أبيات شعر حكمة

عُرفت الحكمة قديمًا بأنّها معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، فالحِكَمُ هي الكلام الذي يقلّ لفظه ويجلُّ معناه، وقد اشتُهر العربُ بحكمتهم إضافةً إلى بلاغتهم وفصاحتهم، فما كان منهم إلا أن سطّروا حكمتهم في أشعارهم حتى يُخلِّدها الزمان فلا تُنسى، ويجدر بكل عربي معرفة أبيات شعر حكمة التي نظمها الشعراء في كل العصور الأدبية.

أبيات شعر حكمة

أبيات شعر حكمة

يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في واحدة من أجمل أبيات شعر حكمة :

لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً

فَالظُلْمُ مَرْتَعُهُ يُفْضِي إلى النَّدَمِ.

تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ

يدعو عليك وعين الله لم تنم.

يقول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

أخِلّاءُ الرَّخاءِ هم كثيرٌ

ولكن في البلاءِ همُ قليلُ

فلا يغرُركَ خُلَّةُ مَن تؤاخي

فما لكَ عندَ نائبةٍ خليلُ

وكلُّ أخٍ بقولُ أنا وفيٌّ

ولكن ليس يفعلُ ما يقولُ.

يقول زهير بن أبي سلمى:

ومن يغترب يحسب عدوًّا صديقَهُ

ومَن لا يُكرِّم نفسَهُ لا يُكرَّمِ

ومهما تكُنْ عند امرئٍ من خليقةٍ

وإن خالها تخفى على الناسِ تُعلَمِ

وكائنٍ ترى من صامتٍ لكَ مُعجِبٍ

زيادته أو نقصه في التكلُّمِ.

يقول الإمام البوصيري رحمه الله:

والنفسُ كالطفلِ إن تُهملهُ شَبَّ على

حُبِّ الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفَطِمِ

فاصرف هواها وحاذِر أن تولّيه

إن الهوى ما تولّى يُصمِ أو يصِمِ

وراعها وهي في المالِ سائمةٌ

وإن هي استحلتِ المرعي فلا تسمِ

كم حسَّنتْ لذّة للمرء قاتلةً

من حيث لم يدرِ أنَّ السمَّ في الدسمِ

واخشَ الدسائسَ من جوعٍ ومن شبعٍ

فربَّ مخمصةٍ شرٌّ من التُّخَمِ

وخالفِ النفسَ والشيطانَ واعصِهِما

وإن هما محّضاكَ النُّصحَ فاتَّهِمِ

ولا تُطع منهما خصمًا ولا حكمًا

فأنت تعرفُ كيدَ الخصمِ والحكَمِ.

اقرأ أيضا: أقوال مأثورة عن الحكمة

حكم شعرية للإمام الشافعي

  • نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا.

ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ

ولو نطق الزمان لنا هجانا.

وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ

ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا.
  • إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا

فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ رَاحة ٌ

وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا

فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ

وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة ً

فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا

ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ

ويلقاهُ من بعدِ المودَّة ِ بالجفا

وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ

وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا

سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا

صَدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَا
  • ما في المقامِ لذي عقلٍ وذي أدبِ
مِنْ رَاحَة ٍ فَدعِ الأَوْطَانَ واغْتَرِبِ

سافر تجد عوضاً عمَّن تفارقهُ

وَانْصِبْ فَإنَّ لَذِيذَ الْعَيْشِ فِي النَّصَبِ

إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ

إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ

والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست

والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يصب

والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمة ً

لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَرَبِ

والتَّبْرَ كالتُّرْبَ مُلْقَى ً في أَمَاكِنِهِ

والعودُ في أرضه نوعً من الحطب

فإن تغرَّب هذا عزَّ مطلبهُ

وإنْ تَغَرَّبَ ذَاكَ عَزَّ كالذَّهَبِ.

اقرأ أيضا: كيف أتعلم الحكمة

حكم شعرية

حكم شعرية للمتنبي

  • وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنَالُكَ نَفْعُهُ
وَمِنَ الصّداقَةِ ما يَضُرّ وَيُؤلِمُ.

وَالهَمُّ يَخْتَرِمُ الجَسيمَ نَحَافَةً

وَيُشيبُ نَاصِيَةَ الصّبيّ وَيُهرِمُ.

ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ

وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ.

وَالنّاسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فمُطلَقٌ

يَنسَى الذي يُولى وَعَافٍ يَنْدَمُ.

لا يَخْدَعَنّكَ مِنْ عَدُوٍّ دَمْعُهُ

وَارْحَمْ شَبابَكَ من عَدُوٍّ تَرْحَمُ.

لا يَسلَمُ الشّرَفُ الرّفيعُ منَ الأذى

حتى يُرَاقَ عَلى جَوَانِبِهِ الدّمُ.
  • لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ
ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ.

فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ

وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ.

مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ

تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ.

اقرأ أيضا: أحاديث عن الحكمة

حكم شعرية لأبي تمام

  • نقلْ فؤدكَ حيثُ شئتَ من الهوى
ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأولِ.

كمْ منزل في الأرضِ يألفه الفتى

وحنينُه أبداً لأولِ منزلِ.
  • إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِيئاً
فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ.

رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي

ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ.

وما مِنْ شِدَّة ٍ إلاَّ سَيأْتي

لَها مِنْ بعدِ شِدَّتها رَخاءُ.

لقد جَرَّبْتُ هذا الدَّهْرَ حتَّى

أفَادَتْني التَّجَارِبُ والعَناءُ.

إذا ما رأسُ أهلِ البيتِ ولى

بَدا لهمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ.

يَعِيش المَرْءُ ما استحيَى بِخَيرٍ

ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ.

فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ

ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ.

إذا لم تخشَ عاقبة َ الليالي

ولمْ تستَحْي فافعَلْ ما تَشاءُ.

لئيمُ الفعلِ من قومٍ كرامٍ

لهُ مِنْ بينهمْ أبداً عُوَاءُ.

تلك الأبيات ما هي إلا ومضاتٌ من أبحُر هؤلاء الشعراء الأجلّاء، ولا زالَ في جُعبةِ الشعر العربي الكثير الكثير من الأبيات التي عظُمتْ معانيها وجلّتْ في منح الحكمة والموعظة للقارئ والسامع على حدٍّ سواء، فالحكمة إحدى الفضائل الرئيسة الأربعة، إذ تعني قوّة الروح ومرادفها العلم، فلن يسعها حصرٌ مهما حاول الشعراء.

اقرأ أيضا: أجمل أبيات الشعر الفصيح

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3
مصدر 4
مصدر 5

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *