ما هي العاديات من الأسئلة الشائعة عند الكثير من المسلمين خصوصاً وأنها ترتبط عند العرب بصفات المروءة والكرم والشجاعة، حيث كانت تمتلك مكانة بارزة عندهم، ولا شكّ أن هذه المنزلة بقيت مع ظهور الإسلام، لا بل أكثر من ذلك عندما أقسم بها رب العزة في سورة العاديات والتي سُمّيت باسمها.
ما هي العاديات
العاديات هي الخيل التي تعدو في الغزو وتوصف بالعاديات لشدة سرعتها بحيث يسمع صوت أجوافها عند الركض وفيها تعظيم للخيل لما لها من دور عظيم في الجهاد في سبيل الله.
تشتمل السنة النبوية على عدة أحاديث عن الخيل العاديات مثل قوله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس من فرسٍ عربيٍّ، إلا يُؤذَنُ له مع كلِّ فجرٍ يدعو بدعوتَين، يقول : اللهم إنك خوَّلْتَني مَن خوَّلْتَني من بني آدمَ ، فاجعلْني من أحبِّ أهلِه و مالِه إليه. (( الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 2414 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخيل: الخيلُ معقودٌ في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ. والخيلُ ثلاثةٌ : فَهيَ لرجلٍ أجرٌ ، ولرجلٍ سترٌ ، وعلى رجلٍ وزرٌ. فأمَّا الَّذي هيَ لَهُ أجرٌ فالرَّجلُ يتَّخذُها في سبيلِ اللهِ ، ويعدُّها لَهُ ، فلاَ تغيِّبُ شيئًا في بطونِها إلاَّ كتبَ لَهُ أجرٌ ، ولو رعاها في مرجٍ ، ما أَكلت شيئًا إلاَّ كتبَ لَهُ بِها أجرٌ ، ولو سقاها من نَهرٍ جارٍ كانَ لَهُ بِكلِّ قطرةٍ تغيِّبُها في بطونِها أجرٌ ، حتَّى ذَكرَ الأجرَ في أبوالِها وأرواثِها ، ولوِ استنَّت شرفًا أو شرفينِ ، كتبَ لَهُ بِكلِّ خطوةٍ تخطوها أجرٌ. وأمَّا الَّذي هيَ لَهُ سترٌ ، فالرَّجلُ يتَّخذُها تَكرُّمًا وتجمُّلاً ولاَ ينسى حقَّ ظُهورِها وبطونِها في عسرِها ويسرِها. وأمَّا الَّذي هيَ عليْهِ وزرٌ ، فالَّذي يتَّخذُها أشرًا وبطرًا وبذخًا ورياءَ النَّاسِ ، فذلِكَ الَّذي هيَ عليْهِ وزرٌ. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 2265 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
اقرأ أيضا: خواطر عن الخيل
سورة العاديات
جاءت إحدى سور القرآن الكريم باسم العاديات، وسُميت هذه السورة بهذا الاسم لقسم الله -عز وجل- بها في الآية الأولى من السورة “وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا”، والعاديات هي صفةٌ من صفات الخيل وتعني شديدة السرعة بحيث يُسمع صوت أجوافها عند ركضها ثم توالت الآيات التي تصف الخيل وفي هذا الذِّكر تكريمٌ وتعظيم للخيل لما لها من دورٍ فاعلٍ في الجهاد في سبيل الله، وعنِ ابنِ عباسٍ قال : سألني رجلٌ عن العادياتِ فقلتُ : الخيلُ ، قال : فذهب إلى عليٍّ فسأله فأخبرَه بما قلتُ ، فدعاني فقال لي : إنما العادياتُ الإبلُ من عرفةَ إلى مُزدلفةَ. (( الراوي : ابن عباس | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : فتح الباري لابن حجر، الصفحة أو الرقم: 8/599 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))
ويلتقي هذا الجو بالصورة الإنسانية التي يتمثل فيها الإنسان وهو جاحدٌ لربه، لاهثٌ في مشاعره نحو المال، ومشغولٌ به عن مسؤوليته في ما ينتظره في الدار الآخرة من المصير، فلا يلتفت إذا جاءت الهزّة التي تبعثر كل الأجساد المدفونة في القبور، وينطلق الجوّ الهائل في الآخرة لتتبعثر الأسرار المخزونة في الصدور، فلا يبقى هناك سرّ خفيّ مما اعتاد الإنسان أن يخفيه عن الآخرين. وهكذا يرى الإنسان الغافل اللاهي العابث، أن الله خبير بعباده فلا يعزب عن علمه مثقال ذرّة، فكيف يتصرفون بعيداً عن ذلك؟
مضمون سورة العاديات
جاء مضمون سورة العاديات باعتبار تقسيم آياتها على النحو التالي:
- الآيات (1-5) بدأت السورة بالقسم بخيل الغزاة المجاهدين في سبيل الله، حين تغير على العدوّ. إظهاراً لشرفها وفضلها عند الله، ولما فيها من المنافع الدينية والدنيوية، فيسمع لها عند عدوها بسرعة صوت شديد، وتقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير منها النار، وتثير التراب والغبار.
- الآيات (6-8) تدل الآيات على أن الإنسان كفور لنعمة الله تعالى عليه، جحود لآلائه وفيوض نعمائه، وهو معلن لهذا الكفران والجحود، بلسان حاله ومقاله، لكن عقله وفطرته يشهدان على تقصيره بكفرانه، كما تحدثت عن طبيعة الإنسان وحبه الشديد للمال. وإنه لحب المال والدنيا وإيثارها لقويّ، ولحب تقوى الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس.
- الآيات (9-11) ختمت السورة ببيان أن مرجع الخلائق إلى الله للحساب والجزاء، ولا ينفع في الآخرة مال ولا جاه، وإنما ينفع الأيمان والعمل الصالح، وفي ذلك تهديد للجاحد ووعظ ليتذكره المؤمن بأن وراءهم حساباً على أعمالهم بعد الموت. فبعد أن عدد عليه قبائح أفعاله خوفه: ألا يعلم أن ربه سيبعثه من قبره في الآخرة بعد الموت، ويخرج ما في صدره من أسرار ونوايا مكتومة، فيظهر ما فيها من خير أو شر. أن ربهم عالم بأسرارهم وضمائرهم وأعمالهم، فيجازيهم على حسبها يومئذ.
اقرأ أيضا: تفسير سورة العاديات للاطفال