جاءت تشريعات الإسلام بنظامٍ اقتصاديٍّ متكاملٍ، يضمن فيه حقوق البائع والمشتري، ووضع فيه من القواعد والأسس ما يجعل البيع يتم بصورة منضبطة لحِفظ حقوق الناس، ومنعاً لما قد يحدث بينهما من الغِشِّ، والغبن، والاحتكار، والخِداع، والتضليل، وتكثر الأسئلة حول الأحكام الشرعية للعقود والأسهم المالية مثل حكم الأسهم الأمريكية.
حكم الأسهم الأمريكية
إنّ مبدأ المشاركة في الشركات الصناعية والتجارية أو الزراعيّة هو أحد المبادئ المسّلم به شرعًا فهو خاضع للخسارة أو الربح، وهو حلال شرعًا ولا شيء فيه، ولكنّ الشرط أن تكون تلك الشركات بعيدة عن التعامل بالربان سواءً في الأخذ أو في العطاء.
إذًا فإنّ حكم الأسهم الأمريكية وغيرها من الأسهم الأجنبيّة أنّه جائز ولكنّ بشروط، وهي أّلا تكون هذه الأسهم في شركات ربويّة أو في شركات تتعامل بما هو مُحرّم، لذلك فعلى المسلّم أن يتحرّى قبل شرائه أسهمًا في تلك الشركات، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا: كيفية شراء اسهم في البورصة الامريكية
حكم التداول بالأسهم
تُعتبر الأسهم أداة من أدوات التمويل الأساسية؛ لتكوين رأس المال في الشركات المُساهمة، إذ تُطرح للاكتتاب العام ضمن مُهلة محدّدة وضوابط مُعينّة يُعلن عنها في نشرة الإصدار، ويقصد بالسهم الحصّة التي يقدمها الشريك في شركات المساهمة، و هو يمثل جزءاً معيناً من رأس مال الشركة، ويتمثل في صك يعطى للمساهم ويكون وسيلة إثبات حقوقه في الشركة.
بيّن العلماء حكم تداول الأسهم شراءً ومضاربةً، والضابط في ذلك عمل الشركة التي يشتري المسلم جزءاً من أسهمها؛ فإن كان عملها حلالاً مباحاً مجتنبةً الربا والمحرّمات في تعاملاتها؛ جاز للمسلم تداول أسهمها بيعاً وشراءً؛ لانضباطها بالأحكام الشرعيّة في تعاملاتها.
أمّا إن كان عمل الشركة محرّماً؛ كشركات التأمين التجاريّ، والبنوك الربويّة، ومصانع الخمور، فلا يجوز للمسلم المشاركة فيها بشراء أسهمها أو الترويج لها؛ لأنّ ذلك يُعتبر من باب المعاونة على الإثم، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
وفي حال كان عمل الشركة مختلطاً؛ بمعنى أن يكون عملها في الأصل مشروعاً؛ كشركات النقل، ولكنّها تضع أرصدتها في البنوك التجاريّة أو تأخذ قروضاً ربويّةً؛ فذهب جمهور العلماء إلى القول بتحريم المشاركة فيها؛ لأنّ الشراكة فيها تعني المشاركة في الإثم والمحرّمات والإعانة عليها.
اقرأ أيضا: حكم صدقة التطوع
حكم التعامل ببورصة الأسهم
الأحكام الشرعية المترتبة على التعامل ببورصة الأسهم المالية كثيرة ومتنوعة، وإعطاء حكم شرعي عام بشأنها متعسّر، والأصل بيان طبيعتها، وصورة المعاملات المالية التي تنتظم بها، ثمّ يجري تقديم الحكم الشرعي بشكلٍ خاصٍّ بكلّ مسألة على حدة، ولذلك أفتى مجمع الفقه الإسلامي بأنّ:
- العقد القائم على دفع الثمن مباشرة (العاجل) للسّلعة الحاضرة المراد بيعها يُشترط أن تكون مملوكة للبائع ملكاً حقيقياً، ويجري فيها التقابض في مجلس العقد هي من العقود الجائزة، شريطة أن يقوم العقد على بيع السلع المباحة.
- يستثنى من شرط التقابض السلع التي يُجَوِّز الشرع تأخير قبضها.
- إذا لم تكن العين المباعة في ملك البائع فيجب أن تتوفر شروط السَّلم في هذا العقد، ولا يجوز للمشتري التصرف بالسلعة المباعة قبل قبضها.
- عقد السَّلم في اصطلاح الفقهاء هو عقد بيع لسلعة مؤجّلة، لكنّها موصوفة في الذّمة مقابل ثمن يُعطى عاجلاً.
- العقد العاجل في أسهم الشركات والمؤسسات الربحية عقد جائز بشرطين: أن تكون الأسهم مملوكة للبائع، وأن يكون موضوع التعامل مباح شرعاً.
- عقد البيع المسمّى بسندات القروض بفائدة، سواءً أكان عقد عاجل أو آجل، محرّمة شرعاً بكلّ أنواعها؛ لأنّها معاملات تقوم على التعامل بالربا.
- عقود البيع القائمة على الدفع المؤجّل، وتجري على الأسهم أو السلع التي لا يملكها البائع بالكيفية التي تجري في الأسواق المالية (البورصة) محرّمة شرعاً؛ لأنّها تتضمن بيع المرء ما لا يملك، إذ يكون اعتماده في عقد البيع على اعتبار ما سيكون في ملكه بعد شرائه، وقد جاء النهي الشرعي صريحاً بذلك، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لا تبعْ ما ليسَ عندكَ). (( الراوي : حكيم بن حزام | المحدث : ابن الملقن | المصدر : البدر المنير، الصفحة أو الرقم: 6/448 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- لا يصحّ قياس صورة البيع في العقود الآجلة في السوق المالية على صورة بيع السلم الجائزة في الشرع، لأنّه في تعاملات الأسواق المالية لا يُدفع الثمن في العقود الآجلة في نفس مجلس العقد، بل يتمّ تأجيل دفع الثمن إلى موعد التصفية، خلافاً للثمن في بيع السلم، حيث يشترط أن يُدفع في مجلس العقد، كما تُباع السلعة نفسها المتّفق عليها في العقد عدّة بيوعات متتالية؛ فلا هي خرجت من ذمة البائع الأول، ولا حتى المشتري الأول حازها وتملّكها.
اقرأ أيضا: البورصة العالمية للعملات
حكم التعامل بالأوراق المالية
يجوز التعامل بالأوارق الماليّة والعملات المختلفة بشرط أن يحصل التقابض في المجلس؛ لأنّ تأخير القبض يعني وجود الربا في المعاملة، فيجوز للمسلم أن يشتري عملةً مُعيّنةً مقابل عملةً أخرى إذا كان التقابض في نفس المجلس، ودون أن يتأخّر قبض الثمن.
اقرأ أيضا: حكم العملات الرقمية