى طراً
وأعدلت النشيد
كيف اهتديت إليّ كيف
وبيننا بحران يصتخبان
الآلف من الأميال صحراء وغابات وبيد؟
أتُراك كنت حقيبتي
أم بين أمتعتي دخلت
أم اختبأت هناك فيَّ
دماً يسافر للوريد من الوريد
عجبي إذاً
إن كنتُ لن أنفكّ من قيد تُكبّلني به
إن كنت أمضي كي أعود
عجباً إذاً
إن كان هذا القلب قد بايعته ملكاً عليّا
فباعني رغمي
ويفعل ما يريد
أنا لن أسافر مرةً أخرى
لتسبقني ويفضحني الشرود
أنا لن أحاول حيلةً أخرى
ومع رجل يغافل كل ضباط المطارات القصيه
والمحطّات القريبة والبعيدة
عابراً متجاوزاً كل الحدود
أنا لن ألاحق مهرجان العيد
بعد العام هذا
إذ بغيرك لن يكون في الكون عيد.
اقرأ أيضا: أقوال مأثورة عن الغياب