شعر عربي عن الغربة
شعر عربي عن الغربة
يقول أبو العتاهية في واحدة من أعظم قصائد شعر عربي عن الغربة :
حَتّى مَتى أَنا في حِلٍّ وَتَرحالِ
وَطولِ سَعيٍ بِإِدبارٍ وَإِقبالِ
أُنازِعُ الدَهرَ ما أَنفُكَ مُغتَرِباً
عَنِ الأَحِبَّةِ لا يَدرونَ ما حالي
في مَشرِقِ الأَرضِ طَوراً ثُمَّ مَغرِبِها
لا يَختُرُ المَوتُ مِن حِرصٍ عَلى بالي
وَلَو قَنِعتُ أَتاني الرِزقُ في مَهلٍ
إِنَّ القُنوعَ الغِنى لا كُثرَةُ المالِ.
يقول الشاعر على بن الجهم:
وَاِرَحمَتا لِلغَريبِ في البَلَدِ ال
نازِحِ ماذا بِنَفسِهِ صَنَعا
بِالعَيشِ مِن بَعدِهِ وَلا اِنتَفَعا
حَتّى إِذا ما تَباعَدوا خَشَعا
يَقولُ في نَأيِهِ وَغُربَتِهِ
عَدلٌ مِنَ اللَهِ كُلُّ ما صَنَعا.
يقول عبد الرحمن الداخل:
أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُيَمِّمُ أَرْضِي
أَقْرِ مِنْ بَعْضِي السَّلامَ لِبَعْضِي
إِنَّ جِسْمِي كَمَا عَلِمْتَ بِأَرْضٍ
وَفُؤَادِي وَمَالِكِيهِ بِأَرْضِ
قُدِّرَ البَيْنُ بَيْنَنَا فَافْتَرَقْنَا
فَعَسَى بِاجْتِمَاعِنَا اللهُ يَقْضِي.
يقول ابن زريق البغدادي:
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ
قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّبِهِ
مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً
مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ
فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ
مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ
مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه
للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ
رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ
لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى
مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت
بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه
إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبث اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَقلبي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ
كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ
لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفِنُها
بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ
بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا
لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي
بِهِ وَلا أَن بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ
عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
بالله يامنزل القصف الذي درست
اثاره وعفت مذ غبت اربعه
هل الزمان معيد فيك لذتنا
أم الليالي التي مرت وترجعه
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ
وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ
كَما لَهُ عَهدُ صِداقٍ لا أُضَيِّعُهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا
جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ لِدهرٍ لا يُمَتِّعُنِي
بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً
فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ
عَل اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا
جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُنلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ
فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ.
اقرأ أيضا: شعر عربي عن الاشتياق
قصائد شعر عربي عن الغربة
قصيدة ثمن الغربة
قد شفّني الوجد لو تدرينَ يا أملُ
والدمع في مُقلتي ضاقت بهِ السبُلُ
فانسالَ كالدُّرِّ فوق الخد مكتئباً
لما رأى الصحبَ للأوطان قد رحلوا
سألتُهُ، ورياح الشوقِ تعصفُ بي
ماذا دهاكَ، أبعد الشيبِ تنهملُ
أجابني: ومتى يا صاحِ تُهرقني
وقد أصابكَ جُرحٌ ليس يندملُ
أليس في غربةٍ جُرِّعتَ قسوتها
دهراً طويلاً إذا ما قستها ثِِقَلُ
و في فراقِ حبيبٍ قد حُرِمتَ بِهِ
طعمَ الكرى والهنا يا صاحبي مللُ
كلٌّ طوى ليلَهُ واغتال غربتهُ
و أنت لا زلتَ بالدينارِ تنشغلُ
أغراك كسبٌ له بالبعد عن وطنٍ
عشرينَ حوْلاً، طواك السهلُ والجبلُ
قلتُ اصمتي يا دموع العين وارتدعي
فقد دهالقلبَ من تثريبكِ الكللُ
أما علمتِِ و أنتِ النارُ في كبدي
كيف اشتياقي لأرضِ النيلِ مشتعلُ
مصرُ التي قد ثوت في خافقي و دمي
من ذا ينازعني فيها و يحتملُ
لا المالُ يا أدمعي يُغني و وفرتُهُ
عن ذرةٍ من ثراها منهُ أكتحِلُ.
اقرأ أيضا: شعر عربي عن البعد
قصيدة بك يا زمان أشكو غربتي
بك يا زمان أشكو غربتي
إن كانت الشكوى تداوي مهجتي
قلبي تساوره الهموم توجعاً
ويزيد همي إن خلوت بظلمتي
يا قلب إني قد أتيتك ناصحاً
فاربأ بنفسك أن تقودك محنتي
إن الغريب سقته أيام الأسى
كأس المرارة في سنين الغربتي
قد كان نومي هانئاً فوق الثرى
من غير شكوى أو عذول شامتِ
من غير هم بالزمان وكربه
من غير تسهادٍ يشتت راحتي.
اقرأ أيضا: خواطر عن الغربة