من هو النبي الذي دخل الشجرة
من سنة التفضيل في الكون أن اختار الله -عز وجل- صفوة من عباده من بني البشر ليكونوا أنبياء ورسلا للناس، والأنبياء أشرف خلق الله تعالى، والأعلام التي يهتدي بها الناس، ويسأل الكثير من الناس أسئلة تتعلق بالأنبياء مثل سؤال من هو النبي الذي دخل الشجرة وما سبب ذلك؟
من هو النبي الذي دخل الشجرة
يقال أن النبي الذي دخل الشجرة هو سيدنا زكريا -عليه السلام- فقد جاء في كتب الأخبار أن زكريا -عليه السلام- هرب من قومه لما أردوا قتله، فانصدعت له شجرة فدخل في وسطها فالتأمت عليه، فجاء قومه بالمنشار فقطعوا به الشجرة فقطع معها نصفين.
قال ابن كثير -رحمه الله في كتاب قصص الأنبياء: وقد اختلفت الروايات عن وهب بن منبه: هل مات زكريا عليه السلام موتا أو قتل قتلا أو أنه هرب من قومه فدخل شجرة فجاءوا فوضعوا المنشار عليهما فلما وصل إلى أضلاعه، أوحى الله إليه: لئن لم يسكن أنينك لأقلبن الأرض ومن عليها، فسكن أنينه حتى قطع باثنتين.
ثم ذكر الحديث وعقب عليه بقوله: هذا سياق غريب جدا وحديث عجيب ورفعه منكر وفيه ما ينكر على كل حال، وقيل إن النبي الذي قطع وسط الشجرة هو يحيى بن زكريا وقيل شعيباً، ولا يوجد في ذلك على نص صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اقرأ أيضا: النبي الذي امره الله ببناء السفينة
سيرة النبي زكريا
ينسب زكريا -عليه السلام- إلى بني إسرائيل، واختلف في اسم أبيه بين حنا ودان وأدن، ويصل نسبه إلى نبي الله سليمان بن داود، وورد عن الإمام القرطبي أن العلاقة التي تربط زكريا -عليه السلام- بمريم -عليها السلام- كانت من جهة زواجه بخالتها؛ فزكريا هو زوج خالة مريم، وفي قول آخر: أنه زوج أختها، وعند القتبي: أن امرأة زكريا -عليه السلام- اسمها إيشاع بنت عمران، وبناء على هذا القول فإن يحيى ابن خالة عيسى عليه السلام.
بعد أن رأى زكريا -عليه السلام- نفسه وقد بلغ به العمر مبلغا كبيرا، واشتعل رأسه من كثره الشيب، وتذكر أن امرأته عاقر ولم تنجب له مولودا، فأحس بالخوف على اندثار الشريعة وفساد الناس، وأصابه الهم من أن يترك الدنيا دون ولي يرث عنه الحكمة التي وهبها الله -تعالى- له؛ فتوجه إلى الله -سبحانه وتعالى- بالدعاء بأن يرزقه الولد؛ ليرث عنه النبوة والشريعة.
إن الذي زاد من حماس زكريا -عليه السلام- ورجاءه بالله -تعالى- ذهابه ذات يوم إلى المعبد، فوجد مريم -عليها السلام- معتكفة في محرابها، تناجي ربها، ورأى عندها في المحراب ما شد انتباهه، حيث رأى بين يديها فاكهة الصيف في وقت الشتاء، وعندما سألها عن سر ذلك، أخبرته أن هذا رزق من الله بغير حساب.
ولقد أثارت رؤية مريم -عليها السلام- عند محرابها شجونا كثيرة في نفس زكريا عليه السلام، وتعمق إيمانه بالله -تعالى- بعد أن رأى عجائب قدرة الله -تعالى- مع مريم عليها السلام؛ فدعا ربه بأن يهبه الولد رغم غياب الأسباب الظاهرة؛ فهو طاعن في السن، وزوجته عاقر، وتوجه بقلب مخبت إلى الله تعالى: (رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء).
وكان هذا المشهد من حياة نبي الله زكريا الذي خلده القرآن الكريم تأكيدا على أن قدرة الله -تعالى- لا تقاس بالأسباب، ولا تفرضها القوانين، وإن أمر الله -تعالى- لا يحتاج إلى توفر مقدمات ومتطلبات.
اقرأ أيضا: مامعنى اسم زكريا وصفاته
كيف مات زكريا عليه السلام
ورد عن بعض المؤرخين كالطبري أن فساد بني إسرائيل له ارتباط بقتل زكريا ويحيى عليهما السلام، والشاهد فيما نقل عنه أنهما ماتا قتلا، وقد ورد قتل بني إسرائيل للأنبياء في القرآن الكريم في أكثر من موضع، فقد قال الله عز وجل: (ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون).
يذكر كثير من المفسرين رواية قتل زكريا ويحيى -عليهما السلام- استدلالا بهما عند تفسيير هذه الآيات، وقد جاءت بعض الروايات عن بعض الصحابة والتابعين التي يبدو من ظاهرها أنها قد أخذت من روايات أهل الكتاب، ومنها أن بعض ملوك بني إسرائيل في مدينة دمشق أراد الزواج ممن تحرم عليه في شريعتهم، فنهاه يحيى -عليه السلام- عن فعل ذلك، فلم ينته عما أراد، فاستنكحها لنفسه، وطلبت منه دم يحيى، فقتل يحيى إرضاء لها.
وفي شأن مقتل نبي الله زكريا وعلاقة ذلك بقتل ولده يحيى -عليهما السلام- جاءت بعض الروايات؛ منها: أن زكريا بعد سماعه بمقتل ولده يحيى خرج حتى دخل بستانا عند بيت المقدس، فأرسل الملك في طلبه، وبينما هو في البستان نادته إحدى أشجاره أن يذهب إليها، فلما ذهب إليها انشقت واختبأ في وسطها، وأخبر الشيطان أعوان الملك بمكانه، وأحضر لهم جزءا من ثوبه دليلا على صدقه، فجاءوا إلى الشجرة التي اختبأ فيها نبي الله زكريا وشقوها نصفين بالمنشار؛ فمات زكريا -عليه السلام- وهو داخل الشجرة.
اقرأ أيضا: النبي ذو النون