كم عدد أركان الإحسان

يعرّف الإحسان في اللغة بأنّه: الفعل الحسن، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فهو: أداء الواجبات، وترك المحرّمات، والاجتهاد في أنواع الخير، فالمُحسن يفعل كلّ شيءٍ وكأنّه يرى الله، فإن لم يصل إلى تلك المرتبة استشعر مراقبة الله في كلّ أعماله، فيشجّعه ذلك على الاستزادة من فعل الخير، ومن الأسئلة الشائعة بين طُلّاب العلم كم عدد أركان الإحسان وصوره ومراتبه؟

كم عدد أركان الإحسان

كم عدد أركان الإحسان

الإجابة عن سؤال كم عدد أركان الإحسان هو: للإحسان ركن واحد وهو أن تعبد الله تعالى كأنك تراه سبحانه فإن لم يكن تراه فإنك يراك، ودليل هذه الصورة من صور الإحسان: ما دار بين النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وجبريل -عليه السّلام- حين سأله عن الإحسان، فقال: (أن تعبد اللهَ كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك). [1]

ومعنى هذا الركن: استحضار مراقبة الله تعالى مراقبة يملأها اليقين بأنّ الله سبحانه مطلعٌ على أعمال العباد الظاهرة والخفية، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الذي يرى ويعلم بدبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.

اقرأ أيضا: مراتب الدين كلها بمنزلة واحدة

صور الإحسان

 الاحسان

تختلف صور الإحسان بحسب ما يقوم به الإنسان، ومن يتعامل معه، وفيما يأتي بيانٌ لصور الإحسان بشكلٍ مفصّلٍ:

الإحسان في العبادة

وهو أعظم شيءٍ يُمكن أن يحسن فيه الإنسان، فيقوم بعبادته على الوجه المشروع دون زيادةٍ أو نقصانٍ، ويتقن كلّ ما يقوم به من قولٍ أو فعلٍ، ويعني ذلك القيام بأوامر الله، واستشعار أنّه ينظر إليك وتنظر إليه، وتصل إلى مستوى في عبادتك كمن يرى الله في عبادته، فالله الذي يرى ويعلم السرّ والنجوى.

ويكون الإحسان في العبادة بأدائها كما أمر بها الله وبيّنها رسوله، وأن تكون خالصةً لله تعالى، كاملةً بجميع أركانها وشروطها وسننها ومستحبّاتها، وعلى أوقاتها إن كانت محدّدةً بأوقاتٍ معيّنةٍ، وأن يظهر أثرها على القلب والجوارح، ولا تتعرّض العبادة للأهواء والشهوات، بل تبقى كما أمر بها الله تعالى.

الإحسان في القول والعمل

ويشمل ذلك كلّ ما يقوم به الإنسان من الأقوال والأفعال، وسواءً كان ما يقوم به من الأمور الدينيّة أو الدنيويّة، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء) [2] فقد شملت أحكام الشرع جميع أمور الحياة، وجاء الأمر من الشرع بالإحسان والنهي عن الفساد.

الإحسان في القول

كلّ ما يصدر عن الإنسان من الأقوال يجب أن يكون حسناً؛ لقول الله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)، فيعوّد الإنسان نفسه على ألّا يصدر منه إلّا الكلام الطيب والقول الحسن، وأن يسمك نفسه عن كلّ من يصدر منه من الكلام السيء والقبيح، ويدخل في القول الحسن ردّ السلام، الحوار والجدال بالحسنى، والدعوة إلى الله.

الإحسان في العمل

يشمل كلّ عملٍ يقوم به الإنسان من أمور الدين أو الدنيا، فيكون حريصاً على إتقان العمل، وزيادة الإنتاج بأمانةٍ وإخلاصٍ، فليس المطلوب مجرد إنجاز العمل؛ وإنّما إنجازه بإتقانٍ وإحكامٍ، فكلّ آيةٍ وردت في القرآن الكريم تحثّ على العمل جاءت بعدها آيةٌ تبيّن ثمرة هذا العمل وأهمّيّته وأثره، وما ذلك إلّا لأنّ الإيمان يربّي النفس ويهذّب أفعالها.

اقرأ أيضا: أحاديث عن جزاء المحسنين

مراتب الإحسان

مراتب الإحسان

أمر الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم بالتقوى ومراقبة النفس، التي هي أعلى منزلةٌ يصل إليها الإنسان بعد الإسلام والإيمان، وقد أُخذت هذه المنزلة من النبيّ عليه السّلام، وللإحسان مراتبٌ ودرجاتٌ، فيما يأتي بيانٌ لها:

  • مرتبة المراقبة والمشاهدة والخوف من الله -عزّ وجلّ- وخشيته؛ فيعبد الإنسان ربّه وكأنّه ينظر إليه بقلبه، وينظر إليه في حال عبادته، وجزاء هذه المرتبة من جنسها؛ فكما استشعر العبد أنّه ينظر إلى الله -عزّ وجلّ- في عبادته في الدنيا، فإنّ الله يجازيه بأن يرزقه لذّة النظر إلى وجهه الكريم في الآخرة، كما أخبر بذلك الله تعالى فقال: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ)، أمّا أهل الكفر في الدنيا فكما أنّهم أعرضوا عن الله وكانوا لا يراقبونه؛ فإنّه يحجبهم عنه يوم القيامة.
  • مرتبة الحياء من الله؛ ويصل إليها الإنسان حين يعلم أنّ الله يراه على كلّ حالٍ وفي كلّ آنٍ، ويطّلع على كلّ عملٍ يقوم به، فلا يرضى لنفسه أن يراه الله في موضعٍ نهاه عنه أو أمره باجتنابه، ولا يجعل الله أهون الناظرين إليه.
  • مرتبة الأُنس بالله والاطمئنان إليه والفرح بعبوديته؛ فيستأنس العبد بالله ويفرح بقربه، ولا يحتاج لأحدٍ غيره، ويُوقن أنّ الله تعالى هو الذي يجعل لهم من كلّ همٍّ فرجاً، ومن كلّ ضيقٍ مخرجاً، وقد بلغ هذه المرتبة نبيّنا محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، فكان يخالط الناس ولا ينقطع عنهم، ومع ذلك فهو دائم الأنس بالله، متّصلٌ به، دائم الذكر له.

اقرأ أيضا: شرح حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاث

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3
مصدر 4

المراجع
  1. الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 50 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []
  2. الراوي : شداد بن أوس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1955 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *