عمل زكريا عليه السلام
نبيّ الله زكريا عليه السلام من الأنبياء المذكورين في القرآن الكريم، وكان ورود قصته في سياق الاصطفاءات والبشائر، ولكن هذا لا يتنافى مع كونه بشراً، فقد مارس المِهن واجتهد في ذلك حتى يكسب قوت يومه، ويسأل الكثير من الناس ما هو عمل زكريا عليه السلام ؟
عمل زكريا عليه السلام
عمل زكريا عليه السلام هو النجارة، حيث كان يقوم بنشارة الخشب، فقد ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: (كان زكرياءُ نجارًا). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 2379 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
فقد كان عليه السلام يكسب قوته بعمل يده، وهذا ديدن أنبياء الله ورسله، وفي ذلك دلالة هامة على أن العمل واحتراف المهن لا يُنقص أحداً، وتأكيداً على ذلك كان زكريا يعمل ويأخذ الأجرة في المقابل، فهو أفضل من سؤال الناس، فالعمل من الأخلاق العظيمة التي تقترن بها العفّة والرفعة عن الخضوع والذل للغير، فيكون قوت اليوم من عمل اليد وكسبها.
اقرأ أيضا: أحاديث عن العمل اليدوي
نسب زكريا عليه السلام
اختلف العلماء في اسم نبي الله زكريا عليه السّلام؛ فكان لهم أكثر من قول، فمنهم من قال إنّ اسمه هو: زكريا بن حنّا بن مسلم بن صدوق بن محمان بن داود بن سليمان بن مسْلم بن صديقة بن برحية بن ملقاطية بن ناحور بن سلوم بن بهفانيا بن حاش بن أني بن خثعم بن سليمان بن داود.
وقيل: اسمه هو زكريا بن دان، وفي قول آخر قيل إنّ اسمه هو: زكريا بن أدن، وعلى ذلك فإنّ نَسَبه يتّصل بنبيّ الله داود عليه السّلام، وزكريا هو والد نبي الله يحيى عليه السّلام، وهو من بني إسرائيل، وقد وردت في اسمه روايات غير ما ذُكِر، فقيل إنّه: زكرياء، وقيل إنّه: زكريّ.
اقرأ أيضا: النبي الذي امره الله ببناء السفينة
زكريا عليه السلام ومريم
ذهب زكريا -عليه السّلام- إلى معبده ذات مرّةٍ، فوجد مريم -عليها السّلام- تعكف على العبادة، وتدعو ربّها وتتذلّل له، وقد رأى عندها فاكهةً لم يكن وقتها، فقد كانت من فاكهة الصّيف، والوقت وقت شتاء لا صيف، فسألها زكريا -عليه السّلام- عن ذلك، فأجابت بفطرةٍ سليمةٍ بأنّه من عند الله تعالى.
وقد قصَّ القرآن الكريم تلك الحادثة بشيءٍ من التفصيل، حيث قال الله تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
بعد ذلك أدرك أنّ الله -سبحانه وتعالى- الذي رزق مريم -عليها السّلام- بذلك قادر على أن يرزقه الذريّة الصالحة، رغم كِبَر سِنّه، وعقم امرأته.
اقرأ أيضا: من هو النبي الذي ابتلعه الحوت
دعاء زكريا عليه السلام
جاء ذكر بعض سيرة نبيّ الله زكريا -عليه السّلام- في القرآن الكريم، وتحديداً ما حصل له عندما دعا الله -تعالى- بعد أن تقدّم به العُمر وامتلأ رأسه بالشيب، كما تقدّم بزوجته السِّن، فدعا ربّه بأن يرزقه الذريّة الصالحة، ليكون لقومه من بعده من يردعهم عن ظلمهم وفسادهم، ويدعوهم لعبادة الله -تعالى- وحده لا شريك له.
قال الله -تعالى- على لسان نبيه زكريا عليه السّلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا).
يقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآيات: (وجه خوفه أنّه خشي أن يتصرّفوا من بعده في الناس تصرفاً سيئاً، فسأل الله ولداً، يكون نبيّاً من بعده؛ ليسوسَهم بنبوّته وما يوحَى إليه، فأُجِيب في ذلك، لا أنّه خشي من وراثتهم له ماله، فإنّ النبيّ أعظم منزلةً، وأجلّ قدراً من أن يُشفِق على ماله إلى ما هذا حده، أن يأنف من وراثة عصباته له).
وقد توجّه زكريا -عليه السّلام- بالدعاء إلى الله -تعالى- وسأله الذريّة بقوله: (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)، فاستجاب له الله تعالى، فقال الله -تعالى- تعقيباً على دعوته: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
اقرأ أيضا: من هو الصحابي الذي دعا له النبي بكثرة المال والولد
وفاة زكريا عليه السلام
كما اختلف أهل العلم في نسبه فقد اختلفوا في وفاته، حيث قيل أن وفاته كانت طبيعية، في حين رأى بعض العلماء أنّه توفي قتلاً، ومما ورد في قتله أنّه هرب من بني إسرائيل عندما علم ما يُريدون به من الشر والسوء، فانفتحت له شجرة ودخل بها ثم ضمت نفسها، فسحب الشيطان جزءاً من ثوبه حتى بان لليهود، فنشروا الشجرة حتى قطعوا زكريا في داخلها، بيد أنه لا يوجد نص ثابت في ذلك.
اقرأ أيضا: من هو النبي الملقب بشيخ المرسلين