الصيام عبادة عظيمة لها أجر عظيم، وثواب جزيل اختص الله به عبادَه المُمتثلين أمره، والمُجتنبين الشهوات، والملذّات في يومهم، كما يُعدّ الصيام من العبادات التي تحفظ المؤمن من الزلل، والفِتن، وتُزكّي أخلاقه، وهناك العديد من الأحكام الخاصة بالصيام، ومن ضمن هذه الأحكام حكم صيام يوم السبت والجمعة.
حكم صيام يوم السبت
يُكرَه صيام يوم السبت مُنفرداً عند الشافعية، والحنفية، والحنابلة، باستثناء المالكية الذين قالوا بعدم الكراهة؛ للحديث الوارد في ذلك عن الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لا تصوموا يومَ السبتِ، إلا فيما افتُرِضَ عليكم، فإن لم يَجِدْ أحدُكم إلا لِحَاءَ عنبةٍ أو عودَ شجرةٍ فلْيَمْضُغْهُ) (( الراوي : الصماء بنت بسر المازني | المحدث : ابن باز | المصدر : حاشية بلوغ المرام لابن باز، الصفحة أو الرقم: 424 | خلاصة حكم المحدث : مضطرب ))
ويختلف حُكم صيام يوم السبت؛ تبعاً لأحواله، وبيان كلّ حالٍ من الأحوال، والحُكم المُتعلِّق به فيما يأتي:
الحالة الأولى: يجوز صيام يوم السبت دون اختصاصه بالصيام أو اعتقاد أنّ له مِيزةً عن غيره من الأيام، وذلك في صيام الفرض، كصيام رمضان، سواءً أداءً، أو قضاءً، وصيام الكفّارة، وغير ذلك من الصيام المفروض.
الحالة الثانية: يجوز صيام يوم السبت إن سُبِق بصيام يوم الجمعة، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين جويريّة أنّها قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا يَومَ الجُمُعَةِ وهي صَائِمَةٌ، فَقالَ: أصُمْتِ أمْسِ؟، قالَتْ: لَا، قالَ: تُرِيدِينَ أنْ تَصُومِي غَدًا؟ قالَتْ: لَا، قالَ: فأفْطِرِي). (( الراوي : جويرية بنت الحارث أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1986 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
الحالة الثالثة: يجوز صيام يوم السبت إن وافق صيامه صيام أيّامٍ مشروعةٍ للصيام، كصيام يوم عاشوراء، ويوم عرفة، والأيّام البِيض من كلّ شهر، وستّة أيام من شهر شوّال للذي صام رمضان، ونحو ذلك؛ فالصائم يصوم لمشروعيّة اليوم، وليس لاختصاص يوم السبت فقط.
الحالة الرابعة: يجوز صيام يوم السبت إن وافق صيامه عادةً عند الصائم، كمن يصوم يوماً، ويُفطر يوماً، والدليل في ذلك ما رواه الإمام مسلم أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضانَ بصَوْمِ يَومٍ ولا يَومَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كانَ يَصُومُ صَوْمًا، فَلْيَصُمْهُ). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1082 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
الحالة الخامسة: يُكرَه إفراد يوم السبت بصيام التطوُّع، ومن أقوال العلماء الواردة في ذلك:
- قال ابْنُ قدامة الحنبليّ في كتابه المغني: “قال أصحابنا: يُكْرَه إفراد يوم السبت بالصوم، والمكروه إفراده، فإن صام معه غيره، لم يُكرَه؛ لحديث أبي هريرة وجويرية، وإن وافق صوماً لإنسان لم يُكْرَه”.
- قال النوويّ الشافعيّ في المجموع: “يُكْرَهُ إفرادُ يومِ السبتِ بالصَّوم، فإن صام قَبْلَهُ أو بعده معه لم يُكره صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ إِفرادِهِ أَصْحَابُنَا، مِنهُمُ الدَّارمي والبغوي والرافعي وغيرهم؛ لحديث عبد الله بن بسر، وقال الترمذي: هو حديث حسن، قال: ومعنى النهي أن يختصّه الرجل بالصيام؛ لأن اليهود يُعَظِّمُونه”.
- قال الكاساني الحنفي: “ويُكْرَهُ صَوْمُ يوم السَّبت بانفراده؛ لأَنَّهُ تَشَبُّهٌ باليَهود، وكَذَا صَوم يَوم النَّيرُوز، والمهرجان؛ لأنّه تَشَبُّه بالمجوس”.
اقرأ أيضا: الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة
حكم صيام يوم الجمعة
قال كلٌّ من الشافعية، والحنفية، والحنابلة بكراهة صيام يوم الجمعة مُنفرداً، أمّا المالكيّة فقد قالوا بعدم الكراهة؛ وذلك استناداً إلى عددٍ من الأدلة:
- ما رواه الإمام مسلم في صحيحه: (سُئل جَابِرَ بنَ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، وَهو يَطُوفُ بالبَيْتِ أَنَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن صِيَامِ يَومِ الجُمُعَةِ؟ فَقالَ: نَعَمْ، وَرَبِّ هذا البَيْتِ). (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1143 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- ما رُوِي من حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تصوموا يومَ الجُمُعةِ، إلا وقبلَه يومٌ، أو بعدَه يومٌ). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 7356 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
- ما ثبت من حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بقِيَامٍ مِن بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بصِيَامٍ مِن بَيْنِ الأيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكونَ في صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ). (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1144 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
ومن الجدير بالذكر أنّ حُكم كراهة صيام يوم الجمعة ليس على عمومه؛ إذ تُوجد عدّة حالاتٍ يختلف الحُكم فيها، وبيانها فيما يأتي:
الحالة الأولى: يجوز صيام يوم الجمعة إن وافق عادة صيامٍ لدى الصائم؛ كمن اعتاد على صيام يومٍ، وإفطار يومٍ، ووافق يوم صيامه يوم الجمعة، فلا بأس في صيامه، ولا إثم عليه.
الحالة الثانية: يجوز صيام يوم الجمعة إن وافق صيام يومٍ مشروعٍ، كصيام يوم عرفة، على ألّا يكون قَصد الصائم تخصيص يوم الجمعة بالصيام، وإنّما تخصيص يوم عرفة به، والأمر ذاته في صيام يوم عاشوراء، إلّا أنّ الأفضل في صيام عاشوراء صيام يومٍ قبله، أو يومٍ بعده وعدم إفراده.
الحالة الثالثة: يجوز صيام يوم الجمعة مع صيام يومٍ قبله، أو يومٍ بعده، كصيام يوم الجمعة مع يوم السبت، أو يوم الخميس.
اقرأ أيضا: افضل الادعية والاذكار يوم الجمعة المبارك