شعر عن الأب

خلق الله الأب وخلق معه الرحمة والقوة، حيث إنّه سند لأبنائه عند الحاجة والحبيب الأول، والقدوة الأكبر لهم، فهو يعيش كوردة تنمو وتكبر مع الأيام، وابتعاده عن أبنائه ابتعاد عن الحياة، وقد اهتم الشعراء بالتعبير عن حبهم لأبائهم، فهناك الكثير من قصائد شعر عن الأب ومكانته.

شعر عن الأب

شعر عربي عن الاب

قصيدة أبي

يقول إيلياء أبو ماضي:

طوى بعض نفسي إذ طواك الثّرى عني

وذا بعضها الثاني يفيض به جفني

أبي خانني فيك الرّدى فتقوضت

مقاصير أحلامي كبيت من التّين

وكانت رياضي حاليات ضواحكا

فأقوت وعفّى زهرها الجزع المضني

وكانت دناني بالسرور مليئة

فطاحت يد عمياء بالخمر والدن

فليس سوى طعم المنيّة في فمي

وليس سوى صوت النوادب في أذني

ولا حسن في ناظري وقلّما

فتحتهما من قبل إلاّ على حسن

وما صور الأشياء بعدك غيرها

ولكنّما قد شوّهتها يد الحزن

على منكي تبر الضحى وعقيقه

وقلبي في نار وعيناي في دجن

أبحث الأسى دمعي وأنهيته دمي

وكنت أعدّ الحزن ضربا من الجبن

فمستنكر كيف استحالت بشاشتي

كمستنكر في عاصف رعشة الغضن

يقول المعزّي ليس يحدي البكا الفتى

وقول المعزّي لا يفيد ولا يغني

أقول لي إنّي كي أبرّد لوعتي

فيزداد شجوي كلّما قلت لو أني

أحتّى وداع الأهل يحرمه الفتى

أيا دهر هذا منتهى الحيف والغبن

أبي وإذا ما قلتها فكأنني

أنادي وأدعو يا بلادي ويا ركني

لمن يلجأ المكروب بعدك في الحمى

فيرجع ريّان المنى ضاحك السنّ

خلعت الصبا في حومة المجد ناصعا

ونزّه فيك الشيب عن لوثة الأفن

فذهن كنجم الصّيف في أول الدجى

ورأى كحدّ السّيف أو ذلك الذهن

وكنت ترى الدنيا بغير بشاشة

كأرض بلا ماء وصوت بلا لحن

فما بك من ضرّ لنفسك وحدها

وضحكك والإيناس للبحار والخدن

جريء على الباغي، عيوف عن الخنا

سريع إلى الداعي، كريم بلا منّ

وكنت إذا حدّثت حدّث شاعر

لبيب دقيق الفهم والذوق والفنّ

فما استشعر المصغي إليك ملالة

ولا قلت إلاّ قال من طرب زدني

برغمك فارقت الربوع ىوإذا

على الرغم منّا سوف نلحق بالظعن

طريق مشى فيها الملايين قبلنا

من المليك السامي عبده إلى عبده الفنّ

ضريحك مهما يستسرّ وبلذة

أقمت بها تبني المحامد ما تبني

أحبّ من الأبراج طالت قبابها

وأجمل في عينيّ من أجمل المدن

على ذلك القبر السلام فذكره

أريج بهنفسي عن العطر تستغني

اقرأ أيضا: كلام عن الأب تويتر

قصيدة ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك يا أبي

يقول أبو القاسم الشابي في أجمل شعر عن الأب الراحل:

ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك

يا أبي ومشاعري عمياء بأحزانِ

أني سأظمأُ للحياةِ، وأحتسي

مِنْ نهْرها المتوهِّجِ النّشوانِ

حتى تحرّكتِ السّنون، وأقبلتْ

فتنُ الحياةِ بسِحرِها الفنَّانِ

فإذا أنا ما زلتُ طفِْلاً، مُولَعاً

بتعقُّبِ الأضواءِ والألوانِ

وإذا التشأوُمُ بالحياة ورفضُها

ضرْبٌ من الُبهتانِ والهذيانِ

إنَّ ابنَ آدمَ في قرارةِ نفسِهِ

عبدُ الحياةِ الصَّادقُ الإيمانَ

اقرأ أيضا: آيات قرآنية وأحاديث عن بر الأبناء

الأب

قصيدة قمرٌ جنوبيٌ للشاعر أحمد بخيت

هوِّن عليك فلا هُناك ولا هُنا

وجها لوجهٍ، قل لموتك: ها أنا

ضع عنك عبئَكَ والقَ خِصْمَكَ باسماً

فعلى جسارتهِ يَهابُ لقاءَنا

إنْ لم يكنْ في العُمْرِ إلا ساعةُ

علِّم حياتَكَ كيف نُكْرِمُ موتنا

لا تنتظر خِصْماً أقل شجاعةً

وارفعْ جبينَكَ مثلما عوَّدتنا

تتبرجُ الدنيا ونَكْسِرُ كِبْرَها

ونقولُ: يا حمقاءُ، غُرِّي غَيْرِنا

لا نستجيرُ من الجراحِ، وإنما

منْ فَرْطِ نخوتنا نُجيرُ جراحَنا!

لم يرتَفِعْ جَبَلٌ أمامَ عُيونِنا

إلا لنرفعَ فوقَهُ أكتافَنا

إنا وقد نهبَ الظلامُ نجومَنا

نُهْدِي الصباحَ لمِنْ سيأتي بَعْدِنا

في زفرةِ الفرسِ الأخيرةِ قبلما

يأتي اعتذارُ الموتِ عن موت المُنَى

سنقولُ للرحمنِ – جلَ جلالُهُ –

فَلْتُعطِنا موتاً يليق بمثلِنا

يا طائرَ الغُرُباتِ، عُشُّكَ موحِشٌ
فاهْدَأْ لعلَّكَ يا غريبُ…. لعلَّنا

سيقول طفلٌ ما لدمعةِ أمِّهِ:

“ساعي البريدُ غداً سيطرق بابَنا
سأنامُ، كي يأتيْ الصباحُ مُبكراً
وسنشتريْ لُعَبًا ونخبزُ كعكنا”

نم يا ضناي الطفلُ أصبح شاعراً

وأَبًا، وظلَّ الحُلْمُ غضًّا ليِّنا

عشرين صيفاً في انتظار الملتَقَى

ثم التقينا: كي نُتِمَّ وداعنا

هون عليك وأعط موتك فرصة

واشكره أن وهب اغترابك موطنا

يا نائياً عني بمترٍ واحدٍ

الآن وسعت المسافة بيننا

نلتفُّ حولَكَ نحن حولَكَ يا أبي

فابْسُطْ عباءاتِ الحَنانِ وَضُمَّنا

قل: مرحباً، قل: أي شيء طيب

لا تتركِ الكابوسَ يُفْسِدُ حُلْمَنا

كنا نرى الآباء حول صِغارِهِمْ

نشتاق أن تأتيْ وأن تحكيْ لنا

ياما انتظرتُكَ وانتظرتُكَ يا أبي

الآن، بادِلْني الحديثَ مكَفَّنا‍‍

زرنا – ولو في كلِّ عامٍ – مرةً

واجلس قليلاً كي تدبِّرَ حالَنا

جِيء ضاحكاً أو ساخراً أو غاضباً

دَلِّلْ طفولَتِنا وعاتِبْ طيشَنا

سَمَرٌ شتائيٌ وشايٌ ساخنٌ

وسُعالُك الحَنَّانُ يؤنس بيتنا

أخشى مِنَ النسيانِ  قد يأتي غدٌ

وتكونُ وَحدَكَ في الغيابِ ووَحدَنا!

إنا قصائِدُكَ الجميلة يا أبي

الله أبدعنا وأنت رويتنا

نَثْرٌ هيَ الأيامُ نَثْرٌ باهتٌ

وتصيرُ شِعراً كلما اتقَدتْ بنا!

يبقى معي مِنكَ الحياةُ قصيدةً

والموتُ شِعراً والخلودُ مؤذِّنا

أتأملُ الحداَّدَ في سِتِّينه

قمراً جنوبياً يرنِّقُ حولنا

ويقولُ: يا ولدي تَعِبتُ، فَخُذْ يدي

ثَقُلَ الحديدُ عليَّ والظَهْرُ انحنى!

أنصت لصوتيَ فيكَ صدقاً جارحاً

فالموتُ يَعجَزُ أن يُبَدِّل صوتنا

دمعُ المناحةِ – دائماً – متأخرٌ

في نطفةِ الميلادِ نحمِلُ حَتفَنا!!

اقرأ أيضا: دعاء شفاء الأم والأب

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *