يجوز للمريض أن يترك الصلاة اثناء مرضه
من الأسئلة الشائعة بين الكثير من المسلمين هل يجوز للمريض أن يترك الصلاة اثناء مرضه أم لا، خصوصاً وأن المريض أحد أهل الأعذار الذين لا يستطيعون آداء الصّلاة على الصِّفة التي يؤديها غير المعذور؛ فالشَّرع الحنيف خفّف عن المريض، وأتاحَ له آداء الصَّلاة حسب استطاعته وقدرته الجسديّة، وهذا من يُسر الشّريعة السمحاء.
يجوز للمريض أن يترك الصلاة اثناء مرضه
إن الإجابة على سؤال: هل يجوز للمريض أن يترك الصلاة اثناء مرضه أم لا؟ هي: لا يجوز ترك الصلاة على الإطلاق باستثناء المرض العقلي، حيث يُفترضُ بالمريض أن يُصلَّي الصَّلوات الخمسة في أوقاتها المُحدَّدة، كما عليه أن يُؤدِّيها في المَسجد جَماعةً.
وإن تعذَّر عليه الذهاب إلى المسجد يُصلِّيها جماعةً في مكانه، فإن تعذَّر ذلك أيضاً يصلِّيها لوحده مُنفرداً، وهذا في حال قدرته على أداء كلِّ صلاة في وقتها المُحدَّد، أمَّا إن شقَّ عليه ذلك؛ فله أن يَجمع بين الظُّهر والعَصر، وبين المَغرب والعِشاء جمع تقديمٍ أو تأخيرٍ بحسب حاله والأرفق به، وتكون الصَّلاة عندها صَلاةً كاملةً بدون قَصر.ومعنى ذلك أن الصلاة لا تسقط أبداً عن المريض ما دام العقل حاضراً.
اقرأ أيضا: اين فرضت الصلاة
كيف يؤدي المريض الصلاة
تعدّدت آراء الفقهاء حول كيفيَّة الصَّلاة للمريض، وتفصيل هذه الآراء على النحو التالي:
الحنفية
يَسقط القيام عن المريض العاجز عنه، وله الصَّلاة جالساً مع الرُّكوع والسُّجود إن استطاع، وإلَِا يُومِئ إيماءً برأسه، ويجعل الإيماء في السُّجود أخفض منه في الرُّكوع، وإن تَعذَّر عليه الجُلوس، يَستلقي على ظهره ويجعل قدميه إلى القبلة ويُومِئ بالرُّكوع والسُّجود.
أمُّا إن استلقى على جنبه، فالأولى أن يَستلقي على جنبه الأيمن ويجعل وجهه إلى القِبلة ويومئ بالرُّكوع والسُّجود، فإن تعذَّر عليه الإيماء بالرَّأس يُؤخِّر الصَّلاة ويقضيها إن استطاع.
ولا يصحُّ الإيماءُ بالعين ولا بالقلب، وإن فَات وقت الصَّلاة وهو على هذه الحال وجب عليه قضاؤها جميعاً ولا تَسقط عنه ما دام العقل حاضراً، ومنهم من قيَّد عدد الصَّلوات الواجب قضاؤها بمقدار صَلوات اليوم واللَّيلة، وما زاد عن ذلك لا يُطالب بقضائها، وهذا هو المُختار والأرفق بالمريض.
ويُصلِّي المريض بهذه الكيفيَّة أيضاً إن استطاع القيام ولكنّه لم يستطع الرُّكوع والسُّجود. وإن عُرض له أثناء صَلاته قائماً أمراً ما وعجز عن الإكمال قائماً، فيُتمُّها جالساً أو مستلقياً إن لم يستطع الجلوس.
المالكية
عند العجز عن القيام يُصلِّي المريض جالساً؛ إما مُستقلاً بذاته ، أو يجلس وهو مستنداً على شيء، والسُّنّة أن يجلس متربّعاً، وإن لم يستطع الجُلوس فيُصلِّي مُستلقياً على شقِّه الأيْمن، فإن لم يستطع يَستلقي على الجانب الأيسر، فإن عجز فعلى ظهره ويجعل قدماه للقبلة، فإن لم يستطع فعلى بَطنه مع جعْل رأسه للقِبلة.
والقادر على القيام دون الرُّكوع والسُّجود والجلوس يُومِئ بهما قائماً، أمَّا إن استطاع الجُلوس فيُومئ بالرُّكوع قائماً وبالسُّجود جالساً، وإن بدأ صَلاته قائماً وعُرض له أمرٌ منعه من القيام؛ يُتمُّ صلاته جالساً، وإن لم يستطع المريض الإيماء بالرَّأس، ينوي الصَّلاة ويومِئ بعينيه ويَسقط عنه ما لا يَقدر عليه، ولا يحقُّ له تأخيره الصَّلاة، وتكون الصَّلاة واجبة بحقِّه، ولا تَسقط عنه مادام العقل حاضراً.
الشافعية والحنابلة
إن لم يستطع المريض القيام مستقلاً يقف مُنحنياً، وإن عجز عن القيام كلِّه جلس كيف شاء، فإن لم يقدرعلى الجُلوس يضطجع على جانبه، والجانب الأيمن أَوْلى من الأيسر، ويكون وجهه إلى القبلة.
فإن تعذَّر ذلك يستلقى على ظهره، ويُومئ برأسه للرُّكوع والسُّجود وفي السُّجود يومِئ أكثر، فإن لم يستطع الإيماء برأسه يُومِئ بعينيه إلى أفعال الصَّلاة، فإن لم يستطع؛ يقوم بتمرير أركان الصَّلاة على قلبه، بأن يُمثِّل نفسه قائماً وراكعاً وهكذا، مع القراءة باللِّسان إن استطاع، وإلِّا يُمرِّر القراءة على قلبه أيضاً. ولا تسقط عنه الصِّلاة أبداً ما دام مناط التَّكليف حاضراً، ألا وهو العقل.
اقرأ أيضا: ادعية عن المريض قصيرة ومستجابة
صفة المرض الذي يرخّص فيه للمريض
هناك عِدّة ضَوابط لمَا يُعدُّ مرضاً ويُعذر به صاحبه في الصَّلاة؛ فمثلاً إن تَعذَّر القيام كلُّه على المريض، أو قَدر عليه ولكن مع المشقَّة البالغة والتي يُصاحبها ألمٌ شديد، أو سبّب ذلك احتمالُ زيادةٍ في المرض أو إبطاء في شِفائه، فيُعدُّ هذا عذراً للمريض ويُرخَّص له بناءً عليه الصَّلاة جالساً بركوعٍ وسُجودٍ، ويُعدُّ كذلك الألم الشَّديد مثل دَوران الرَّأس، أو وجعه، أو الشَّقيقة، أو الرَّمد، من الأَعذار التي يُخفَّفُ للمريض بسببها في صَلاته.
ويُلحق الخَوف الشَّديد بالألم الشَّديد، فلو خاف المُصلِّي من عدوٍ آدميٍ أو حيوانٍ قد يُلحق الأذى به لو صلَّى قائماً، جاز له الصَّلاة جالساً، ولو غلب على ظنِّه أو أُخبر من قِبل الطَّبيب أنَّ صَلاته قائماً قد تؤدِّي إلى ضررٍ ما؛ مثل زيادة سَلس البول، أو سَيلان جرحه، أو إبطاء شفائه، فله عند ذلك الصَّلاة جالساً.
اقرأ أيضا: حكم صلاة النافلة بعد إقامة صلاة الفريضة